سيناتور أمريكي: لهذا السبب أكافح لإلغاء صفقة الأسلحة الأخيرة إلى مصر

الجمعة 11 فبراير 2022 10:36 م

يُقال إن الملك "مينا" وحّد مصر قبل حوالي 5 آلاف عام، إلا أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تزال تعامل البلاد كما لو كانت دولتين اثنتين مختلفتين تمامًا؛ أحدهما حليفة حاسمة تستحق المساعدات الأمريكية، والأخرى طاغية لا تستحق المساعدة الأمنية الأمريكية.

ويفصّل تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان كيف حول الرئيس "عبدالفتاح السيسي" البلد إلى سجن.

ومن بين أهوال أخرى، تشارك قوات الأمن المصرية في عمليات تعذيب وقتل خارج نطاق القانون.

كما تتواصل حملات القمع القاسية ضد أي شخص يرغب في ممارسة الحق في حرية التعبير.

ونتيجة لسجل حقوق الإنسان المزري في مصر، حظرت إدارة "بايدن" مؤخرًا 130 مليون دولار من المساعدة الأمنية السنوية.

ولكن، قبل الإشادة بهذا الفعل الذي يبدو مبادئيًا وتضامنيًا مع الشعب المصري الذي عانى طويلًا، ضع في اعتبارك أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت في نفس الأسبوع على صفقتي مبيعات عسكرية إلى نظام "السيسي" بقيمة 2.5 مليار دولار.

ووفقًا للحكومة الفيدرالية الأمريكية، فإن هذه الصفقة يفترض أن "تحسن أمن حليف كبير من خارج الناتو لا يزال شريكًا استراتيجيًا مهما للولايات المتحدة".

عقاب غير رادع

تعد الـ130 مليون دولار التي حظرتها وزارة الخارجية الأمريكية مجرد عقاب ظاهري، فهي لا تمثل إلا عشر المساعدة السنوية الأمريكية لمصر التي تقدر بـ 1.3 مليار دولار، والتي تمنحها الولايات المتحدة لمصر سنويًا منذ عام 1987.

وفي الواقع، فإن مصر هي واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأمريكية، وقد استلمت حتى الآن 41 مليار دولار من المساعدات.

ولو كانت وزارة الخارجية ملتزمة فعلًا بـ "قوانين ليهي" (تحظر تقديم مساعدات لقوات أمن أجنبية تنتهك حقوق الإنسان) لما وافقت على إبرام صفقات عسكرية قبل أن تتخلى الحكومة المصرية عن أساليبها الاستبدادية.

ولكن بدلًا من ذلك، ستتكيف الطبقة الحاكمة في مصر بطريقة ما مع الـ 90% المتبقية مما يتوقعونه سنويًا من دافعي الضرائب الأمريكيين.

ليس من المستغرب أن مصر استخدمت هذا الكنز الأمريكي لشراء الأسلحة الأمريكية.

فمنذ عام 2009، باعت الولايات المتحدة لمصر طائرات مقاتلة بقيمة 3.2 مليار دولار، ودبابات ومركبات مدرعة بقيمة 1.3 مليار دولار، وصواريخ بقيمة750  مليون دولار، وذخائر بقيمة 369 مليون دولار، وتكنولوجيا عسكرية بقيمة 328 مليون دولار، وأسلحة بحرية بقيمة 240 مليون دولار.

ونظرًا لأن الولايات المتحدة تستعد لتفعيل عملية بيع عسكرية أخرى، فربما يجب أن نراجع كيف يعامل النظام "الحليف" شعبه.

انتهاكات حقوقية جسيمة

قال تقرير "هيومن رايتس ووتش": "اعتقل الجهاز الأمني المصري تعسفيًا عشرات الآلاف من الأشخاص، ومارس جرائم تعذيب واسعة وممنهجة وترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية".

ويعرف أحد ضحايا التعذيب وفق التقرير باسم "حمزة"، وقد اعتقل في منزله في وقت متأخر من أحد الليالي بسبب مشاركته في مظاهرة.

ولم تتمكن عائلته من الحصول على أي معلومات حول مكانه لأكثر من شهر.

وفي وقت لاحق، تم الكشف عن أن الضباط استخدموا الصدمات الكهربائية على أعضائه التناسلية ورأسه ولسانه.

لكن ذلك لم يكن كافيًا لرجال "السيسي" الذين علقوا "حمزة" من ذراعيه في وقت لاحق مما أدى إلى خلع كل من كتفيه، وتم إلقاء "حمزة" في نهاية المطاف على أرضية ممر لمدة 3 أيام دون غطاء.

ولا يطيق أي رجل هذا التعذيب، لكن "حمزة" لم يكن رجلًا، بل كان صبيًا يبلغ من العمر 14 عامًا وقت اعتقاله.

"حمزة" ليس وحده، حيث أظهرت قصص الضحايا الآخرين في تقرير "هيومن رايتس ووتش" المكون من 43 صفحة التعذيب الممنهج ضد الأطفال، بما في ذلك ضحية بلغ عمره 12 عامًا.

كما إن الصحافة في مصر مهنة خطيرة.

وعندما توفي رجل يبلغ من العمر 26 عامًا في قسم شرطة، قبض على الصحفي المصري "إسلام الكلحي" لتغطية حادثة الوفاة، وهو واحد فقط من العديد من الصحفيين المعروفين الذين سجنوا لأنه صحفي.

كما تم إلقاء القبض على المصور الصحفي "محمود أبو زيد" في عام 2013 لتغطيته الفض العنيف لاعتصام رابعة في القاهرة، وتم الإفراج عنه بعد 5 سنوات ولكنه لا يزال غير حر، حيث يتوجب عليه تقديم تقرير إلى مركز الشرطة في الساعة 6:00 مساء كل ليلة، ليقرر الضابط ما إذا كان "محمود" سيسجل حضوره فقط أم سيقضي الليل وراء القضبان.

وتصنف "لجنة حماية الصحفيين" مصر كثالث أسوأ دولة في العالم فيما يخص احتجاز الصحفيين، بعد الصين وميانمار.

ولكن ربما لا يوجد نشاط أكثر خطورة من الترشح لرئاسة مصر.

فقد أعيد انتخاب "السيسي" في عام 2018 بنسبة 97% من الأصوات، وأصبحت هذه النتائج التي تذكرنا بالطراز السوفيتي ممكنة بفضل القضاء على مرشحي المعارضة بشكل كامل.

وسُجن اثنان من المرشحين - "سامي عنان" و"أحمد قنصوة" - فيما وُضع الثالث "أحمد شفيق" تحت الإقامة الجبرية، وتعرض "هشام جنينة"، أحد كبار المسؤولين في حملة "عنان"، لهجوم وحشي من قبل 3 رجال، مما أدى إلى أضرار جسيمة بعينه اليسرى وعظامه المحيطة بعينه، وعندما انسحب المرشح الآخر "محمد أنور السادات" من السباق قال: "الترشح ضد شخص كهذا انتحار".

وتعهد "بايدن" بوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لكن إذا لم يكن تعذيب الأطفال والاعتقالات التعسفية للمعارضين والصحفيين والانتخابات المزورة والسحق العنيف للمعارضة السلمية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فما الذي سيكون انتهاكات إذن؟

لا يمكن للولايات المتحدة أن تؤكد بفخر أن حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية، في حين تسلح نظامًا يعلن الحرب على شعبه.

السعي لوقف صفقة ضخمة

ومن خلال ما سبق، يمكن فهم لماذا أضغط على مجلس الشيوخ للتصويت على قرار من شأنه إلغاء أحدث صفقة مبيعات عسكرية لحكام مصر المجرمين.

إن أخذ جزء من المساعدات العسكرية مع تقديم مبيعات جديدة هو ضعف في مواجهة القمع.

ولا يمكن لهذا العقاب الظاهري أن يخفي حقيقة أن الولايات المتحدة كافأت مصر بسخاء بالرغم من أنها أصبحت أكثر الأماكن استبدادا في العالم.

يجب أن توضح أمريكا بشكل حاسم وقاطع أنها لن تدعم ديكتاتوريًا بعد الآن.

يجب التخلص من وهم أن مصر بلدان مختلفان، فمصر حاليا موحدة تحت حكم طاغية.

وعلى الولايات المتحدة أن تختار إما أن تقف مع الشعب المصري أو مع ظالميه.

المصدر | السيناتور راند بول/ ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة أسلحة مصر السيسي الولايات المتحدة بايدن المساعدات العسكرية لمصر حجب المساعدة العسكرية لمصر راند بول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر

دعم متواصل.. الولايات المتحدة تعتزم تزويد مصر بطائرات "إف-15"