تطورات تنذر بعودة تنظيم الدولة في سوريا والعراق

الأربعاء 23 فبراير 2022 04:42 ص

عاد تنظيم "الدولة" إلى دائرة الأضواء مجددًا مع تصاعد نشاط التنظيم في سوريا وتنفيذ عمليات لتهريب سجناء كما حدث في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتلقى التنظيم ضربة كبيرة الأسابيع الماضية مع مقتل زعيمهم "أبوإبراهيم الهاشمي القرشي". ومع ذلك، من المؤكد أن التنظيم سيحدد خليفة جديد بسرعة للنهوض مجددًا.

ومنذ اللحظة التي دمر فيها تنظيم "الدولة" حواجز الرمل التي تفصل سوريا والعراق في صيف عام 2014، أظهر التنظيم مرارًا وتكرارًا عزمه الصارم على البقاء مخالفًا كل التوقعات.

وجعل ذلك العديد من المراقبين يتساءلون عما إذا كان التنظيم يمكنه ترتيب عودة فعالة في المنطقة تسمح له بتشكيل تهديد كبير للأمن في العراق وسوريا.

وبالرغم أن تنظيم "الدولة" لم يعد له سيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي التي اعتبرها تابعة لـ"الخلافة"، فإنه لا يزال لديه الكثير من المساحات كي يعمل فيها، ويعد أحد أهم أسباب بقاء التنظيم هو الوضع السياسي في العراق وسوريا.

وأظهرت خلايا "الدولة" في الصحراء السورية قدرتها ليس على الاختباء والتجنيد فقط وإنما أيضًا على تنفيذ موجة من الكمائن والاغتيالات المميتة لأعضاء النظام السوري والمقاتلين الذين ينتمون إلى "قوات سوريا الديمقراطية" التي تدعمها الولايات المتحدة.

وفي العراق، تقدم الأراضي المتنازع عليها بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد - مثل كركوك - الكثير من التضاريس المتنوعة التي تسمح للتنظيم بالاختفاء والتخطيط للهجمات. وتعد الأودية والكهوف وجبال حمرين أماكن يصعب على قوات الأمن العراقية تنفيذ مداهمات فيها.

كما نشط تنظيم "الدولة" في منطقة مخمور العراقية الكردية بالقرب من أربيل وقتل عدة أعضاء من البيشمركة (الفرع الكردي للقوات المسلحة العراقية) في ديسمبر/كانون الأول. وفي حين تندر الهجمات الواسعة ضد المدنيين العراقيين في المناطق الحضرية الآن، فقد حدث تفجير انتحاري مزدوج في بغداد في يناير/كانون الثاني 2021 قتل 32 شخصًا وجرح أكثر من 100 آخرين. 

وبالرغم أن تنظيم "الدولة" تعرض للعديد من النكسات، لكنه قد يخفي في جعبته بعض الحيل التي ستتكشف مع الزمن. 

ويبرز هنا نموذج "هيئة تحرير الشام" التي قطعت علاقاتها مع تنظيم "القاعدة" في عام 2016 وسعت إلى إقامة علاقات إيجابية مع الغرب كما ركزت على تقديم الخدمات العامة والأمن من أجل تقديم صورة أكثر براجماتية وليونة أمام العالم الخارجي.

وتشن "هيئة تحرير الشام" حاليًا حملة اعتقالات ضد المقاتلين الأجانب في إدلب. وفي الماضي، قادت هذه التحركات بعض الجهاديين لأن يتساءلوا حول ما إذا كان هناك اتفاق تعاون ضمني بين أجهزة المخابرات الأجنبية و"هيئة تحرير الشام" للقضاء على بعض العناصر الإسلامية الذين لديهم رؤية عمليّاتية أكثر عالمية.

ويمكن أن يبدأ تنظيم "الدولة" في إعادة تقديم نفسه بطريقة مماثلة من أجل تخفيف الضغط العسكري الذي يواجهه ولجذب مجندين جدد من الجماعات الجهادية الأخرى، كما أن استعادة بعض الأراضي أمر بالغ الأهمية بالنسبة للتنظيم للعودة إلى مجده السابق، ومن الممكن أيضًا أن تتمكن النساء من لعب دور أقوى في مستقبل التنظيم.

ومع القضاء على المزيد من القادة المخضرمين الذين ينتمون لعصر التمرد فيما بعد عام 2003، ستصعد شخصيات أكثر شبابًا وربما أكثر ديناميكية في التنظيم. وربما يكون تنظيم "الدولة" الذي سنراه في 2025 مختلفًا جدًا عن التنظيم الذي عرفناه في 2015، وطالما ظل النزاع السوري بدون تسوية نهائية، فسيجد التنظيم فرصًا لاستكشاف طرق جديدة للعودة.

ومن أهم الإجراءات التي ينبغي للولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذها هو القيام بجهد حقيقي لحل مسألة السجون المكدسة بمقاتلي تنظيم "الدولة" وأفراد أسرهم منذ انهيار التنظيم.

أما الشيء المروع بشكل خاص، فهو العدد الكبير من الأطفال المحتجزين في ظروف صعبة للغاية في معسكرات اللاجئين أو الاحتجاز؛ مثل معسكر الحول السوري. وستكون هذه الظروف وقودا للجيل الجديد من أجل إحياء أيديولوجية التنظيم عندما تسنح الفرصة.

وتم إسناد مسؤولية هذه السجون لـ"قوات سوريا الديمقراطية" المثقلة بالمسؤوليات ولا يمكنهم الحفاظ على سيطرة طويلة الأجل على عدد كبير من السجناء الخطرين. ومن المرجح أن يواصل المقاتلون تنظيم هجمات جديدة على السجون التي تضم مقاتلي تنظيم "الدولة" من أجل تجديد صفوفهم.

وكانت الدول الأوروبية مترددة بشكل خاص في إعادة مواطنيها المشتبه في انتمائهم للتنظيم بالإضافة إلى أقاربهم، ولا يمكن لهذا أن يستمر.

ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة وإرسال فرق إلى معسكرات الاحتجاز من أجل تيسير إعادة المحتجزين إلى بلدانهم الأصلية حيث يمكنهم مواجهة العدالة أو إعادة تأهيلهم للعودة إلى المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، فإن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا حاليًا - بهدف معاقبة "بشار الأسد" ونظامه لارتكابهم عددًا لا يحصى من جرائم الحرب - ترقى لأن تكون في الواقع شكلًا وحشيًا من العقاب الجماعي على جميع المواطنين السوريين.

ولن يساهم الفقر والبطالة واليأس إلا في دفع مزيد من العرب السنة المناهضين للنظام إلى صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية".

ولكن من المستبعد للغاية أن تكون الولايات المتحدة والدول الأوروبية على استعداد لرفع العقوبات ما لم يحدث انتقال سياسي في دمشق، حتى لو كانت بقية المنطقة تتجه نحو التطبيع مع النظام.

وربما يكون هذا التقارب العربي مع سوريا ثقيلًا على الغرب على المدى القصير، لكنه على المدى الطويل يسمح لسوريا بالتعافي وتخفيف الركود الاقتصادي، ما سيساعد في كبح تأثير "الدولة".

ستستمر الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون في الانخراط في عمليات عسكرية ضد تنظيم "الدولة" كما تجلى مؤخرًا.

ومن المهم تعزيز قدرات الاستخبارات والتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية، ولكن يجب القيام بالمزيد من أجل التعامل مع هذا الموقف المعقد.

وقد نرى في المستقبل أن الدول الغربية تحاول تشكيل تحالفات جديدة مع الجهات الفاعلة التي لم تكن تحبذها، مثل "هيئة تحرير الشام" أو النظام السوري، من أجل إبقاء "الدولة".

ويجب النظر إلى تعزيز الاستقرار السياسي والدبلوماسية والمصالحة المحلية والانتعاش الاقتصادي والمصالح الإنسانية على أنها عوامل ترتبط مباشرة بمكافحة الإرهاب.

المصدر | كريستوفر سولومون/ إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية داعش الولايات المتحدة سوريا العراق الأسد عودة تنظيم الدولة هيئة تحرير الشام عقوبات اقتصادية

خلافة القرشي.. تنظيم الدولة يختار أميره من بين أربعة أسماء

في بغداد.. لقاء أمني رباعي بين روسيا والعراق وسوريا وإيران

العراق.. عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة في 3 محافظات