24 ساعة نفطية ساخنة.. الإمارات تربك أسواق الطاقة

الخميس 10 مارس 2022 09:36 م

تطورات متسارعة، وارتباك أعقبه استقرار نسبي، ذلك الذي أحدثته الإمارات في سوق النفط خلال الـ24 ساعة الماضية، عبر بيان تضمن موافقة ضمنية على زيادة الإنتاج، تلاه ترحيب أمريكي، ثم تصريح رسمي من أبوظبي ينفي صحة ما جاء في البيان، لتتوالى التأويلات والتفسيرات حول مستقبل أسعار الطاقة المضطربة.

فمع غروب شمس الأربعاء، نشر سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة "يوسف العتيبة" بيانا أكد فيه أن بلاده تفضل زيادة إنتاج النفط.

وقال "العتيبة" في بيان: "نحن نفضل زيادة الإنتاج وسنشجع أوبك على النظر في مستويات إنتاج أعلى".

وأضاف: "لقد كانت الإمارات لأكثر من 50 عامًا، موردًا موثوقًا ومسؤولًا للطاقة للأسواق العالمية، وتعتقد أن الاستقرار في أسواق الطاقة أمر بالغ الأهمية للاقتصاد العالمي".

وعلى الفور رحب وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" بالموقف الإماراتي، لا سيما أنه جاء في وقت تسعى فيه واشنطن وحلفاؤها إلى إبعاد روسيا عن سوق النفط بعد غزوها لأوكرانيا.

وقال "بلينكن": "من المهم أن تقوم أوبك+ بزيادة إنتاج النفط من أجل استقرار أسواق الطاقة العالمية، والتأكد من أنه لا يزال هناك إمدادات وفيرة من الطاقة حول العالم".

بيان "العتيبة" وما أعقبه من ترحيب أمريكي، جاء بعد يوم من مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الإماراتي "عبدالله بن زايد" حيث قال "بلينكن" إنهما "أمضيا وقتًا طويلاً على الهاتف".

كما يأتي أيضا بعد يوم من فرض الرئيس الأمريكي "جو بايدن" حظرا فوريا على واردات النفط والطاقة الروسية الأخرى ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وعلى إثر هذه التطورات والتصريحات، تهاوت أسعار النفط الأربعاء لأكثر من 15%، ليهبط خام برنت تحت 113 دولارًا للبرميل، بعدما اقترب من 130 دولارا.

وكانت أسعار الخام ارتفعت في التعاملات المبكرة، ثم تحولت للهبوط واستمرت في تعميق خسائرها لأكثر من 15%، قبل أن تقلصها نسبيًا في نهاية التداول.

غير أن هذا التفاؤل بتراجع أسعار النفط لم يدم طويلا، إذ سارع مسؤول سعودي رفض الكشف عن هويته بالإدلاء بتصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال" أكد فيها أن تغير موقف الإمارات إزاء حجم إنتاج النفط، لم يكن بتنسيق مع السعودية أو منظمة "أوبك".

وأوضح المسؤول السعودي أن قرار أبوظبي في هذا الإطار جاء بضغط من الولايات المتحدة التي تطالب الدول المنتجة للنفط بزيادة الإنتاج لمحاولة تعويض النفط الروسي الذي فرضت واشنطن حظرا عليه على خلفية غزو أوكرانيا.

وعقب تصريح المسؤول السعودي، تراجعت الإمارات على الفور ونفت ضمنيا ما جاء في بيان "العتيبة"، وأكد وزير الطاقة الإماراتي "سهيل المزروعي"، الخميس، التزام بلاده بحصص إنتاج تحالف "أوبك بلاس" بقيادة السعودية وروسيا.

وقال "المزروعي" في تغريدات على "تويتر": "تؤمن الإمارات بالقيمة التي يجلبها أوبك بلاس لسوق النفط"، مضيفا: "دولة الإمارات ملتزمة باتفاقية أوبك بلاس وآليتها الحالية لتعديل الإنتاج الشهري".

وتعد السعودية والإمارات، وبدرجة أقل الكويت والعراق، الدول الوحيدة في منظمة أوبك القادرة على ضخ المزيد من النفط. وتملك هذه الدول طاقة احتياطية تقدر بما بين 2,5 مليون و3 ملايين برميل يوميا.

لا يمكن تفسير هذه التطورات دون النظر إلى ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، عن مسؤولين من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، حول محاولة البيت الأبيض، دون جدوى، ترتيب عقد مكالمات هاتفية بين الرئيس "بايدن" وزعماء السعودية والإمارات حيث كانت الولايات المتحدة تعمل على بناء دعم دولي لأوكرانيا واحتواء ارتفاع أسعار النفط.

لكن البيت الأبيض خرج ونفى صحة ما نقلته الصحيفة، وقال إن "بايدن" لم يطلب مكالمة وليي عهد السعودية "محمد بن سلمان" وأبوظبي "محمد بن زايد" للحديث معهما بخصوص إنتاج النفط، وما نقل في هذا الصدد غير دقيق.

هذه التطورات المتلاحقة والواردة من هنا وهناك، لا سيما وأن جميعها واردة من مصادر رسمية أو شبه رسمية، فتحت الباب على مصراعية بخصوص ما يجري خلف الكواليس.

إذ ذهب مراقبون إلى أن البيان الإماراتي والترحيب الأمريكي كانوا أشبه بجس نبض للدول المنتجة المهتمة بزيادة الإنتاج مثل العراق لإصدار دعوات مماثلة ودفع السعودية للتواكب معاها، ولكن عندما سارت الأمور عكس الاتجاه ورفضت الرياض طرح أبوظبي، تراجعت الأخيرة عن موقفها.

طرح آخر تدفع التفاصيل نحو منطقيته، وهو أن أمريكا حاولت عقد صفقة منفردة مع الإمارات على حساب السعودية، لكن الأمر لم يكتمل حتى الآن، إذ أن معارضة الرياض أفشلت الصفقة، إذ تحرص أبوظبي على السير في الظل النفطي للمملكة صاحبة القوة الضاربة في هذا الصدد.

وكالة "رويترز"، من جانبها اعتبرت أن تضارب تصريحات المسؤولين الإماراتيين بشأن مستوى إنتاج بلادهم من النفط، وآثاره اللافتة على أسعار السوق هو "رسالة تنبيه إلى واشنطن"، مشيرة إلى أن هذا التضارب "متعمد" على الأرجح.

وذكرت مديرة الوكالة في الخليج، اللبنانية "سامية نخول"، أن تضارب التصريحات الإماراتية كان بمثابة "استعراض عضلات نفطية" عبر التسبب في خفض أسعار النفط بنسبة 13% في يوم واحد، بعد عدة أيام من مطالبات واشنطن بزيادة مستوى الإنتاج دون استجابة من أبوظبي.

وأضافت أن الإمارات أظهرت القوة التي يتمتع بها المنتجون الخليجيون في السوق، بعدما تجاهلت، هي والسعودية، مناشدات الولايات المتحدة للتدخل من أجل كبح زيادة أسعار النفط، التي تهدد بركود عالمي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي هذا الإطار، تنقل مديرة "رويترز" عن رئيس مركز الخليج للأبحاث "عبدالعزيز الصقر" أن التصريحات الإماراتية المتضاربة "كانت متعمدة"، وتحمل رسالة للولايات المتحدة، مفادها: "أنت بحاجة إلينا، ونحن بحاجة إليك، فلنحل الخلافات بيننا".

ومع كثرة التأويلات والتفسيرات لما يحدث يبقى الطرح الراجح والذي يعد مثار اتفاق كثيرين أن تحالف "أوبك بلس" النفطي مستقر في المدى المنظور وهو ما يعني الأسعار ستحافظ على مستويات مرتفعة، في المدى المنظور على الأقل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات النفط سوق النفط أمريكا بايدن السعودية

سعر البنزين يرتفع إلى مستوى تاريخي في بريطانيا

زيارة جونسون للسعودية والإمارات.. النفط قبل حقوق الإنسان

بدعم من النفط..أسواق الإمارات تغلق على ارتفاع