استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الشهامة والمروءة في مواجهة الاستسلام

الخميس 9 يونيو 2022 12:19 م

الشهامة والمروءة في مواجهة الاستسلام

متى ستفرض الإرادة الشعبية الحرة نفسها على كل المتلاعبين وتنبذ قليلي المروءة؟

الأرض العربية تزخر بمشاهد سياسية تتواجه فيها المروءة والشهامة وعزة النفس مع أضدادها وما يناقضها من قيم وأخلاق ذميمة.

أغلب القيادات العربية الحاكمة، لا تعبأ بقراءة التاريخ والاستفادة من عبره ودروسه، ولا بما يفرضه من التزامات هوياتية وأخوة سياسية ومصالح مشتركة.

متى سينفد صبر المطبعين المخدوعين والمهللين المجانين؟ متى سيعرف المطبعون وأزلامهم أن المسجد الأقصى والكنائس ستغلق، والمصلين سيمنعون؟

رد إسرائيل على التطبيع: زيادة الاغتيالات والاعتقالات والاقتحامات والأطفال المشردين والبيوت المهدمة والأشجار المقتلعة والمياه المسروقة والتجويع والحصار.

أظهر العراق التزامه القومي الرائع بخوض معركة الصراع العربي الصهيوني الوجودي، وبالتالي إسناد الشعب العربي الفلسطيني في مواجهته البطولية للكيان الصهيوني.

إلى متى تظل الشعوب والمجتمعات المدنية العربية تتفرج على المشاهد السيريالية ولاعبيها المجانين دون أن تحرك ساكناً بفعل رجولي بطولي، وليس بكلام معاد وآهات بليدة؟

* * *

تظل الأرض العربية تزخر بالمشاهد السيريالية في حقل السياسة، حيث تتواجه المروءة والشهامة وعزة النفس مع أضدادها وما يناقضها من قيم وأخلاق ذميمة.

في العراق، الذي يظل ملتزماً بقوميته العروبية، رغم ما أصابه من الهجمة الاستعمارية الأمريكية الصهيونية، ومن تدخلات جيرانه التي لا تنقطع، أظهر الشعب العراقي التزامه القومي الرائع بخوض معركة الصراع العربي الصهيوني الوجودي، وبالتالي إسناد الشعب العربي الفلسطيني في مواجهته البطولية للكيان الصهيوني.

كان رداً حاسماً من قبل البرلمان العراقي على القلة الخائنة التي تنادي بالتطبيع والسلام مع سلطات الكيان الصهيوني من قبل العراق ذي التاريخ القومي البطولي الرائع.

في وجه ذلك النبل وتلك الشهامة سمعنا وقرأنا ورأينا شتى أنواع القرارات والممارسات المخولة من قبل البعض تجاه الموضوع الفلسطيني. لقد أقامت بعض سفارات العدو الصهيوني احتفالات بمناسبة مرور 74 سنة على اغتصابه لفلسطين وتشريده لأهلها من خلال الحملات الممنهجة، من التشريد والترويع والقتل، وتدمير المساكن وسجن الألوف من دون محاكمات، وترويع الأطفال ومنع رجوع اللاجئين إلى منازلهم وقراهم وأراضي أجدادهم!

فاذا بنا نرى ذلك البعض يحتفل بيوم قيام ذلك الكيان جنباً إلى جنب مع سفراء وموظفي ذلك الكيان، رقصاً وابتسامات ومصافحات حميمة وتصريحات حقيرة بالتهنئة. ويتناسى ذلك البعض محنة الشعب العربي الفلسطيني ودموع وغضب الأمة العربية في ذلك اليوم المشؤوم: يوم اغتصاب فلسطين وحقوق شعبها العربي التاريخية، وتنفيذ المشروع الاستعماري الغربي لفصل الجناح المشرقي من الوطن العربي عن جناحه المغربي.

تواجهت رقصات وضحكات وابتسامات تلك القلة العربية السفيهة المتعايشة مع جريمة القرن العشرين الصهيونية الكبرى، مع تكبيرات وشعارات وأهازيج أعضاء البرلمان العراقي النبيلة الرائعة الرافضة لتلك الجريمة الصهيونية، وأضاف البعض لذلك المشهد المأساوي قرارات انتهازية مرعبة:

اتفاقات تجارة حرة متعاونة في ما بين دولها والكيان الصهيوني، في خطوة نحو تكامل تجاري واقتصادي وأمني وثقافي وديني في المستقبل المنظور، وفتح أجواء بعضها للطيران المدني (والعسكري؟) الصهيوني، كجزء من مقايضات سياحية يقبلها الكيان الصهيوني وتباركها عرافة التدخل والسيطرة على كل مقدرات الأمة العربية، الامبراطورية الأمريكية، وفتح مكاتب تجارية وسياحية صهيونية في بلاد البعض الآخر كمقايضة لوعد أمريكي واعد بشأن قضية خلاف بين تلك البلد وبعض جيرانها من «الأشقاء» العرب.

ويشاء القدر أن تتصادف تلك المشاهد التطبيعية المخزية من قبل البعض مع ذكرى حرب السادس من حزيران/يونيو عام 1967 الشهيرة، يوم قيام الكيان الصهيوني، باقتراح ودعم ومساعدات أمريكية، بشبه تدمير لثلاث قوى عسكرية في ثلاثة بلدان عربية، واحتلال سيناء والجولان وغور الأردن والضفة الغربية.

وبالطبع فإن المطبعين والراقصين والمصافحين لا يهمهم ذلك التاريخ، لأنهم أصلاً لا يأبهون بقراءته وفهم معانية ودلالاته المستقبلية. إنها فضيلة من فضائل أغلب القيادات العربية الحاكمة، التي لا تعبأ بقراءة التاريخ ولا بالاستفادة من عبره ودروسه، ولا بما يفرضه من التزامات هوياتية وأخوة سياسية ومصالح مشتركة.

لقد مرت فترة كافية منذ دخول العرب في موجة التطبيع الثانية، ولقد قيل لنا كتبرير لولوجها بأن الكيان الصهيوني سيخفف من ممارساته اللاإنسانية وجرائمه تجاه الشعب الفلسطيني كرد على مبادرة التطبيع، لكن العكس قد حدث: زيادة في عدد القتلى المغتالين والمساجين الأبرياء والأطفال المشردين والبيوت المهدمة والأشجار المقتلعة والمياه المسروقة وكل خطوات التجويع والمحاصرة، وارتفاع هائل في عدد الصهاينة اليمينيين المتطرفين!

فمتى سينفد صبر المطبعين المخدوعين والمهللين المجانين؟ متى سيعرف المطبعون وأزلامهم أن المسجد الأقصى والكنائس ستغلق، والمصلين سيمنعون؟

والسؤال: إلى متى ستظل الشعوب والمجتمعات المدنية العربية واقفة تتفرج على هذه المشاهد السيريالية ولاعبيها المجانين دون أن تحرك ساكناً من خلال الفعل الرجولي البطولي، وليس من خلال الكلام المعاد والآهات البليدة؟ متى ستفرض الإرادة الشعبية الحرة نفسها على كل المتلاعبين وتنبذ قليلي المروءة؟

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

العراق، فلسطين، الكيان الصهيوني، الاستسلام، التطبيع، الشهامة، المروءة، المجتمعات المدنية العربية، الشعوب،