تهديدات إيران النووية.. تكتيك تفاوضي أم تحول استراتيجي بتشجيع من روسيا؟

الأحد 7 أغسطس 2022 04:12 ص

منذ انطلاق البرنامج النووي الإيراني عام 1957، أصر القادة الإيرانيون، مع استثناءات قليلة، على أن البرنامج لأغراض مدنية وليس لدى الدولة نية لبناء قنبلة نووية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2003، أصدر المرشد الأعلى "علي خامنئي" فتوى تحرم إنتاج واستخدام أي شكل من أشكال أسلحة الدمار الشامل.

لكن خلال الفترة الأخيرة، أكد المسؤولون الإيرانيون بشكل متكرر أن طهران لديها حاليًا الوسائل التقنية لبناء سلاح نووي، لكنها لم تقرر بعد القيام بذلك.

فهل هذا التغير في الخطاب محاولة لتحسين موقف إيران في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، أم أنه يعكس تحولًا استراتيجيًا وتغيرًا في حسابات القيادة الإيرانية فيما يتعلق بالردع النووي، ربما بتشجيع من زيارة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الأخيرة إلى طهران؟

بدأت سلسلة التصريحات حول الخيار النووي الإيراني في 16 يوليو/تموز، حيث قال "كمال خرازي"، مستشار السياسة الخارجية لـ"خامنئي"، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" الفضائية: "إيران لديها الوسائل التقنية لإنتاج قنبلة نووية لكن ليس هناك قرار بعد بهذا الشأن".

في اليوم التالي، كرر المساعد السابق للسلطة القضائية في الشؤون الدولية "محمد جواد لاريجاني" تصريحات "خرازي" في مقابلة مع إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، قائلا: "إذا اتخذت إيران قرار صنع القنبلة النووية، فلا أحد يستطيع إيقاف ذلك".

ولم تكن هذه هي الكلمات الأخيرة حول الموضوع، حيث كرر نائب الرئيس ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية "محمد إسلامي" في 1 أغسطس/آب تصريحات "خرازي"، قائلا: "كما أشار السيد خرازي، تمتلك إيران الوسائل التقنية لإنتاج القنبلة النووية لكن هذا ليس على جدول الأعمال الآن".

وفي هذا السياق، لماذا تُذكر إمكانية صنع إيران للقنبلة إذا لم تكن على جدول الأعمال؟

قد تكون هذه التصريحات لدفع آخر محاولة لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في عام 2018. وربما يكون التهديد الضمني قد تم تصميمه لتعزيز الموقف التفاوضي للوفد الإيراني.

لكن هذه التصريحات قد تعكس أيضًا تأثير زيارة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى طهران في 19 يوليو/تموز ولقائه مع "خامنئي". وبالرغم أن الموقع الرسمي للمرشد الأعلى لم يذكر تفاصيل النقاشات بين الزعيمين، لكن يبدو أن كليهما حمّلا الولايات المتحدة المسؤولية عن انعدام الأمن الإقليمي من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

ومن المرجح أن الحوار بينهما تضمن ما كان يجري التمهيد له قبل زيارة 19 يوليو/تموز، ويضع ذلك تصريحات "خرازي" و"لاريجاني" في سياق مختلف تمامًا، فبدلاً من تعزيز موقف المفاوضين الإيرانيين في فيينا، قد تعكس هذه التصريحات حسابات متغيرة للقيادة الإيرانية فيما يتعلق بالردع النووي على أساس ضوء أخضر من روسيا.

هل أعطى "بوتين" مثل هذا الضوء الأخضر قبل أو أثناء زيارته لطهران؟ وعادة، لا ترغب القوى النووية في مزيد من انتشار الأسلحة النووية لأن ذلك يقلل من القيمة النسبية لردعها النووي، ولكن يخدم تشجيع روسيا لـ"خامنئي" في الواقع غرض إشعال حرب يتم فيها تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية.

وقد يكون الهدف من تشجيع الروس لـ"خامنئي" (إذا حدث بالفعل) هو زيادة العناد الإيراني في فيينا مما يؤدي إلى انهيار كامل للاتفاق النووي الإيراني.

وقد أكد وزير الخارجية السابق "محمد جواد ظريف" في مقابلة سابقة تم تسريبها أن روسيا التي تعد طرفا في الاتفاق سعت دائما لتخريب المفاوضات لإبقاء إيران معزولة وأكثر اعتمادًا على روسيا.

وسيكون انهيار الاتفاق النووي متماشياً مع مصالح روسيا، كما أنه سينقل رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن واشنطن لا يمكنها عزل روسيا، ويجب أن تشارك موسكو في إدارة الأزمات العالمية وحل النزاعات.

ومع ذلك، فإن هذا الهدف وحده لن يرضي "بوتين"، الذي قد يأمل في حرب جديدة في الشرق الأوسط. وإذا اندفعت إيران باتجاه القنبلة النووية، فإن إسرائيل ستنخرط في عمل عسكري ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، وسترد إيران، مما يدفع الولايات المتحدة للتورط في حرب جديدة عبثية في الشرق الأوسط.

وكما أن الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا يستنزف روسيا في حرب طويلة، فإن تشجيع إيران على إنتاج القنبلة النووية، قد يفرض حربًا عبثية على واشنطن. السؤال هو ما إذا كانت إيران، التي ستدفع الثمن الأكبر للصراع العسكري مع إسرائيل والولايات المتحدة، ستقبل بنصيحة "بوتين".

وعلى أي حال، ستساعد المفاوضات في فيينا في توضيح ما إذا كانت إيران تلقت وترغب في الاستجابة لمثل هذه النصائح باهظة الثمن.

المصدر | علي الفونة/ معهد دول الخليج في واشنطن – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران خامنئي بوتين النووي الإيراني البرنامج النووي الإيراني القنبلة النووية المفاوضات النووية

البيت الأبيض: المحادثات النووية اكتملت تقريبا ولن نقدم أي تنازلات لإيران

إيران تهدد بتوسيع أنشطتها النووية لحين إحياء اتفاق 2015

طهران: تقدم المفاوضات النووية مرهون برفع مضمون للعقوبات

توازنات دقيقة.. العلاقة الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا