أزمة الدولار في مصر.. عجز استيراد مكونات الإنتاج يهدد بإغلاق واسع للمصانع

الثلاثاء 30 أغسطس 2022 07:36 ص

أفادت مصادر مطلعة بأن أزمة الدولار في مصر تسببت في عجز باستيراد مكونات الإنتاج المختلفة، ما يهدد بإغلاق واسع للمصانع، مشيرة إلى اختفاء مئات السلع من فوق أرفف المحال والشركات التجارية، في الآونة الأخيرة.

وأوضحت المصادر أن تحذيرات المنتجين والتجار بمختلف تخصصاتهم تتعالى من تمدد عدوى الإغلاق، التي بدأت تنتشر أخيراً في بعض المناطق الصناعية، بفعل ندرة المواد الأولية الناتجة عن القيود المفروضة على الاستيراد منذ نحو 5 أشهر، حسبما أورده موقع "العربي الجديد".

وأضافت أن التململ بدأ يتسرب إلى أصحاب المصانع والشركات، بعد أن أوشك مخزونهم من البضائع ومستلزمات الإنتاج على النفاد، بينما يشاهد المصريون، للمرة الأولى، معارض سيارات خاصة بوكلاء رسميين لشركات كبرى، ومنافذ بيع صغيرة خاوية من المنتجات.

وذكرت المصادر أن العجز الشديد في استيراد مكونات الإنتاج ضرب صناعات السلع الكهربائية والهندسية، والغذائية والدباغة والجلود، والأخشاب ومنتجات الكهرباء والإلكترونيات، والزراعة، وحتى تجميع السيارات، ما دفع ممثلي الغرف التجارية والصناعية والإنشاءات، إلى تقديم مذكرات حول ما يعانونه إلى رئيس الوزراء "مصطفى مدبولي"، محذرين من توقف الأعمال وتسريح العمال.

وإزاء ذلك، لجأت بعض المصانع الكبرى في المدن الجديدة، مثل المدينة الصناعية في 6 أكتوبر (غرب القاهرة) للتوقف، أو تخفيض عدد نوبات العمل، في مصانع الملابس الجاهزة والغسالات والثلاجات، والمنتجات الغذائية، لعدم توافر خامات الإنتاج.

ودفعت الأزمة العديد من أصحاب الأعمال إلى طلب مشترياتهم من الدولة عبر هيئة الشراء الموحد للاحتياجات الحكومية أو الهيئة العربية للتصنيع وأخرى تابعة لجهات سيادية، تضمن استيراد احتياجاتهم، وتدبير العملة من البنك المركزي.

وتتخطى تلك الجهات طابور الانتظار في قوائم المستوردين في البنك المركزي، مقابل عمولة شراء تصل قيمتها إلى نحو 20% من قيمة كل صفقة، وفق مستوردين أشارو إلى أن قطاعات الأدوية والأغذية والمشروبات، والسيارات، الأكثر إقبالا على هذا الأمر.

كما امتدت تداعيات شح السلع إلى الأدوات المكتبية مع اقتراب العام الدراسي الجديد، حسبما أكد "أحمد أبوجبل"، رئيس شعبة الأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية، مشيرا إلى أنه لا توجد أي تسهيلات جديدة من الحكومة أو البنوك، رغم أن الموسم الدراسي على الأبواب.

ونفد مخزون المصانع والورش، ولم يعد أمام أصحابها والعمال إلا انتظار "الفرج"، وفق "شريف يحيى"، رئيس شعبة الأحذية والمنتجات الجلدية، مضيفا: "لم يدخل البلاد أية أدوات تستخدم في تصنيع الأحذية والمنتجات الجلدية، منذ 4 أشهر، وتعمل المصانع الآن على ما لديها من مخزون".

ويعمل في هذه الصناعة 17 ألفا و500 مصنع وورشة صغيرة، بمتوسط عمالة، 10 أفراد، لكل منها، بينما أصبحت الآن في طريقها للتوقف التام، وفق رئيس شعبة الإنتاج.

وأشار "يحيى" إلى أن صناعة الأحذية والجلود تحتاج إلى مدخلات كثيرة لا تتواجد في السوق المحلية، منها كيماويات الجلود والدباغة والألوان، والمواد اللاصقة، والإكسسوارات والخيوط.

ولفت إلى أن المصانع والورش لا تستطيع شراء احتياجاتها من الخارج، إلا عبر وسطاء، يقفون الآن في طوابير الانتظار في البنك المركزي، لطلب تدبير العملة أو الموافقة على الشراء الاستيراد، ولم يتلقوا أية مؤشرات تدل على انفراج قريب في تلك الأزمة، التي تهدد صناعة حيوية، وكثيفة العمالة، بالتوقف التام.

ويقتني المصريون، نحو 100 مليون زوج أحذية منتجة محلياً، بينما يشتري التجار نحو 150 مليون حذاء تام الصنع من الخارج سنويا.

وفي ظل عدم القدرة على توفير حصة الإنتاج المحلي، وتوقف استيراد المنتجات تامة الصنع، تتضاعف أسعار الأحذية والمنتجات الجلدية.

الأزمة ذاتها ضربت الصناعات الهندسية في مصر، ما دفع شعبتها باتحاد الغرف التجارية إلى طلب سرعة التدخل من الحكومة، لتحريك طلبات المصانع وفتح الاعتمادات لشراء مكونات الإنتاج من الخارج.

وأكدت الشعبة تناقص إنتاج البوتاجازات والثلاجات، وأجهزة التكييف والمراوح، ومعدات المطابخ، بسبب عدم دخول بعض المكونات التي لا تنتج محلياً.

وكانت الحكومة المصرية قد كلفت وزارة الصناعة بتحديد السلع التي يمكن تصنيعها محلياً، وتوفير مكونات بعض المنتجات للصناعات الهندسية، لكن تلك السياسات تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها كما يقول منتجون.

وتأتي أزمة شح السلع في وقت تشهد فيه مصر ارتفاعاً بالأساس في معدل التضخم، ما ينذر بموجات غلاء أكبر في البلد الذي يعاني ضغوطاً اقتصادية ومعيشية تزايدت حدتها مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على الأسعار العالمية.

وتعتمد مصر على استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتها من الخارج، فضلا عن تراجع الجنيه بأكثر من 21% من قيمته أمام الدولار منذ نهاية مارس/آذار الماضي وسط توقعات بمزيد من الهبوط في الفترة المقبلة.

ورغم ارتفاع الأسعار بنحو 40%، على مدار 3 أشهر، لكن خبراء اقتصاد يتوقعون زيادة هذه النسبة، مع تراجع قيمة الجنيه، وعدم السماح للمصنعين باستيراد مكونات الإنتاج، في سوق ضخمة تتعامل مع 103 ملايين شخص، يحتاجون 20% من الملابس المستوردة سنوياً، بينما تعتمد معظم الملابس المنتجة محلياً على مدخلات إنتاج ومعدات تامة الصنع من الخارج، لاسيما من الصين والهند وبنجلادش وتايوان وفيتنام.

يشار إلى أن وكالة "بلومبرج" ذكرت، في تقرير لها، الإثنين، أن "مصر أصبحت أحدث رمز للمعاناة التي تجتاح الدول الفقيرة على خلفية ارتفاع التضخم وصعود الديون وتراجع النمو العالمي".

 وأكدت الوكالة الأمريكية أن المستثمرين، الذين ما زالوا يتألمون من حالات التخلف عن السداد الأخيرة من قبل روسيا وسريلانكا، يراقبون مصر كدراسة حالة لقياس إمكانية، ومدى سرعة، تجنب البلاد أزمة ديون كاملة وتتخطى حقبة زيادة أسعار الفائدة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الدولار مصر المصانع الغلاء

وزير المالية المصري يكذب "العربية" حول تعهده بحل أزمة الدولار

مع أزمة شح السلع.. مصر تقر إجراءات استثنائية لتيسير الإفراج عن الواردات

مصر تخفف القيود على الدولار في عمليات الاستيراد.. لماذا؟

بدء حصر المصانع المتعثرة في مصر.. ومقترحات من المستثمرين لإعادة تشغيلها