كيف ستتعامل رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة مع القضايا الرئيسية بالمنطقة؟

الجمعة 9 سبتمبر 2022 07:02 ص

تسلمت "ليز تراس"، الثلاثاء، رسميا رئاسة الحكومة البريطانية خلفا لـ"بوريس جونسون"، وذلك في اجتماع مع الملكة "إليزابيث" الثانية، في قلعة بالمورال بأسكتلندا.

وسترث "تراس" أجندة سياسية تهيمن عليها أزمة تكاليف المعيشة المحلية التي يغذيها التضخم المتصاعد وأسعار الطاقة، لكن سجلها كوزيرة للخارجية ووزيرة للتجارة الدولية سابقًا يقدم أدلة على الاتجاه المحتمل الذي ستتخذه في السياسة الخارجية، بما في ذلك السياسة تجاه الشرق الأوسط.

إسرائيل وفلسطين

في أوائل أغسطس/آب الماضي، عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية قطاع غزة وقتلت 45 فلسطينيا على الأقل، من بينهم 15 طفلا، أصدرت "تراس" بيانا لدعم إسرائيل، قائلة إن "المملكة المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل وتدعم حقها في الدفاع عن نفسها".

ومن المتوقع أن تواصل "تراس" مساعي حظر حركة "بي دي إس" المناصرة لحقوق الفلسطينيين والداعية إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها.

وبالرغم من انتقادات منظمات المجتمع المدني لهذه الخطوة باعتبارها "تهدد حرية التعبير وتمنع الهيئات العامة والمؤسسات الديمقراطية من الإنفاق والاستثمار والتجارة بشكل أخلاقي يتماشى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان"، لم تقدم "تراس" أي إشارة أنها ستعكس المسار.

وكانت "تراس" ألغت عمل موظفين خدموا لفترة طويلة في وزارة الخارجية مع شكوك حول عدم دعمهم لإسرائيل بشكل كاف. وترى أنه جرى "استخدام الأمم المتحدة للترويج لأجندة خاصة تنطوي على معاداة السامية".

في يونيو/حزيران، أصدر أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارين يؤكدان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ويدينان المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية ومرتفعات الجولان المحتلة، وقد صوتت المملكة المتحدة ضد القرارات، مما جعلها تقف إلى حد كبير في وجه بقية المجتمع الدولي.

وبالآونة الأخيرة، قالت "تراس" إنها "ستدرس" نقل السفارة البريطانية في إسرائيل إلى القدس، وكتبت في رسالة: "لقد أجريت محادثات عديدة مع صديقي العزيز يائير لابيد حول هذا الموضوع".

وخلال عهد "تراس"، أطلقت وزارة الخارجية البريطانية مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، على أمل تعزيز التجارة التي تزيد قيمتها عن 5 مليارات دولار بين الطرفين.

العلاقات البريطانية الخليجية

عندما طلبت لجنة من أعضاء البرلمان من "تراس" تحديد وقت لإثارة مخاوف حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي، فشلت في القيام بذلك. وبالرغم من وعودها السابقة بمحاسبة الدول المتورطة في انتهاكات، تعتقد "تراس" أنه من الأهم "القيام بأعمال تجارية" مع دول الخليج.

وكوزيرة للخارجية، أشرفت "تراس" على إطلاق مفاوضات لتأمين اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي. وقال "أومبرتو بروفازيو"، الزميل المشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الحكومة البريطانية "تعتبر منطقة الخليج بالغة الأهمية لمصالح لندن لأسباب تجارية واستراتيجية".

وأضاف: "بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبح من المهم تنويع شركائها التجاريين قدر الإمكان، ومن المؤكد أن منطقة الخليج هي منطقة مهمة تواجه فيها لندن العديد من المنافسين الذين تمكنوا من تحقيق نجاحات كبيرة في السنوات الأخيرة".

وتابع "بروفازيو": "في مواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا في المنطقة، تخسر المملكة المتحدة نفوذها مثل العديد من القوى الغربية الأخرى التي تعاني من نقص المصداقية في نظر شركائها العرب".

في الوقت الذي تسعى فيه بريطانيا إلى تنويع علاقاتها التجارية، من المرجح أن تتجاهل الحرب السعودية في اليمن، والتي ألقت بالبلاد في آتون أسوأ ززمة إنسانية في العالم.

لم تمنع الأزمات الإنسانية في اليمن حكومة المملكة المتحدة من الموافقة على استمرار مبيعات الأسلحة للسعوديين أيضًا، وقد تباطأت وزارة التجارة الدولية عندما طلبت "ميدل إيست آي" الاطلاع على الوثائق التي يمكن أن تقدم رؤى حول كيفية اتخاذ قرارات بشأن السياسة المتعلقة بمبيعات الأسلحة إلى السعوديين.

سجل حقوق الإنسان في مصر

إن تركيز "تراس" على الانخراط مع دول الشرق الأوسط وإعطاء الأولوية للمصالح الخاصة يعني مزيدا من التجاهل لحالة حقوق الإنسان في مصر.

ومن المرجح أن تستمر محنة الكثير من الحقوقيين والناشطين في مصر بمن في ذلك البريطاني المصري "علاء عبدالفتاح".

ويطارد النظام المصري "عبدالفتاح" منذ 2014، وتم اعتقاله في 2019، وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 حكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة نشر "أخبار كاذبة"، وكان الدليل المستخدم ضده هو إعادة التغريد.

ومنذ مايو/ أيار، انخرط "عبدالفتاح" في إضراب عن الطعام؛ حيث منعته سلطات السجن من المساعدة القنصلية ومواد القراءة والسرير وحتى الساعة.

وانتقدت عائلة "عبدالفتاح" مؤخرًا "تراس" لفشلها في مساعدته، وكتبت أخته "منى سيف" على "تويتر": "بصراحة أشعر وكأنها تتجاهل عمدًا محنتنا ومسؤوليتها تجاهنا".

العمل كالمعتاد مع إيران

بينما يُنسب الفضل إلى "تراس" لمساعدة "نازانين زاغاري راتكليف"، العاملة الخيرية البريطانية الإيرانية التي أمضت أكثر من 5 سنوات في السجن في إيران بتهمة التجسس، اتهمها زوجها بعدم القيام بما يكفي لمحاسبة المسؤولين عن سجن زوجته، وقال "ريتشارد راتكليف" إن "تراس" لم تلتزم بوعدها بفرض عقوبات على أفراد في إيران كانوا متورطين في القضية.

فيما يتعلق بالمسألة الملحة المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني، اتخذت "تراس" موقفًا أكثر تشددًا، وقالت مؤخرًا: "الاتفاق النووي لا يتحرك بالسرعة الكافية، وأؤكد لكم أنه في حال انهياره، فإن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".

وقال "بروفازيو" من معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية إن هناك دلائل على أن "تراس" ستتبع نهج "العمل كالمعتاد" في الشرق الأوسط.

وأضاف "بروفازيو": "في حين أن قدرًا كبيرًا من اهتمامها سيتوجه للوضع الاقتصادي الصعب والسياسات المحلية، فإن حكومة تراس ستدير الأزمات الخارجية وفقًا لمصالحها وستفضل الأمن والاستقرار على أي قضية أخرى".

وأوضح: "أتوقع علاقات أوثق بكثير مع الشركاء الخليجيين، بالنظر إلى أهمية مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بالنسبة للمملكة المتحدة، والمزيد من الجهود لاستيعاب مصالح الشركاء الرئيسيين (مثل السعودية والإمارات)؛ بما في ذلك بساحات الصراع الرئيسية التي تنخرط فيها هذه الدول بنشاط".

المصدر | إليس جيفوري/ ميدل إيست آي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تروس بريطانيا الشرق الأوسط جونسون تراس

رسميا.. ليز تراس تتسلم رئاسة الحكومة البريطانية