تداعيات هائلة.. سيناريوهات الضم الروسي لأراضٍ أوكرانية جديدة

السبت 10 سبتمبر 2022 09:51 م

تخطط روسيا لضم أجزاء من أوكرانيا في الأشهر المقبلة، ولكن من المحتمل أن تؤخر ذلك من أجل تأمين المناطق التي تريد السيطرة عليها بشكل أفضل من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي، كما ستضبط موسكو توقيت تحركاتها لتحقيق أقصى قدر من الانقسامات في المعسكر الغربي وتقليل قدرة كييف على الرد.

ومنذ أشهر، تؤكد سلطات الاحتلال الموالية لروسيا في أوكرانيا على نيتها إجراء استفتاءات للانضمام إلى روسيا، مشيرة إلى أنها ستكون هذا الخريف على الأرجح.

واتخذت هذه المناطق بالفعل عدة خطوات نحو الانضمام إلى روسيا، مثل استبدال الهريفنا الأوكرانية بالروبل الروسي، وتسليم جوازات السفر الروسية ووقف بث وسائل الإعلام الأوكرانية.

وجاءت هذه الخطوات وسط تقارير تشير إلى أن الكرملين يخطط لتنفيذ الضم في نوفمبر/تشرين الثاني أو ديسمبر/كانون الأول. لكن أحدث تاريخ مقترح لذلك هو في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، يوم الوحدة الوطنية الروسي.

دوافع تأخير الضم

سيواصل المسؤولون في الحكومات الموالية لروسيا دفع الكرملين إلى عقد الاستفتاءات في أقرب وقت ممكن، حيث يرون أن إجبار روسيا على تصعيد الحرب هو أفضل وأسرع طريقة لضمان أمنهم.

ومع ذلك، سيقرر الكرملين متى يعقد هذه الاستفتاءات دون اعتداد كبير برأي المتعاونين، وبدلاً من ذلك سيستند قراره على الوضع العسكري في أوكرانيا والوضع السياسي في الغرب.

وفي حين أن عمليات الضم مرجحة للغاية، فإن روسيا ستؤخرها على أمل إضعاف الدعم الأوروبي لأوكرانيا على خلفية الظروف الاقتصادية في أوروبا.

ولن يعتبر معظم الروس أن الغزو كان يستحق هذه التكلفة دون ضم أراضٍ أوكرانية إضافية، لذلك يشكل الفشل في تلبية هذا التوقع خطرًا غير مقبول على استقرار نظام "بوتين"، ويجعل الضم أمرا حتميًا تقريبًا.

ومن شأن الفشل في الضم أيضًا أن يضعف معنويات حلفاء روسيا في أوكرانيا ويشوههم وربما يدفع الأوكرانيين الواقعين تحت الاحتلال للمخاطرة بمساعدة القوات المسلحة الأوكرانية.

ولكن نظرًا لأن موسكو تعتزم تحطيم العزم الغربي والأوكراني، فمن المرجح أن تصبر روسيا فيما يتعلق بالضم، وتنتظر حتى تستكمل الحد الأدنى من السلامة والمتطلبات الإقليمية للقيام بذلك، وربما تنتظر موسكو الوقت الذي يرجح أن تتزايد فيه الدعوات لوقف إطلاق النار والخلاف بين القوى الغربية حول كيفية معاقبة روسيا.

ولا يزال الهدف الاستراتيجي للكرملين هو السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أوكرانيا، بما في ذلك من خلال المزيد من الهجمات بعد إعادة تنظيم القوات الروسية.

وبما أن الهجمات الإضافية ستكون ضرورية لكسر استعداد الغرب المستمر لدعم أوكرانيا - وبالتالي قدرة كييف على مواصلة المقاومة - فمن المحتمل أن يؤخر الكرملين الضم حتى وقت لاحق من هذا الخريف أو هذا الشتاء، عندما يرى أن الضم سيساهم بشكل أفضل في تحقيق هذه الأهداف.

وبدلاً من حشد الغرب أكثر من خلال الضم الآن، فيما لا تزال الوحدة السياسية في أوروبا قوية، فإن الضم في وقت لاحق يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات داخل أوروبا ودعم أولئك الذين يجادلون بأن الدعم الأوروبي المستمر لمقاومة أوكرانيا غير مجدٍ وله نتائج عكسية.

وفي الواقع، تعتقد موسكو أن تفكك الوحدة بين الدول الأوروبية سيكون أكثر ترجيحًا في وقت لاحق بسبب المشاكل الاقتصادية المتزايدة على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة.

الضم القريب مستبعد

بالرغم أن موسكو ستسعى على الأرجح إلى ضم دونباس أولاً، فإنها لن تفعل ذلك حتى تتحكم تمامًا في المنطقة، والذي من غير المرجح أن يحدث على المدى القصير إلى المتوسط.

كما إن تصريحات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في الأشهر الأخيرة بأن الغرض الرئيسي من العملية هو "تحرير" منطقة دونباس تشير إلى أن موسكو ستضم مناطق دونيتسك ولوهانسك قبل أو في نفس وقت ضم المناطق الأوكرانية الأخرى مثل ممر جزيرة القرم.

لكن من غير المرجح أن تضم روسيا دونباس في المستقبل المنظور (وبالتالي الأراضي المحتلة الأخرى) لأن موسكو تسيطر فقط على حوالي 60% من منطقة دونيتسك الإدارية.

وبالرغم أن روسيا ستستمر على الأرجح في بسط السيطرة على المناطق هناك، فقد أشار رئيس السلطة المحلية الموالية لروسيا إلى أنه لن يتم الإعلان عن موعد للاستفتاء حتى تصبح المنطقة تحت السيطرة الروسية بشكل كامل.

لذلك، من المحتمل أن يؤخر استمرار سيطرة أوكرانيا على أجزاء من منطقة دونيتسك خطط الضم الروسية في المدى القريب. وخارج دونباس، لم تحقق روسيا السيطرة الكاملة حتى الآن على مناطق خيرسون وزابورجيا.

وفي هذه الأخيرة، لا تزال العاصمة الإقليمية التي تحمل نفس الاسم في أيدي الأوكرانيين، مما يقلل احتمالات الضم في الأسابيع المقبلة.

على أي حال، ستستمر المعلومات المتناقضة (من المصادر الروسية) حول الجدول الزمني للضم خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، حيث تحاول موسكو الإبقاء على الحيرة الأوكرانية والغربية واستفزاز القوات الأوكرانية للقيام بالهجمات المضادة في غير وقتها.

الردع الروسي بعد الضم

بعد الضم، من المحتمل أن تستخدم روسيا التهديد النووي للضغط على الغرب للتوقف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وسيسمح ضم المزيد من الأراضي الأوكرانية أن تدعي روسيا أن الهجمات العسكرية على تلك الأراضي هي هجمات على روسيا نفسها، والتي يمكن أن تستجيب موسكو لها بالنووي وفقًا لعقيدتها النووية.

وبالرغم أن الغرب لن يعترف بالضم، قد تعتقد روسيا أن الغرب سوف يرضخ للابتزاز النووي ويضغط على أوكرانيا لوقف الهجمات على تلك الأراضي باستخدام الأسلحة الغربية.

وسيكون لدى روسيا دافع قوي للدفاع عن الأراضي المضمومة حتى لو كانت التكلفة البشرية والمادية عالية، لأن استعادة أوكرانيا لهذه الأراضي ربما تعرض نظام "بوتين" للخطر.

وبعد الضم، سيكثف الكرملين جهوده لتغذية الإرهاق من الحرب في أوروبا وتمزيق وحدة "الناتو" من خلال حملة إعلامية تستهدف أوروبا والولايات المتحدة، وتجادل بأن استخدام الأسلحة الغربية ضد الأراضي الروسية يخاطر بحرب عالمية ثالثة وأن الدعم المستمر لأوكرانيا لن يوقف العمليات الروسية.

ويمكن أن ترفع موسكو أيضًا مستوى تهديدها النووي أو تغير تموضعها النووي، بما في ذلك نقل أنظمة قابلة للتسليح النووي بالقرب من دول الناتو.

ومن المحتمل أن يؤدي الضم إلى تصعيد الحرب لأن أوكرانيا لن تتخلى عن الأراضي المفقودة على المدى القصير إلى المتوسط، مما يعزز بعض القيود على الضم الروسي.

وبالرغم من التهديد النووي، فمن غير المرجح أن يوقف الضم الهجمات الأوكرانية، بما في ذلك باستخدام الأسلحة الغربية، لأن المسؤولين الأمريكيين أشاروا مرارًا وتكرارًا إلى أن أوكرانيا تستطيع استخدام الأسلحة التي تزودها بها داخل أراضيها.

وتشير التقارير إلى أنه يُسمح لكييف بضرب القرم بالأسلحة الغربية. ولأن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لن تعترف رسميًا بالسيادة الروسية على الأراضي الأوكرانية المضمومة حديثًا، فربما تستمر في السماح بضربات بأسلحتها هناك.

التكلفة المحتملة على روسيا

سيكون فشل روسيا في الرد على هذه الهجمات الأوكرانية بمثابة ضربة كبيرة لمصداقيتها في الردع. ولهذا السبب، من المحتمل أن ترد روسيا على الأقل بضربات على مراكز صنع القرار في كييف، إذا تخلت موسكو عن اتخاذ موقف أكثر تصعيدًا بالأسلحة النووية تجاه الناتو.

علاوة على ذلك، فإن الاستفتاءات تخاطر بتصعيد العنف لأن مواقع الاقتراع ستُعرف مسبقًا وسيكون تركز المتعاونين في بعض المباني عرضة لهجوم الأوكرانيين، وسيؤدي الفشل في تأمين الاستفتاءات إلي تقويض سلطة المسؤولين الموالين لروسيا كما سيضر بالروح المعنوية الروسية.

وأخيرًا، سيكون الضم مكلفًا اقتصاديًا لموسكو لأن الأراضي المضمومة عانت من أضرار واسعة في الحرب وستخضع لمزيد من الضرر. ويعني هذا أن روسيا سترغب في أن تتضمن أي مفاوضات لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا الأراضي المضمومة لضمان عدم خضوعها لمزيد من الهجمات الأوكرانية.

كما تشكل تدابير الاستجابة الغربية مخاطر على روسيا، ولكن من غير المرجح أن تعرقل بشكل كبير سعي الكرملين لأهدافه في أوكرانيا على المدى القريب. وفي حين أن الدعم العسكري والمالي الأمريكي لأوكرانيا سيستمر بعد الضم، فإنه سيواجه رياحًا سياسية معاكسة إذا تعثر الدعم الأوروبي بشكل واضح مع تدهور اقتصادها.

وعلى سبيل المثال، صوت 11 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ضد الحزمة الأولية من الدعم العسكري لأوكرانيا في 16 مايو/أيار، حيث يزعم العديد منهم أن أوروبا لا تساهم بنصيبها من الدعم العسكري، وهو مصدر قلق من المحتمل أن ينمو.

ومن المحتمل جدًا أن تتضمن العقوبات الأمريكية والأوروبية الإضافية على موسكو بسبب الضم تدابير أقوى لمنع البنزين المكرر من النفط الروسي (في بلدان ثالثة) من الوصول إلى أسواقها، وكذلك التحركات لفصل المزيد من البنوك الروسية عن منظومة "سويفت".

لكن من غير المرجح أن يكشف الغرب عن استجاباته قبل استفتاءات الضم، لذلك لن تتراجع الجهود الحربية لروسيا أو تتوقف خطط الضم بالنظر إلى الاستعداد الروسي الكبير لتحمل التداعيات الاقتصادية.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب أوكرانيا روسيا دونباس الضم الروسي العقوبات دعم أوكرانيا أزمة الطاقة الناتو

تداعيات الفشل الاستراتيجي لحرب روسيا على أوكرانيا!

روسيا تنسحب من مناطق رئيسية في خاركيف وأوكرانيا تسيطر على بالاكليا

بعد تراخي قبضة روسيا.. القوات الأوكرانية تحقق مزيدا من التقدم

قديروف ينتقد الأخطاء.. قوات أوكرانية تواصل التقدم نحو حدود روسيا