استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تأتي تشوهات العقل التنظيمي من فراغ؟!

السبت 24 سبتمبر 2022 03:29 م

هل تأتي تشوهات العقل التنظيمي من فراغ؟!

أي فكرة تحتاج في نجاحها إلى كتلة صلبة تحملها، وفئة متماسكة تناصرها غير أن ثمة شروط لازمة لتكون التنظيمات بصحة جيدة.

يدهش البعض عندما يقال: إن العلاقات الإدارية والتنظيمية داخل الأحزاب العلمانية أكثر سيولة وسهولة ووضوحا وانفتاحا من مثيلاتها داخل الحركة الإسلامية.

الإشكالية الكبرى أن يمنح البعض نفسه مسحة كهنوتية تضفي عليه القداسة وضمانات العصمة؛ بإسقاط قداسة النصوص على الكيانات وبعض الشخصيات

منصات القيادة تبرر ما تفعله بما تملك من أدوات، والقواعد تبرر بدافع الثقة بالقيادات ولهذا النمط تداعيات تؤدي لإبعاد أصحاب الرأي والرؤى والأفكار لاعتبارات وخلفيات متعددة.

*   *   *

الحركة الإسلامية بتنوع مكوناتها وسمو غاياتها ونبل أهدافها وإخلاص عناصرها، هي حركة بشرية بفكر وأداء بشري، لها وعليها من النجاحات والإخفاقات والإيجابيات والسلبيات.

الإشكالية الكبرى، أن يمنح البعض نفسه مسحة كهنوتية تضفي عليه هالات القداسة وضمانات العصمة؛ بإسقاط قداسة النصوص على الكيانات وبعض الشخصيات، لدرجة تحرّم وتجرّم مناقشة الأفكار أو تقييم الممارسات من أقوال وأفعال، خاصة منصات القيادة.

وهذا واقع بيقين في الحركات الإسلامية الشيعية وبعض الجماعات التابعة لأنظمة الحكم الخليجية، وقد تمدد هذا المرض إلى قلب الحركة الإسلامية، وإن كان غطاء ذلك تنظيميا أكثر منه شرعيا، مما عطل أدوات التفكير والمحاسبة والرقابة والتغيير. وأصبح الدفاع والتبرير هو النمط السائد بدون وعي غالبا.

فمنصات القيادة تبرر ما تفعله بما تملك من أدوات، ومن بعدها القواعد تبرر بدافع الثقة في القيادات.

تداعيات هذا النمط، ترتب عليها إبعاد أصحاب الرأي والرؤى والنقاش والتنظير لاعتبارات وخلفيات متعددة؛ بعضها اتهام للنيات، وبعض آخر بادعاء خطورة هؤلاء على الفكرة والرسالة، وثالث لتطهير الدعوة من المشككين وأصحاب الهوى المتطلعين!

ربما يدهش البعض عندما يقال: إن العلاقات الإدارية والتنظيمية داخل الأحزاب العلمانية أكثر سيولة وسهولة ووضوحا وانفتاحا من مثيلاتها داخل الحركة الإسلامية.

وربما يدهش قطاع من قواعد الحركة الإسلامية بمثل هذا الطرح؛ نظرا لبعده عن مطابخ وغرف عمليات التنظيمات، فهو لا يرى منها إلا الشعارات والمظاهر، لذلك فهؤلاء هم ضحايا التنظيمات.

تحديات العمل التنظيمي

من تحديات العمل التنظيمي الإسلامي، أن التنظيم يسلب الفرد قدرته على العمل الفردي والانطلاق الذاتي؛ لأنه يعيش سنوات كسنّ في ترس لا يستطيع الحركة أو الدوران إلا به وليس من خلاله، فضلا عن تنازله عن كثير من الحقوق والاحتياجات الإنسانية والطموحات البشرية المشروعة، مثل الطموح إلى المواقع التنظيمية العليا واعتبار ذلك جرما في عرف البعض ومحرما في عرف بعض آخر، أو يخرق صدق النية وسلامة الطوية عند آخرين، في حين تجد الصراع على أشده بين قيادات المستويات العليا من دون هذه المحاذير.

أيضا من التحديات، مواصفات وصفات النموذج الإنساني والمنتج التربوي المطلوب، الذي يختلف في الواقع التنظيمي عن الأدبيات المعلنة.

في الواقع التنظيمي؛ النموذج المنشود هو النموذج التابع من دون نقاش، يسمع ويطيع ويثق ويوثق ويدعم مباشرة من باب الثقة في المستوى الأعلى، الذي هو عنده يعرف أكثر ويفهم أكثر ويقدر أكثر، وربما هو عند الله أقرب.

من هنا كانت المحاسبة والرقابة من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى شبه معدومة.

ومن هنا لزم إعادة النظر في منظومات القيم وشبكات المعارف وخرائط العلاقات؛ لأنها تنتج في النهاية إنسانا ليس بالمواصفات الحضارية المنشودة، تنتج إنسان الجماعة أو التنظيم في الفكر والمعتقد والسلوك والوفاء والولاء، فإذا تعددت التنظيمات تعددت المنتجات والمخرجات، وكان المجتمع الواحد عدة مجتمعات.

تأييد الطموح

أؤيد بقوة ما ذكره الدكتور عبد المنعم البربري في مذكرته "كلنا شركاء" التي جاء فيها هذا النص:

"شعور الفرد بأنه شریك في ملكیة الدعوة والحركة والتنظيم، كفیل بتفعیل الطاقات والإبداع. فجزء كبیر من أسباب الفتور والسلبیة والانكفاء، سببه شعور الأفراد بقدر من التهمیش. احتياج المؤسسة لتعظیم الابتكار الذي تقلص وتراجع، نتیجة شعور غیر ذوي المناصب بالتهميش. المؤسسة غنية بكفاءات مهملة، هي تلك التي ليس لها منصب بحكم نظام الانتخابات بما به من عيوب".

الخلاصة

إنسان الجماعة أو التنظيم في الغالب الأعم هو ترس في ماكينة أو جندي في كتيبة، أو ريموت لا يتحرك إلا بالبرمجة؛ لأنه نتاج برامج ومحاضن ومعارف وقيم تنتج أفرادا ينتظرون التكاليف والتعليمات، ولا يقوون على الحراك الذاتي والمبادرات، وإن كانوا يتمتعون بقدر معقول من القيم والأخلاق، لكن ذلك جزء صغير من مواصفات الإنسان المنشود لهذا العصر المتغير بلا حدود.

ولا يعني كل ما سبق إهالة التراب على فكرة التنظيمات، فأي فكرة تحتاج في نجاحها إلى كتلة صلبة تحملها، وفئة متماسكة تناصرها. غير أن التنظيمات لتكون بصحة جيدة تلزمها ثلاثة أمور:

الأول: المحاسبة الداخلية ونقد الذات من دون قداسة لأحد.

الثاني: تصحيح مفهوم الشورى داخل التنظيمات بما يسمح باحترام الكفاءات واستشارة المتخصصين في كل مسألة، وليس مجرد استشارة تجمع عددي يمثل القطاعات الجغرافية.

الثالث: ضرورة بحث التنظيمات الإسلامية عن أشكال أخرى لممارسة الدور غير الشكل الهرمي الذي أصبح معيبا وتجاوزه العصر.

* محمد عماد صابر برلماني مصري سابق

المصدر | الجزيرة مباشر

  كلمات مفتاحية

الدعوة الحركة التنظيم القداسة تحديات العقل التنظيمي المحاسبة الداخلية نقد الذات الشكل الهرمي التهميش الابتكار