معجبة بموسوليني وضد الشواذ وتعادي هجرة المسلمين.. جورجيا ميلوني على أعتاب حكم إيطاليا

الاثنين 26 سبتمبر 2022 09:25 ص

أعلنت الزعيمة اليمينية المتطرفة "جورجيا ميلوني"، فوزها بالانتخابات العامة في إيطاليا، مستبقة إعلان النتائج الرسمية.

وفي حال تأكد النتائج، بشكل نهائي، ستصبح أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في تاريخ البلاد.

وستبدأ "ميلوني"، بتشكيل حكومة ائتلافية، تقود البلاد، ويغلب عليها الساسة اليمينيون، بحيث تكون أكثر حكومة متطرفة في تاريخ البلاد، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويشكل فوز اليمين بالانتخابات الإيطالية، وهي ثالث أكبر اقتصاد في القارة، رسالة تحذير لأوروبا، في الوقت الذي تتصاعد فيه تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

فمن هي اليمينية المتطرفة الأوفر حظا في الوصول لرئاسة وزراء إيطاليا؟ وما هي مواقفها من قضايا الإسلام واللاجئين والشذوذ الجنسي؟ ولماذا تخشى أوروبا من إعجابها بالديكتاتور الشهير "بينيتو موسوليني"؟

ولدت "جورجيا ميلوني" في روما عام 1977، وعاشت طفولة صعبة في ضواحي العاصمة الإيطالية بعدما تخلى عنها والدها الذي سافر إلى جزر الكناري، لتترعرع على يد والدتها، وهي من اليمين المتطرف، وكانت تتعرض في طفولتها للتنمر بسبب السمنة.

هي سياسية وصحفية إيطالية، دخلت العمل السياسي منذ سن المراهقة، عملت سابقا كوزيرة للشباب في حكومة "برلسكوني" الرابعة، وكانت مساعدة لحزب "إخوة إيطاليا"، وأصبحت عضوة في مجلس النواب الإيطالي وأصغر نائب لرئيس المجلس.

في عام 1995، أصبحت عضوة في حزب "التحالف الوطني" وهو الحزب ذو التوجه الفاشي.

وفي عام 2009، اندمج حزبها مع حزب "فورزا إيطاليا" ليتوحدا تحت اسم "شعب الحرية".

وخلال عام 2012، وبعد انتقادها لـ"برلسكوني" والمطالبة بالتجديد داخل الحزب، انسحبت وأسست حركة سياسية جديدة سميت "إخوة إيطاليا"، تحولت لاحقا إلى حزب.

وشعار الحزب مماثل لشعار أحزاب اليمين المتطرف في فترة ما بعد الحرب: اللهب ثلاثي الألوان، الذي يُنظر إليه غالبا على أنه النار المشتعلة في قبر "موسوليني".

وتربّعت "ميلوني" على كرسي رئاسة الحزب اليميني المتطرف قبل 8 سنوات، وهي اليوم تشق طريقها بثبات نحو رئاسة حكومة البلاد، وهذا أمر إن حصل فسيعني تمكن اليمين المتطرف من تبوء ذلك المنصب الحساس للمرة الأولى منذ 1922، عندما تمكن الديكتاتور الفاشي "بينيتو موسوليني" من احتلاله.

منذ دخولها معترك السياسة، اتخذت "ميلوني" مواقف مثيرة للجدل، منها عندما أشادت بـ"موسيليني" عام 1996، ووصفته بأنه "سياسي جيد، والأفضل في الأعوام الـ50 الماضية".

وتحمل ميلوني شعار "الله.. الوطن.. العائلة"، وتشمل أولوياتها إغلاق الحدود الإيطالية لحماية البلاد من "الأسلمة" وإعادة التفاوض بشأن المعاهدات الأوروبية، لكي تستعيد روما السيطرة على مصيرها، ومحاربة "مجموعة الضغط لمجتمع الشواذ" و"الخريف الديمغرافي" للبلاد، التي تسجل أعلى متوسط أعمار بين الدول الصناعية بعد اليابان مباشرة.

وفي تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أوردته صحيفة "لوتان" السويسرية، حددت "ميلوني" موافقها عبر تصريحات متفرقة لها، فقالت عن العقيدة: "نعم للعائلة الطبيعية لا للوبي الشواذ، نعم للهوية الجنسية ولا لأيديولوجية الجندر، نعم للقيم العالمية، للصليب، لا للعنف الإسلامي، نعم لحضارتنا لا لمن يريدون تدميرها".

وعن موقفها من الإسلام، قالت: ""يا هذا.. إذا شعرت أن في الصليب إهانة لك، فهذا ليس المكان الذي ينبغي أن تعيش فيه، فالعالم شاسع وممتلئ بالأمم الإسلامية، وسنحارب أسلمة أوروبا لأننا لا نعتزم أن نصبح قارة مسلمة".

وحول موقفها من الشذوذ الجنسي، تقول "ميلوني"، إنهم يريدون إزالة الإشارة إلى الأب والأم في الوثائق الرسمية، "يريدون منا أن نكون الوالد الأول أو الوالد الثاني من جنس الشواذ، أن نكون مواطنين من فئة الرمز (س)، لكننا لسنا رموزا، نحن بشر وسندافع عن هويتنا، أنا جيورجيا، أنا امرأة، أنا أم، أنا إيطالية، أنا مسيحية".

وعن الفاشية، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية المقبلة الأوفر حظا: "أعتقد أن موسوليني كان سياسيًّا جيدًا، وهذا يعني أن كل ما فعله قد فعله من أجل إيطاليا.. لدي علاقة هادئة مع الفاشية، فأنا أعدّها فصلًا من تاريخنا الوطني، ولئن كان موسوليني قد ارتكب جملة أخطاء مثل القوانين العنصرية، ودخول الحرب، ونظام استبدادي، لكنه تاريخيًّا أنجز أيضًا الكثير، لكن ذلك لا يعفيه".

وعن أوروبا، تشدد أنه "على أوروبا أن تهتم بالمجالات الرئيسة كالسياسة الخارجية على سبيل المثال، فإيطاليا ستبدأ في الدفاع عن مصالحها الوطنية كما يفعل الآخرون، ومن ثم نبحث عن حلول مشتركة".

ويعد حزب "أخوة إيطاليا" هو الحزب الوحيد الذي نصّ في برنامجه على زيادة الإنفاق العسكري، وتقول عن هذا: "الحرية لها ثمن..  وإذا قررت أوروبا أن توكل دفاعها إلى الآخرين، فإنها بذلك تتخلى لهم أيضا عن حريتها، لأنه لا أحد يدافع عنك مجانًا".

في الانتخابات العامة السابقة التي جرت في 2018، حصل "أخوّة إيطاليا" على 4% فقط من الأصوات، وشاركوا في ائتلاف محافظ مع حزب "ماتيو سالفيني"، الذي كان يملك قاعدة شعبية أكبر، و"فورزا إيطاليا" الأكثر اعتدالًا بزعامة "سيلفيو برليسكوني".

وحاز التحالف اليميني الذي يضم إضافة إلى حزب "ميلوني"، حزبي "الرابطة" (8.5%) بقيادة "سالفيني"، و"فورزا إيطاليا" بزعامة "برلسكوني" (8%)، على أغلبية الأصوات بنسبة وصلت إلى 42.2%، وهو ما يكفي لضمان السيطرة على مجلسي البرلمان.

ويمتلك كل من "بيرلسكوني"، و"سالفيني"، علاقات وثيقة مع روسيا، ما يثير الكثير من المخاوف.

ورغم أن "ميلوني"، عملت بجهد لتحسين صورتها السياسية، وإعلان مساندتها لأوكرانيا، في مواجهة الغزو الروسي، علاوة على تمييع موقفها المناهض للاتحاد الأوروبي، لكن السياسية الصاعدة تتزعم حزباً متغلغلاً في الحركة الفاشية التي أسسها "موسوليني".

يقول رئيس شركة "تينيو" للأبحاث (مقرها لندن) "وولفانجو بيكولي": "رغم أني أستبعد أن يكون لحكومتها نبرة فاشية، لكن من المشكوك فيه ما إذا كانت ميلوني ستلتزم المسار الوسطي الذي اتبعته خلال الحملة الانتخابية".

ويضيف "بيكولي"، أن "ميلوني التي كانت في الأصل تنتقد بشدة السياسات المالية للاتحاد الأوروبي، من غير المتوقع أن تصطدم مع بروكسل على المدى القصير، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان موقفها السابق المتشكك في الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعود".

وأكد محللون أن "ميلوني" وخلال حملتها الانتخابية، كانت تخاطب جمهورَين مختلفين، يتمثل الأول في الحلفاء الدوليين، حيث حاولت طمأنتهم بتأكيد دعمها للدفاع عن أوكرانيا، وسلامة نهجها المؤيد للناتو.

ويتمثل الثاني، وفق المحللين في الجمهور الداخلي وناخبيها التقليديين، الذين أصرت من أجلهم على سياسات مناهضة المهاجرين ومناهضة الشواذ جنسيا.

ويعتقد الكثير من المحللين أن "ميلوني" ستواجه تراجعاً في شعبيتها، والذي عانى منه زعماء المعارضة السابقون دائماً بمجرد توليهم الحكومة.

فضلاً عن ذلك، فقد ترث "ميلوني" من سلفها أجندة صعبة للغاية، منها أزمة الطاقة، والتضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية، والركود الذي يلوح في الأفق.

كما سيتعين عليها استيعاب حليفيها "برلسكوني" و"سالفيني"، اللذين يشعران بالضعف بسبب شعبيتها.

يقول المحلل السياسي في جامعة مركاتوروم بروما "ماسيميليانو باناراري": "ميلوني لا تزال لغزاً يصعب فهمه.. من الصعب للغاية التنبؤ بشأن ما إذا كان سينتهي بها الأمر لتصبح زعيمة لحزب حاكم أو قوة سياسية ثورية".

كما أن النهج الدولي لـ"ميلوني" غير واضح تماماً، ويأتي بعد ولاية مستقرة تحظى بثقة دولية دامت 19 شهراً تحت قيادة رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق "ماريو دراجي"، الذي انهارت حكومته في يوليو/تموز الماضي.

ويقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس جامعة جون كابوت في روما "فرانكو بافونسيلو": "ستكون عاملاً حاسماً رؤية مدى قلق الحلفاء الدوليين من الحكومة الإيطالية الجديدة وكيف سيكون رد فعل الأسواق".

وسيتعين على "ميلوني" اتخاذ مواقف حازمة بشأن سياسات الاتحاد الأوروبي لمواجهة الحرب الروسية في أوكرانيا، والسياسات الاقتصادية الأوروبية الحالية والمستقبلية، ومرونة الديمقراطية الإيطالية.

وسيؤدي وصولها إلى السلطة أيضاً إلى إغلاق حدود بلد، يصل إلى سواحله سنوياً عشرات آلاف المهاجرين الذين يعبرون البحر في مراكب متداعية، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيثهم سراً.

ويتفق الخبراء منذ الآن على أن مثل هذا الائتلاف الحكومي، الذي ستواجه فيه "ميلوني" تحدياً حقيقياً في التعامل مع حلفاء مربكين سواء "برلوسكوني" أو "سالفيني"، لن يستمر طويلاً في بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار الحكومي.

وجاءت الانتخابات الحالية، وهي الأولى التي تجري في الخريف في إيطاليا منذ نحو قرن، بسبب خلافات سياسية بين الأحزاب أدت للإطاحة بحكومة وحدة وطنية.

ولإيطاليا تاريخ طويل مع الاضطرابات السياسية، ومن سيشغل منصب رئيس الوزراء المقبل سيرأس الحكومة رقم 68 منذ 1946.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الفاشية جورجيا ميلوني إيطاليا الإسلام المثلية

ميركل تدعو أوروبا للتصدي إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة

روسيا تتودد لزعيمة اليمين المتطرف الفائزة بانتخابات إيطاليا

بهامش واسع.. النواب الإيطالي يمنح الثقة لحكومة ميلوني