التطبيع الدولي مع الخصوم.. هل تنجح سياسة أردوغان الانتخابية؟

السبت 1 أكتوبر 2022 12:56 م

مع اقتراب الانتخابات التركية، أحدث رئيس البلاد "رجب طيب أردوغان" ما يمكن اعتباره انقلابا تداخليا في سياساته الخارجية، لكن جميع خيوطها تهدف إلى خدمة السياسات الداخلية وتحديدا الملف الاقتصادي الذي بات التحدي الأكبر لـ"أردوغان" وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم.

ويخلص تحليل نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن الرئيس التركي دخل بجرأة وإصرار في لعبة التطبيع الدولي المحفوفة بالمخاطر، وذلك على أمل أن يوافق الناخبون الأتراك على تلك العلاقات الاقتصادية والحلول المرتبطة بالهجرة.

التطبيع مع أعداء الأمس على كافة المستويات هو شعار "أردوغان" الآن، بداية من السعودية والإمارات، ومرورا بإسرائيل، ويبدو أنه لن يكون انتهاء برئيس النظام السوري "بشار الأسد".

لكن، ووفقا للتحليل، هناك شك في نجاح مساعي "أردوغان" الجديدة على صعيد السياسة الخارجية، حيث يشير استطلاع رأي أُجري في الآونة الأخيرة إلى أن مساعي "أردوغان" الدبلوماسية لم تترك أثرًا يذكر على التوقعات الانتخابية.

فالناخبون الأتراك إما غير مهتمين بهذه العملية أو غير مقتنعين بنتائجها، بما أن إعادة تأهيل الاقتصاد لم تتبلور بعد، لكن هناك نتيجة سريعة متوقعة لأي حلحلة في ملف المهاجرين واللاجئين السوريين الذين باتوا يمثلون مشكلة داخلية في تركيا، مع تصاعد الأصوات الرافضة لتزايد عددهم، حتى بين بعض مناصري "أردوغان" والمتحالفين معه.

ونظرًا إلى هذه الوقائع، سيلعب "أردوغان" الآن ورقته الأخيرة مع "الأسد"، بما أنه من المتوقع أن يحدث الوعد بإعادة المهاجرين تغييرات مهمة في استطلاعات الرأي إن تمّ التوصل إلى اتفاق قبل فصل الصيف. وبغض النظر عما إذا كانت استراتيجية "أردوغان" ستؤمن له الفوز في الانتخابات مجددًا، يبدو أن تسييس السياسة الخارجية لعبة خطيرة تنطوي على عدد لا يحصى من الاحتمالات الضبابية.

نجاحات متفاوتة

لكن، وفي عودة لصلب الملف نفسه، يبدو أن أنقرة حققت وستحقق درجات متفاوتة من النجاح، فالاستثمارات الإماراتية في تركيا تحولت إلى واقع ملموس، كما أن العلاقة الاقتصادية المتينة أساسًا بين البلدين تستفيد الآن من وجود قيادة قوية على رأس الدولتين.

وفي الآونة الأخيرة، اشترت الإمارات طائرات "تي بي 2" المسيرة التركية الشهيرة، في إطار صفقة ستعمد بموجبها أنقرة إلى مدّ أبوظبي بالطائرات على مدى عدة سنوات.

وفي الإطار نفسه، يأمل "أردوغان" بأن تضخ السعودية التي تتمتع بثروة نقدية مبالغ كبيرة من المال في الاقتصاد وذلك على الأرجح على شكل اتفاق مقايضة عملة أو عملية استحواذ كبيرة على أصول تركية. فالمملكة، تمامًا كدولة الإمارات، مهتمة على ما يبدو بقطاع الدفاع التركي الناشئ.

ويقول التحليل إن قطاع الصناعات الدفاعية التركي يبدو هو رأس الحربة الآن في يد "أردوغان" لإنجاح مسيرة التطبيع الدولي، فهو قطاع ناشئ لكنه واعد، ونجح في استقطاب الاهتمام، لاسيما من قبل دول الخليج الطامحة إلى تنويع ترسانتها الدفاعية.

لكن التطبيع مع إسرائيل مختلف قليلا، فبحسب التحليل، لا تبدو هناك فوائد اقتصادية مباشرة كالاستثمارات وتدفق العملة الصعبة، كما هو الحال مع التطبيع الخليجي، لكن ملف الطاقة هو الحاضر الأكبر في مسألة التطبيع بين أنقرة وتل أبيب.

وتعلق أنقرة آمالها على التعاون المنتظر في مجال الطاقة شرق البحر المتوسط، وعلى إبرام اتفاق محتمل على صعيد خطوط أنابيب غاز سيُنقل بموجبه الغاز الإسرائيلي إلى الأسواق الأوروبية عبر تركيا.

وعلى الرغم من عدم صدور أي إعلان بعد عن تبلور هذا الاحتمال، بث الوعد بحدّ ذاته الحماسة في نفس المهتمين بالشأن المالي.

أيضا قد يكفل التطبيع مع إسرائيل لـ"أردوغان" فرصة للتقرب من الولايات المتحدة، وإنهاء أو تجميد التوتر في العلاقة مع إدارة "جو بايدن"، وحلحلة عدة ملفات أبرزها ملف مقاتلات صفقة "إف-16" المعقد والمهم للغاية لتركيا الآن.

معضلة المهاجرين

أما التطبيع مع "بشار الأسد"، فتكمن أهميته الأساسية في إمكان تسببه في حلحلة ملف المهاجرين السوريين في تركيا، والذي بات صداعا في رأس الحزب التركي الحاكم، فـ"أردوغان" يعتبر أنه من خلال إبرام اتفاق مع "الأسد"، بإمكانه إطلاق عملية ترمي إلى إعادة 4 ملايين سوري يعيشون في تركيا إلى بلادهم.

ويبدو أن التقارب مع "الأسد" سيكون الأصعب، لعدة عوامل، لكن وساطة روسيا المتحمسة لإيجاد ذلك التقارب يبدو أنها قد تسهل الأمور قليلا.

خصوم "أردوغان"  

ويقول المعهد إن خصوم "أردوغان" والمتمثلين في "طاولة الستة" التي تضم زعماء أحزاب معارضة ومتناقضة لا يجمعهم سوى الرغبة في الإطاحة بالرئيس التركي، لا تبدو سياساتهم الخارجية واضحة أو مشجعة للناخب التركي، لاسيما أن "كليتشدار أوغلو" زعيم حزب الشعب والمرشح الأبرز لمنافسة "أردوغان" عبر عن معارضته للتطبيع مع دول الخليج، ويكتفي بترديد فلسفة إنشاء منظمة إقليمية شرق أوسطية قائمة على توطيد العلاقات بين تركيا وكل من سوريا ولبنان وإيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رجب طيب أردوغان تطبيع الانتخابات التركية العلاقات التركية الإماراتية العلاقات التركية السعودية العلاقات التركية الإسرائيلية العلاقات التركية السورية

أردوغان يطالب بحل سياسي دائم في سوريا "يتوافق مع توقعات السوريين"