ناشيونال إنترست: خطاب بوتين الأخير صفحة جديدة خطيرة في حرب أوكرانيا

الأحد 2 أكتوبر 2022 07:05 ص

أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عن ضم المزيد من الأراضي الأوكرانية وأوضح رؤيته طويلة الأجل للمواجهة مع الغرب.

وقال "بوتين" في خطاب ألقاه في قاعة سانت جورج في الكرملين خلال حفل إضفاء الطابع الرسمي على ضم روسيا لحوالي 15% من التراب الأوكراني: "تم عقد استفتاءات في جمهوريات دونيتسك ولوهانسك وزابوروجيا وخيرسون.. والنتيجة معروفة فقد اختار الناس ما يعبر عنهم بالفعل".

وأكد "بوتين" أن ضم المناطق الأربع الجديدة للاتحاد الروسي يعبّر عن الإرادة الشعبية للملايين، وأنّ سكان تلك المناطق باتوا مواطنين روسيين إلى الأبد.

وأضاف: "هذا بالطبع حقهم غير القابل للمصادرة، والذي تم تكريسه في المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يتحدث صراحة عن حق الشعوب في تقرير مصيرها".

وقام "بوتين" بتأطير الاستفتاءات باعتبارها عملا منسجما مع العدالة التاريخية، واصفا المناطق الأوكرانية المضمومة (الشرقية والجنوبية) - والتي كان يُشار إليها بـ"نوفو روسيا" أو "روسيا الجديدة"، خلال الحقبة الإمبريالية الروسية - باعتبارها أراضٍ روسية شرعية منذ عهد "روسيا القديمة".

وقدم الرئيس الروسي الضم أمام كييف والغرب باعتباره شيًئا لا رجعة عنه، حيث قال: "أي مفاوضات لاحقة ستُجرى ستكون وفقًا لشروط موسكو وإلا لن تُجرى على الإطلاق.. ندعو نظام كييف إلى إنهاء الأعمال العدائية على الفور والعودة إلى طاولة التفاوض".

وألحق ذلك بقوله: "نحن مستعدون لذلك، لكننا لن نناقش اختيار الناس في دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوروجيا، لقد اتخذوا قرارهم وروسيا لن تخونهم".

رسالة تصعيدية تتجاوز الضم

وأصر الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلنسكي" في الفترة التي سبقت التصويت على أن محادثات السلام المستقبلية لن تكون مطروحة إذا استمرت روسيا في مخطط الاستفتاء. وفي الواقع، فإن قرار "بوتين" بإضفاء الطابع الرسمي على الضم يجعل من الصعب للغاية تصور أي أساس لتسوية ثنائية بين موسكو وكييف.

ويحمل خطاب "بوتين" أهمية خاصة تتجاوز موضوع الضم، فقد أكد من جديد أن روسيا لن تتراجع وهي مستعدة لمزيد من التصعيد من أجل إعادة هيكلة النظام الدولي ما بعد العصر السوفيتي.

وقال "بوتين": "النخب الغربية لا تنكر فقط السيادة الوطنية والقانون الدولي، بل إن هيمنتهم تحمل سمة واضحة من الشمولية والاستبداد والفصل العنصري. إنهم يقسمون العالم بوقاحة إلى تابعيهم، أو ما يسمى بالبلدان المتحضرة وإلى البقية الذين ينبغي إضافتهم إلى قائمة البرابرة والمتوحشين، وفقًا لخطة العنصريين الغربيين اليوم".

وأضاف "بوتين" أن روسيا "لم تقبل أبدًا ولن تقبل مثل هذه السياسة الاستعلائية والعنصرية".

وكان الخطاب في جزء كبير منه إدانة بكامل طاقة "بوتين" للعالم الغربي، وإعادة تدوير لمجموعة واسعة من المظالم التاريخية التي تتراوح من تجارة الرقيق عبر الأطلسي و "نهب الغرب لأفريقيا" و"إبادة القبائل الهندية في أمريكا" إلى القصف النووي لهيروشيما ونجازاكي، وقصف السجاد في فيتنام.

ويمثل الخطاب تتويجًا منطقيًا للاتجاهات المناهضة للغرب والتي بدأ ملاحظتها في خطاب "بوتين" منذ مؤتمر ميونيخ عام 2007، لكن هناك رسالة مخيفة في رسائل موسكو هذه المرة، فلم يوضح "بوتين" طريقًا للمصالحة أو يلمح إلى ما يعتبره تسوية مناسبة.

وبدلاً من ذلك، أعلن الرئيس الروسي كفاحا وجوديا يتجاوز الحدود، حيث قال: "في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أوروبا والولايات المتحدة، لدينا العديد من الأشخاص المتشابهين في التفكير، ونحن نشعر بدعمهم ونراه".

ومضى قائلا "هناك حركة تحرير مناهضة للاستعمار تتطور بالفعل ضد الهيمنة أحادية القطب، وسوف تنمو قوتها، هذه هي القوة التي ستحدد المستقبل الجيوسياسي للعالم".

ومن المفارقة أن خطاب "بوتين" يحاكي خطابات بعض صانعي السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا في نبرته الأخلاقية، حين قال: "اليوم نحن نحارب من أجل مسار عادل وحر، لأجل لأنفسنا أولًا، لأجل روسيا، ولأجل أن ينتهي الاستبداد إلى الأبد".

وتابع: "نحتاج اليوم إلى أن يتوحد كل مجتمعنا، لا يمكن أن يستند هذا التماسك إلا إلى السيادة والحرية والإبداع والعدالة. قيمنا هي الإنسانية والرحمة والتعاطف".

صفحة جديدة خطيرة

لم يكن هناك أي غموض في رسالة "بوتين": فروسيا تقاتل ليس فقط من أجل تغيير حدود أوكرانيا، ولكن لإنهاء ما تراه على أنه نظام عالمي قمعي وإقصائي بقيادة الغرب.

ويبقى أن نرى بالضبط كيف سينعكس هذا الخطاب على السياسة الملموسة خلال الأشهر المقبلة، لكن هناك شيئًا واحدًا واضح: فخطاب "بوتين" في قاعة سانت جورج يمثل مرحلة جديدة خطيرة في حرب أوكرانيا.

وأشار كبار مسؤولي الكرملين إلى أنه يمكنهم استخدام أي وسيلة تحت تصرفهم، بما في ذلك ليس فقط الأسلحة النووية التكتيكية وإنما الاستراتيجية، لتحييد التهديدات ضد الأراضي المضمومة.

وأصبحت موسكو ملزمة الآن بالدفاع عن المناطق المضمومة حديثًا لأنها ستعتبرها أراضٍ ذات سيادة، مما يمهد الطريق للتصعيد المستمر مع دخول الصراع الشهر السابع.

وفي جزء تم التغافل عنه من الخطاب، وجه "بوتين" اللوم للناتو فيما يتعلق بأفعال التخريب بحق خطوط أنابيب "نورد ستريم"، حيث قال: "العقوبات ليست كافية بالنسبة للأنجلو-سكسونيين، فقد تحولوا إلى التخريب، أمر لا يصدق لكنه حقيقي، حيث دبروا الانفجارات في خطوط أنابيب الغاز الدولية التابعة لنورد ستريم لتدمير البنية التحتية للطاقة الأوروبية. المستفيد من هذا واضح للجميع. من يستفيد منه هو الذي فعل ذلك".

الحرب قد تتجاوز أوكرانيا

من غير الواضح ما إذا كان الكرملين سيختار التصرف بناءً على هذا الاعتقاد من خلال إطلاق ما سيراه ضربات انتقامية ضد البنية التحتية الغربية.

وقال الأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرغ" يوم الخميس إن مثل هذه الهجمات ستواجه "ردا موحدا وحازما"، مما يعيد إثارة المخاوف من أن الحرب يمكن أن تتجاوز حدود أوكرانيا.

واستجاب "زيلينسكي" لخطاب "بوتين" بنداء طارئ بتعجيل عضوية أوكرانيا في الناتو. وقال "ستولتنبرغ"، عندما سئل عن طلب كييف في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، إن "الناتو سيواصل دعم أوكرانيا، لكنه أظهر التردد بشأن فكرة انضمامها إلي الناتو بشكل عاجل.

وقال: "كل ديمقراطية في أوروبا لها الحق في التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو، ويحترم حلفاء الناتو هذا الحق، وقد ذكرنا مرارًا وتكرارًا أن باب الناتو لا يزال مفتوحًا، بالطبع يجب أن يتخذ جميع الحلفاء الثلاثين قرارًا بشأن العضوية ونحن نتخذ هذه القرارات بالإجماع".

وختم بالقول: "ينصب تركيزنا الآن على تقديم الدعم الفوري لأوكرانيا، لمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد الغزو الوحشي الروسي"، مضيفًا أن تصرفات روسيا الأخيرة تمثل أخطر تصعيد منذ بداية الحرب.

المصدر | مارك إبيسكوبوس/ ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا بوتين دونيتسك لوهانسك زابوروجيا ضم أراضي أوكرانية استفتاءات الضم الناتو نورد ستريم حرب أوكرانيا

رسميا.. بوتين يعلن ضم 4 مناطق أوكرانية للاتحاد الروسي

مفترق طرق.. هل سيغير بوتين وجه الحرب؟

بايدن: روسيا تعرض البشرية لخطر حرب "نهاية العالم"

انتكاسات أوكرانيا تعمق متاعب بوتين في روسيا