ترسيم حدود لبنان وإسرائيل.. تفاؤل ببيروت وموافقة في تل أبيب وانتقاد من نتنياهو

الأحد 2 أكتوبر 2022 11:32 ص

حالة من التفاؤل تعيشها لبنان، على خلفية العرض الأمريكي حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، التي أعلنت موافقتها المبئدية على العرض، وهي الخطوة التي اعتبرها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "بنيامين نتيناهو" بمثابة خضوع إسرائيلي.

وأعلن لبنان وإسرائيل السبت، تسلمهما عرضاً مكتوباً من الوسيط الأمريكي "آموس هوكستين" حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، في خطوة تعقب تأكيد مسؤولين لبنانيين مؤخراً أن المفاوضات باتت في مراحلها الأخيرة.

وكشفت مصادر رسمية لبنانية، أن العرض الأمريكي استجاب للمطالب اللبنانية، مشيرة إلى أنه جاري دراسة بنوده القانونية وإحداثياته التقنية.

ووصف رئيس البرلمان اللبناني "نبيه بري"، الأحد، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" بعد دقائق من عقب اجتماعه مع السفيرة الأمريكية لدى بيروت "دوروثي شيا"، مسودة الاتفاق الذي اقترحته واشنطن بـ"الإيجابي".

وقال "بري" إن المسودة "تلبي مبدئيا المطالب اللبنانية التي ترفض إعطاء أي تأثير للاتفاق البحري على الحدود البرية".

وكشف "بري" أن الاتفاق "مؤلف من 10 صفحات وباللغة الإنجليزية ويستلزم درسا"، مؤكدا أنه ورئيس الجمهورية "ميشال عون" ورئيس الحكومة "نجيب ميقاتي" يدرسون مع مساعديهم "تحديد الملاحظات عليه إن وجدت"، على أن يتم بعدها التشاور بينهم "قبل تقديم الرد".

وبعد لقائها "بري"، أشارت "شيا" إلى أن "الجو إيجابي جدا".

وهو الأمر الذي ذكره نائب رئيس البرلمان  "إلياس بوصعب"، حين قال إن "الأجواء إيجابية أكثر من أي وقت مضى".

ولفت إلى أن لبنان سوف يطلب تعديلات "غير جوهرية" على النص المقترح.

ونقل "بوصعب" عن السفيرة الأمريكية التي سلمت النص، تأكيدها أنه "غير نهائي"، وبالتالي قابل للتعديل.

في تعليقه على العرض الأمريكي، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في لبنان "حزب الله" النائب "محمد رعد"، أن "أمسكنا العدو (إسرائيل) من عنقه حين لاحظنا حاجته لاستثمار الغاز".

وأضاف: "أردنا أن نستنقذ حقوقنا المتغافل عنها لدى هذا العدو، فأرغمناه على الاستجابة وعلى التفكير من أجل أن يعترف بحقوقنا".

وتابع "رعد": "الآن قطعنا شوطا كبيرا، ونحن ندعم الموقف اللبناني من أجل أن نستنقذ حقنا في ترسيم حدودنا البحرية، ومن أجل أن نستثمر غازنا الذي هو ملك لأجيالنا ولأبنائنا".

وأضاف: "ما لن ننتزعه في هذه الأيام سننتزعه في قابل الأيام، والعدو يدرك ذلك، ولذلك هو يتعاطى بما لا يمنحنا الفرصة من أجل أن يتلقى منا الصفعة تلو الصفعة".

على الطرف الآخر، وافقت إسرائيل بشكل مبدئي، على مسودة الاتفاق.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "يائير لابيد"، أمام اجتماع الحكومة الأسبوعي في القدس، إن المسودة "ستصون مصالح إسرائيل الأمنية والتجارية بشكل كامل"، معرباً عن "انفتاحه" على فكرة إنتاج لبنان للغاز الطبيعي من حقل متنازع عليه في البحر المتوسط، حال حصلت إسرائيل على رسوم منه.

وأضاف "لابيد" في تغريدة له عبر "تويتر": "عرض الوسيط الآن قيد المراجعة القانونية، بعد الانتهاء من المراجعة، سنطرح القرار، مع وزير الدفاع بيني جانتس ورئيس الوزراء (السابق) نفتالي بينيت، بالتنسيق مع المستشار القانوني للحكومة، لمناقشته والموافقة عليه".

وتابع: "لا اعتراض من جانبنا على فكرة إنتاج لبنان للغاز من حقل سنحصل منه بالطبع على العائدات التي نستحقها.. مثل هذا المخزون سيضعف اعتماد لبنان على إيران ويحد من حزب الله ويجلب الاستقرار الإقليمي للمنطقة".

وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى أن بلاده "تحاول الوصول إلى هذه الصفقة منذ أكثر من 10 سنوات".

وتابع: "سيتم تعزيز أمن الشمال وسيعمل جهاز الحفر في حقل كاريش وينتج الغاز، وستدخل الأموال إلى خزائن الدولة، ما يضمن استقلال الطاقة لدينا، هذه صفقة تعزز الأمن والاقتصاد الإسرائيلي".

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "بنيامين نتنياهو"، وصف الموافقة الإسرائيلية على العرض بمثابة "خضوع لحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني".

ونشر "نتنياهو" تغريدة على حسابه الرسمي على "تويتر"، الأحد، أكد من خلالها أن "لابيد قد استسلم لحسن نصرالله بشكل مخجل، مانحا حزب الله اللبناني أرضا ذات سيادة لدولة إسرائيل".

وأشار "نتنياهو" إلى أن "لابيد" منح حزب الله خزان غاز ضخم يخص المواطنين الإسرائيليين، وذلك دون مناقشة داخل البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، ودون استفتاء عام.

ولفت إلى أنه ليس لـ"لابيد"، أي تفويض لتسليم أرض ذات سيادة لدولة معادية، على حد زعمه.

وتسارعت منذ بداية يونيو/حزيران الماضي، التطورات المرتبطة بالملف بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه.

وتعتبر بيروت أنه يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.

وزار "هوكستين" بيروت مراراً خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال في ختام زيارته لها الشهر الماضي: "أشعر فعلاً بأننا أحرزنا تقدما في الأسابيع الأخيرة"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنّ "الأمر يتطلب مزيداً من العمل".

وكان مسؤولون عدة، بينهم "عون" و"ميقاتي"، أعلنوا في الأسابيع القليلة الماضية إحراز تقدّم ملموس بشأن ترسيم الحدود.

وأبلغ "عون" في 19 سبتمبر/أيلول المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان "جوانا فرونيسكا" إن "المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة".

وانطلقت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل العام 2020، ثم توقفت في مايو/أيار 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعة تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة.

لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش" وتُعرف بالخط 29.

وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان "هوكستين" لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش، بل يشمل ما يُعرف بحقل قانا.

ويقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.

ومن شأن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية أن يسهّل عملية استكشاف الموارد النفطية ضمن مياه لبنان الإقليمية. وتعوّل السلطات على وجود احتياطات نفطية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المتمادي منذ نحو 3 أعوام.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

لبنان إسرائيل ترسيم حدود وساطة أمريكية غاز البحر المتوسط

عرض إسرائيلي لترسيم الحدود مع لبنان.. والوسيط الأمريكي متفائل

قطر ترحب بالتقدم الإيجابي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

"لصالح إسرائيل".. لابيد: سننفذ اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان

الكابينت الإسرائيلي يلتئم لبحث إبرام اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان

في إشارة إلى تجميده.. نتنياهو يتعهد بالتعامل مع اتفاق الترسيم اللبناني مثل أوسلو