ذي إنترسبت: السيسي فشل في تبييض سمعته خلال قمة المناخ

الخميس 17 نوفمبر 2022 06:14 ص

"كان مؤتمر المناخ هذا العام كوب27 مجرد روتين، ولم يكن المهم محتواه بل موقعه، فقد نظم في ظل أكثر الأنظمة قمعا في تاريخ مصر الحديث، وفي ظل عبدالفتاح السيسي الذي سيطر على السلطة عام 2013، وظل متمسكا بها عبر سلسلة من الانتخابات المرتبة"..

هكذا خلص تقرير موقع "ذي إنترسبت" للناشطة "نعومي كلاين" و"محمد رفيع"، حول فشل "الديكتاتور السيسي"، في تبييض سمعته من خلال عقد قمة المناخ، وألقى إضراب الناشط "علاء عبدالفتاح" بظله عليها.

وكان التركيز على "عبدالفتاح"، لأنه وهو الذي قضى معظم سنوات العقد الماضي وراء القضبان، قرر تصعيد إضرابه عن الطعام والتوقف عن شرب الماء والذي جاء وقته مع بداية المؤتمر.

وبعمله هذا، فقد كان يحاول أن يجبر النظام على الاختيار بين أمرين، الإفراج عنه والسماح له بالهجرة إلى بريطانيا التي يحمل جنسيتها، أو تركه يموت وسط أهم مؤتمر دولي يعقد في مصر.

وتشير سحابة الانحراف والتضليل الذي يحيط بوضع "عبدالفتاح"، حسب التقرير، إلى طريقة أخرى تجعل من مؤتمر المناخ هذا العام مختلفا عن عشرات المؤتمرات السابقة، ذلك أنه من المستحيل الحصول على معلومات موثوقة عن البلد المضيف وما يجري في السجون والشوارع أو المشاريع الملوثة.

وهذا لكون مصر دولة بوليسية بـ60 ألف سجين سياسي خلف القضبان، ونظام إعلام يسيطر عليه النظام وبقوة.

ووفق "ذي إنترسبت"، فإن هناك عدة جرائم لنظام "السيسي" أخفاها عن قمة المناخ، أبرزها القمع الشديد الذي يواجه المجتمع المدني في مصر، خاصة أنه لم يستطع معظم نقاد النظام السفر إلى شرم الشيخ، ومن سمح لهم بالمشاركة تعرضوا لتدقيق أمني، ومن تحدث علانية ضد النظام فهو عرضة لمخاطر كبيرة، وتحذر جماعات حقوق الإنسان من قمع شديد بعد انتهاء المؤتمر.

كما راقب نظام "السيسي" الوفود التي شاركت بالمؤتمر بشكل كثيف، فالتطبيق الذي أعدته الحكومة للمشاركين في القمة وحمله آلاف منهم وصفه خبراء التكنولوجيا بأنه "سلاح إلكتروني" بقدرات رقابة غير عادية.

وتم تركيب 800 تاكسي في شرم الشيخ بكاميرات فيديو وأجهزة تسجيل، وتم فحص هواتف الأشخاص في عدة مدن بطريقة عشوائية.

وحدثت عدة حوادث عن تسجيل وتصوير الوفود المشاركة بشكل دفع الحكومة الألمانية لتقديم شكوى.

وتعني السيطرة الشديدة أن المؤتمر عقد ضمن فقاعة معلومات حاول نظام "السيسي" وبمساعدة من شركة العلاقات العامة "هيل نولتون" طلاءها بالأخضر.

وفي محاولة لاختراق الفقاعة، قام الباحثان بالتعاون مع محامين وصحفيين وناشطين وباحثين على الأرض في مصر بجمع المعلومات التي حاول النظام قمعها.

واستخدم الفريق شبكات شخصية ومحترفة، حيث جمع الكثير من الشهادات والقصص حول كل شيء من مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة في مصر واعتقال ومراقبة المحليين، وأزمة حقوق الإنسان المستمرة في سجون النظام.

منذ تولي "السيسي" السلطة، قيد نظامه مساحة المعارضة، وزاد قمع الدولة بشكل واضح كل عام، خاصة عندما تحل ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

كما أن تقارير وصلت للباحثين قبل وخلال مؤتمر المناخ عن تزايد القمع في كل أنحاء البلد، ووصل في بعض المناطق إلى قمع شامل.

وواجه المصريون أكبر عملية قمع لم يروها في حياتهم حيث شملت فحص الهواتف بشكل عشوائي، وإغلاق المدارس والمواصلات والاعتقالات بكبرى المدن المصرية.

وفي شهادة قدمها الموقع تمثل ما يجري يوميا للمئات إن لم يكن الآلاف، قال صاحبها إنه تواعد مع أصحاب له للقاء في ساعة محددة، وكان يأمل بركوب سيارة "أوبر" أو "سكوتر" لكن مجموعة من رجال الشرطة بالزي المدني أوقفوه وأخذوا منه هاتفه وهويته، ونقل مع أصحابه في دورية شرطة حيث ظلت تتوقف عند كل حاجز وتضيف ركابا جددا لهم.

وتوقفوا عند نقطة شرطة مؤقتة، وتركوهم لساعات طويلة، وكان يخشى من فحص رجال الأمن لمنشوراته على "فيسبوك" الذي أوقفه.

وبعد نهاية الحجز وإعادة هاتفه وهويته، اكتشف أن حسابه على "فيسبوك" تم تفعيله من جديد.

وشهادات كهذه من الصعب التعرف عليها بعد سنوات من القمع وخوف الصحفيين لتناولها.

وقال صحفي إنه بسبب القمع والملاحقات تخيل دقا على باب بيته في منتصف الليل حيث خشي من رجال شرطة بزي مدني خارج بيته، وفكر بمغادرة القاهرة لأسبوع بسبب التقارير عن التوقيف العشوائي والتشديدات الأمنية بسبب مؤتمر المناخ والتظاهرات التي قيل إنها ستعقد ولم يكن يخطط للمشاركة فيها.

وتلقى الباحثان شهادات من ناشطين يخشون من استمرار القمع بعد تراجع الاهتمام الدولي بمؤتمر المناخ، وقال أحدهم: "أخشى أنهم سيأتون بعد مؤتمر المناخ ويعتقلون بقيتنا، وهناك قلة من الناشطين لم يغادروا مصر ولم يعتقلوا، ولا يتعلق الأمر بكوننا مهمين أو ناشطين، ولكن لأنه لم يبق غيرنا للاعتقال".

وأشار "ذي إنترسبت"، إلى زيادة الوفيات في السجون المصرية وبخاصة سجن "بدر3" و"النطرون" اللذين يقدمهما النظام على أنهما رمز للنظام الإنساني، فقد سجلت حملة "حتى آخر واحد" وفاة 47 سجينا على الأقل في المعتقل منذ بداية العام الحالي.

وهذه الوفيات تتحدث عن ظروف المعتقلين في مراكز الاعتقال، رغم دعوات الإصلاح والتقدم.

وحدثت آخر الوفيات قبل يوم واحد من مؤتمر المناخ في شرم الشيخ.

وقبل وصول الوفود الدولية إلى شرم الشيخ، حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن "الموضوعات البيئية الأكثر حساسية هي تلك التي تشير لفشل الحكومة بحماية حقوق الناس ضد الأضرار التي تسببت بها مصالح الشركات، بما فيها القضايا المتعلقة بأمن المياه والتلوث الصناعي والضرر البيئي بسبب شركات العقارات والتنمية السياحية والتجارة الزراعية".

ولم تتم مناقشة هذه الموضوعات الحساسة والهامة التي تتسبب بها الدولة في المؤتمر.

وذكر الموقع شهادات من باحثين وناشطين في مجال حماية البيئة وتكشف عن تشريد الجيش وقوات الأمن مجتمعات وعبثت بالبيئة.

وفي سيناء التي انعقد فيها مؤتمر المناخ، شرد الجيش المصري على مدى العقد الماضي مجتمعات ودمر البيئة.

وقال ناشطو البيئة إن حرب مصر الطويلة في سيناء أدت لتجريف مئات الآلاف من الفدادين الخضراء، وأضرت بالثروة الزراعية المحلية التي أقام السكان البدو حياتهم عليها.

واستمر تدمير الثروة الزراعية هذه وحتى هذا اليوم في منطقة شمال سيناء، قبل أن تشرد 120 ألفا من قراهم وكل مدينة رفح التاريخية.

وفي وقت انعقاد مؤتمر المناخ أجلت السلطات المصرية مئتين من الذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة في سيناء على أمل إعادة بنائها.

وستظل الآثار البيئية لعقد من العمليات العسكرية في المنطقة وتدمير آلاف الفدادين من المناطق الخضراء قائمة وعلى مدى السنين القائمة إلا في حالة قامت السلطات بتقييم وتقديم خطة احتواء.

وأشار الباحثون إلى أن "السيسي" ومنذ وصوله إلى السلطة عبر عن اهتمام بالبحيرات في شمال مصر.

واعتبر البحيرات مصدرا للدخل ومزارع الأسماك. وتم إنشاء العديد من البرامج والتي لم تتم دراستها من ناحية بيئية.

وسبق لصحيفة "الجارديان"، أن قالت إن مدينة "شرم الشيخ أثبتت أنها مكان صعب ومربك لمحادثات المناخ كوب27".. حيث اشتكى مشاركون من الازدحام المروري الخانق، والتكييف الذي جعل قصر المؤتمرات كـ"القطب الشمالي"، فضلا عن القمع الذي تعرض له ناشطون مصريون حاولوا التعبير عن آرائهم.

وبحسب الصحيفة، كانت التجربة صعبة بعض الشيء على ممثلي الدول المشاركة أثناء انتقالهم إلى المركز الدولي للمؤتمرات، وهو مكان يفتقر في أوقات مختلفة إلى الطعام والماء والاتصال بالإنترنت أو درجة حرارة معتدلة عن تلك التي في الخارج.

ورغم الديكور المميز خارج مركز المؤتمرات، فإن الوضع العام كان سيئا لدرجة أن أحد مندوبي السويد قال للصحيفة إن "الأمر أشبه بالتواجد في لاس فيجاس، ولكنه أسوأ إلى حد ما".

إلى ذلك، اشتكى المشاركون من ندرة الخرائط الإلكترونية أو اللافتات التوجيهية في الطرق، مما صعب عملية التنقل.

كما رفعت الفنادق أسعارها إلى مستويات فلكية، وطلبت في بعض الأحيان من المندوبين الوافدين أموالًا أكثر مما تم الاتفاق عليه سابقًا.

وتسربت مياه الصرف الصحي كذلك بمحيط "المنطقة الزرقاء" بالمؤتمر، ما دفع الحضور إلى القفز على الحجارة لتجاوز المياه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي انتهاكات حقوقية علاء عبدالفتاح قمة المناخ

فايننشال تايمز: قمة المناخ أعطت حقوقيي مصر مساحة نادرة للتعبير

أطفال يحرجون القادة في مؤتمر المناخ.. ويطالبون بحماية مستقبلهم