استراتيجية تركية جديدة لعملياتها في سوريا.. تعرف عليها

الاثنين 28 نوفمبر 2022 08:00 ص

"يبدو أن تركيا عكفت على تنفيذ استراتيجية عسكرية جديدة في سوريا بتركيز الاعتماد على استخدام القوة الجوية كأداة لتحقيق أهداف عسكرية شِبه كاملة".

هكذا خلص تقرير لمركز "جسور" للدراسات، تعليقا على بدء تركيا، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عملية "المخلب–السيف" الجويّة ضد مواقع مسلحي تنظيمي "حزب العمال الكردستاني" (بي كا كا) شمالي العراق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمالي سوريا.

ولفت التقرير إلى أن الاستراتيجية الجديدة لتركيا لم تكتف فقط بمهام القوات الجوية الاعتيادية في تقديم تغطية الطيران الحربي وتهيئة الميدان للقوات البرية.

وأوضح: "تقوم الطائرات الحربية والمسيّرة بمهام استنزاف وإضعاف بي كا كا وقسد، عبر تركيز الضربات على القيادات ومخازن الأسلحة وخطوط الإمداد والمخابئ وغيرها من المنشآت العسكرية واللوجستية والاقتصادية".

والأسبوع الماضي، شن عملية عسكرية جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق، بعد أسبوع على اعتداء دام في إسطنبول، اتهمت كلا من حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية في سوريا بالوقوف خلفه.

ولفت إلى أن "التنسيق العملياتي مع الولايات المتحدة وروسيا حقق خرقا في توسيع حجم ونطاق الضربات الجوية للعملية، حتى باتت عملية (المخلب–السيف) الأوسع والأكثر كثافةً منذ اعتماد تركيا على العمليات الجوية في سوريا"، في إشارة إلى عملية "نسر الشتاء" في فبراير/شباط 2022، والضربات التي سبقتها وبدأت منذ أغسطس/آب 2021.

ويُلاحَظ، وفق التقرير، أنّ التنسيق العسكري العالي بين واشنطن وأنقرة قد أتاح وصول الطيران الحربي التركي إلى محافظة دير الزور للمرة الأولى، منذ أن أطلقت تركيا عملياتها العسكرية في سوريا.

وفسر ذلك بالقول، إن ذلك يعود إلى "الموقف المرن من الولايات المتحدة برغبتها في الحفاظ على حالة الحياد الإيجابي لتركيا في العلاقة مع روسيا".

وتابع تقرير "جسور": "بالمقابل كان التنسيق بين تركيا وروسيا بالحدّ الأدنى والضروري لضمان سلامة الطيارين الأتراك، لأن موسكو تشرف على تشغيل كافة منظومات الدفاع الجوي التي تغطي كافة الأجواء السورية".

ويُلاحظ أن هذا التنسيق ضمن فقط سلامة القوات الروسية في بعض المواقع، دون مراعاة سلامة قوات النظام السوري التي تعرضت بعض مواقعها للقصف في عين العرب، وفق التقرير.

ولفت التقرير إلى الاستياء الروسي من العملية؛ حيث لجأت إلى التصعيد في إدلب بغرض الضغط لإعادة ضبط نطاق وحجم الضربات الجوية التركية.

ويُشير توقيت العملية الجوية، التي بدأت قبل انعقاد جولة "أستانا 19" حول سوريا، إلى رغبة تركيا بفرض قواعد اشتباك جديدة فيما يتعلّق بآلية التعاطي مع التهديدات القادمة من مناطق سيطرة "قسد".

وبدَا أنّ هناك أهدافاً ثانوية من العملية، وفق التقرير، كاختبار جدية مواقف السويد وفنلندا اللتين قطعتا وعوداً لتركيا بالتراجع عن دعم حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري، مقابل عدم اعتراض أنقرة على انضمامهما إلى حلف الناتو.

وقد أبدت الخارجية السويدية تأييدها لحق تركيا بالدفاع عن نفسها.

ويتابع التقرير: "تركيا اختارت تنفيذ العملية في وقت انشغال الفاعلين الدوليين بقضايا أكثر أولوية بالنسبة لهم؛ فروسيا والغرب يركزون على الصراع في أوكرانيا، وإيران تواجه تحدي الاحتجاجات الشعبية العارمة".

وكانت تركيا توعّدت بشنّ عملية عسكرية شمال سوريا في مايو/أيار 2022، لكن يبدو أنّها لم تتمكّن من تحقيق التنسيق العسكري والأمني الكافي مع روسيا والولايات المتحدة الذي يتيح لقواتها البرية والجوية تنفيذ هجوم جديد.

ووفق التقرير: "لكن يبدو أنّ الإستراتيجية الجديدة شكّلت بديلاً معقولاً  لتركيا عن العملية البرية، فقد لا تتطور ضربات الطيران الحربي والمسيّر إلى مشاركة من القوات على الأرض بالضرورة، فالولايات المتحدة ورغم مستوى التنسيق المرتفع أبدت تخوُّفها من تأثير العمليّة على الحرب ضد تنظيم داعش، والذي قد يُشكّل عائقاً أمام توسيع مستوى التنسيق ليتيح شنّ هجوم بري في الوقت الراهن".

وانتقدت الولايات المتحدة في بيان لخارجيتها العملية الجوية في سوريا، وحذرت تركيا من أنه "لا ينبغي لنا الدخول إلى هناك، فالمنطقة تحت سيطرتها (الولايات المتحدة)".

وتدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا ضد جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية"، فيما تدعم روسيا مجموعات موالية للنظام في المنطقة نفسها.

وختم التقرير بالقول: "تلويح تركيا بمزيد من التصعيد، ربما يكون بغرض الحصول على امتيازات في التنسيق العسكري من الولايات المتحدة وروسيا، على غرار حالة الضربات الإسرائيلية، بما يُحقق لها قدرة مستمرّة على ضرب الأهداف التي تريد في سوريا، مقابل اتخاذ إجراءات عدم التصادُم بين القوات الجوية والبرية".

والسبت، قال وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار"، في اجتماع مغلق للحزب الحاكم، إنه لم يكن بالإمكان الحصول على الدعم المطلوب من كل من روسيا والولايات المتحدة فيما يتعلق بعملية "المخلب-السيف" الجوية في شمال سوريا، ولكن رغم ذلك، فإن العملية جرت وكانت ناجحة.

ولفت إلى أن العملية البرية ستنفذ في أسرع وقت ممكن، دون تقديم المزيد من التفاصيل.

وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ألمح قبل أيام عن احتمال إطلاق "عملية برية" في سوريا، حين قال: "هذه العملية لن تقتصر فقط على عملية جوية".

وأكّد "أردوغان" أنه لم يُجر "أي محادثة" مع الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أو نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" بشأن هذه العملية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا قصف جوي سوريا استراتيجية جديدة عملية برية