اضطهاد واستهداف.. إغلاق متحف واعتقال صاحبه يثير استياء مسلمي الهند

الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 10:28 ص

تشهد ولاية آسام شمال شرقي الهند حالة من الاستياء في صفوف المسلمين بعد إغلاق الشرطة متحفا خُصص لثقافة "الميا" - وهم مسلمو الولاية الذين يتحدثون اللغة البنغالية.

وبحسب تقرير نشره موقع قناة "بي بي سي نيوز"، افتتح "موهار علي" وهو زعيم حزب سياسي محلي متحفا صغيرا في منزله بإحدى القرى الواقعة بمنطقة غوالبارا بالولاية.

وأضاف التقرير أن "علي" أنفق حوالي 7000 روبية (86 دولارا أمريكيا) على إنشاء المتحف، الذي عرض فيه بالأساس بعض الأدوات الزراعية والملابس.

وعقب يومين من افتتاحه قامت السلطات المحلية بإغلاق المتحف، كما أغلقت بيت "علي" وختمته بالشمع الأحمر، بدعوى أنه استخدم المنزل المخصص له في إطار مشروع حكومي لأغراض تجارية.

واعتقلت الشرطة "علي" وشخصين آخرين ساعداه على إنشاء المتحف، بحسب التقرير.

وزعمت الشرطة أن "القضية ضد الرجال الثلاثة لا علاقة لها بالمتحف، بل بصلاتهم المزعومة بجماعات وصفتها بالإرهابية".

غير أن الرجال الثلاثة - الذين اعتقلوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب شديد الصرامة الذي يجعل من شبه المستحيل الإفراج عنهم بكفالة - نفوا صحة الاتهامات الموجهة إليهم"، وفق "بي بي سي".

تهميش واستهداف

ويقول منتقدو السلطات إن الاعتقالات هي أحدث حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات الرامية إلى تهميش تلك الفئة المسلمة في ولاية أسام، وهي ولاية تتسم بالتعددية والتعقيدات العرقية، وتعتبر الهوية اللغوية والمواطنة أكثر القضايا محل الخلاف والانقسام هناك.

يشمل سكان الولاية هندوسا يتحدثون اللغتين البنغالية والأسامية، فضلا عن خليط من القبليين والمسلمين، وتشهد أسام منذ عقود حركة مناهضة للهجرة ولمن يعتبرون "دخلاء" قادمين من دولة بنجلاديش المجاورة.

ولطالما اُتهم المسلمون الذين يتحدثون البنغالية على وجه الخصوص بأنهم مهاجرون غير موثقين.

ومنذ وصوله إلى السلطة في عام 2016، عكف حزب "بهارتيا جاناتا" الحاكم في الهند وفي ولاية أسام على حشد أصوات المجتمعات الهندوسية والقبلية من خلال تبني سياسات يقول منتقدوه إنها تميز ضد المسلمين.

 كما استهدف العديد من ساسة الحزب المسلمين في خطاباتهم، ومن بينهم الوزير الأول لولاية أسام هيمانتا "بيسوا سارما".

وبعد عودتها إلى السلطة في عام 2021، قامت حكومة "بهارتيا جاناتا" بالإجلاء القسري لآلاف الأشخاص في إطار خطة مثيرة للجدل تستهدف ما وصفته بالزحف غير الشرعي للمهاجرين - وغالبية المستهدفين مسلمون يتحدثون البنغالية.

كما أقرت الحكومة في وقت سابق من العام الحالي تصنيف خمس مجموعات من المسلمين على أنها "من سكان أسام الأصليين"، ما أثار مخاوف من تعرض المجموعات المسلمة الأخرى للمزيد من التهميش.

هدف سهل

ويقول الدكتور "حافظ أحمد"، وهو أكاديمي يتبنى قضية المسلمين الذين يتحدثون البنغالية إن "المسلمين ذوي الأصول البنغالية أصبحوا هدفا سهلا للسياسة".

ويوضح أن "الغرض هو أن يقولوا لأغلبية سكان الولاية إن الميا ليسوا جزءا من المجتمع الأسامي، بل أعداء له".

غير أن "فيجاي كومار جوبتا"، وهو أحد كبار زعماء حزب "بهارتيا جاناتا"، نفى ذلك وقال إن "الآخرين" يحاولون "اختلاق نزاع" بين الفئات المختلفة في الولاية.

وأضاف قائلا: "من المفترض أن يكون الهدف من أي متحف الحفاظ على التراث الثقافي لفئة ما، لكن ذلك لا يحدث هنا".

عبر مختلف أنحاء جنوب آسيا، تستخدم كلمة "ميا" كلقب شرفي للرجال المسلمين.

ولكن في أسام، تحمل الكلمة مدلولا ازدرائيا وتستخدم لوصف الآلاف من الفلاحين المسلمين الذين هاجروا من بعض مناطق شرق البنغال التي توجد حاليا داخل دولة بنغلاديش.

متحف بأهداف ثقافية

وقال "موهار علي" إن متحف الميا في غوالبارا - والذي أقيم في غرفة صغيرة واحتوى على بضعة أدوات زراعية تقليدية وأدوات صيد مصنوعة من الخيزران (البامبو) ولباس "الغاموسا" التقليدي لولاية أسام الذي يُغزل يدويا - كان يمثل جزءا من "ثقافة شعب الميا".

لكن الكثير من زعماء حزب "بهارتيا جاناتا" اتهموه بمحاولة خلق الانقسامات داخل المجتمع، وقالوا إن معروضات المتحف تمثل الهوية الأسامية وليس هوية المسلمين البنغال.

وكانت فكرة إقامة متحف يكون بمثابة مركز ثقافي بارز قد طرحت للمرة الأولى عام 2020 من قبل عضو حزب المؤتمر الوطني السابق "شرمان علي أحمد" الذي لطالما أعرب عن مساندته ودعمه لمجتمع الميا المسلم، ولكنها قوبلت بمعارضة عنيفة من قبل حكومة "سارما".

قبل ذلك، بالتحديد في عام 2019، واجه بعض الشعراء مشكلات بعدما كتبوا قصائد مقاومة حماسية أطلقوا عليها اسم "شعر الميا" باللهجة المحلية بدلا من اللغة الأسامية المعتمدة. اتُهم عشرة من هؤلاء الشعراء "بالترويج للعداء بين الجماعات المختلفة" لأسباب دينية.

وقال "شرمان علي أحمد" لموقع "بي بي سي" إنه لا يعتقد أنه كان من الصواب أن يفتح السيد "علي" متحفا في منزل منحته الحكومة إياه، لكنه أضاف أن العقاب الذي تعرض له عقاب جائر.

وأضاف: "إنه لم يرتكب أي جريمة كبرى، لكن الحكومة اتخذت إجراءات صارمة في حقه وفي حق آخرين لتخويف المجتمع".

بينما يرى الأكاديمي "حافظ أحمد" أن الحكومة تحاول استغلال التعقيدات الديموغرافية للولاية واللعب على أوتار مخاوف الأساميين - الذين يخشون من فقدان هويتهم بسبب المهاجرين - من خلال خلق مناخ استقطابي.

ورغم أن "أحمد" يرى أن المتحف لا جدوى منه، فإنه يؤكد أن من حق أي فئة الحفاظ على تراثها.

ويرى أن مسلمي الميا يحاولون إيجاد مكان لهم بعد سنوات من الاضطهاد.

ويعيش في الهند حوالي 154 مليون مسلم (14%)، ما يجعلها أكبر دولة تضم أقلية مسلمة في العالم.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

الهند ولاية آسام المسلمون في الهند متحف

غالبيتها من المسلمين.. محكمة هندية تأمر بهدم منازل 4500 أسرة