من سيد المترو حتى المشجع الإنسان.. 5 بسطاء كسبوا قلوب الملايين بمونديال قطر

الاثنين 5 ديسمبر 2022 12:08 م

كرة القدم ليست مجرد لعبة تتنافس فيها الفرق، ولكنها وسيلة للتقريب بين الشعوب والثقافات والمجتمعات حول العالم.

وأثبتت بطولة كأس العالم قطر 2022 صحة ذلك، عندما اتجهت أنظار العالم إلى قطر بتنظيمها للمونديال، ليس فقط داخل المستطيل الأخضر، ولكن خارج الملاعب أيضا.

حيث حصدت 5 شخصيات بسيطة على الأقل، نجومية عالمية رغم أنهم ليسوا نجوما في عالم الساحرة المستديرة، ولم يلعبوا الكرة ولم يمارسوها خلال البطولة، وإنما بمواقفهم خارج المستطيل الأخضر.

  • غانم المفتاح

أول الشخصيات التي ظهرت في المونديال ولاقت إعجابا منقطع النظير، كان الشاب القطري "غانم المفتاح"، الذي أجرى حوارا ثقافيا بين الشرق والغرب مع الممثل الأمريكي الشهير "مورجان فريمان"، في حفل افتتاح البطولة.

"المفتاح"، الذي بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، برز صيته خلال الأشهر الأخيرة باعتباره واحدا من الأسماء الملهمة والمؤثرة في قطر والعالم، على الرغم من أنه وُلد بنصف جسد.

وُلد "المفتاح" (20 عاما) بالعاصمة القطرية الدوحة في 5 مايو/أيار 2002، ومنذ ولادته أُصيب بمرض يُسمى متلازمة "التراجع الذيلي".

وهذا المتلازمة، التي تعرف أيضا بـ"الانحدار الذيلي" أو"التخلق العجزي"، هي اضطراب خلقي نادر يحدث نتيجة عدم تكوّن الجزء السفلي من العمود الفقري بشكل كامل قبل الولادة، ويصيب شخصا واحدا من بين 25 ألف حالة في العالم.

وعليه فإن القطري "المفتاح" عاش حياته بنصف جسد، بعدما فقد جزءا كبيرا من عظامه بسبب هذا المرض.

وبدون أطراف سفلية، واصل "المفتاح" حياته متنقلا باستخدام يديه وعلى كرسي متحرك؛ حيث درس واجتهد وتعلّم، حتى أصبح واحدا من الأشخاص الفاعلين في المجتمع القطري، ثم العالم.

يقول "المفتاح" إنه رفض الاستسلام لهذه الإعاقة رغم حجم التحدي الهائل المتمثل في حاجته للعلاج المستمر، لكنه استطاع التغلب على ذلك بـ"الصبر والإيجابية".

ويضيف دوما: "تعلمت من أمي أنه لا شيء اسمه المستحيل".

ويتابع: "هناك من يقول إنني تحديت إعاقتي، ولكن أنا أقول انني لم أتحد إعاقتي، وإنما تمكنت من التعايش معها، وعدم الاستسلام لها، بل مضيت في طريقي بأمل كبير في الحياة".

وألهمت قصته العديد من الأشخاص، وأصبح يتابع حسابه على "إنستجرام" أكثر من 3 ملايين شخص.

ويقول "المفتاح" إنه يريد أن يرسل من خلال مواقع التواصل "رسائل إيجابية وهي أن الأشخاص ذوي الأعاقة قادرون على العطاء وفاعلون في المجتمع".

ورغم تحدي الإعلاقة، يمارس "المفتاح" ألعابا مثل التزحلق على الجليد وتسلق الجبال وكرة القدم والسباحة وكرة السلة والسباحة، وقد تمكن من الغوص لعمق 18 مترا في البحار.

ويسعى "المفتاح" حاليا للحصول على شهادة جامعية، والتخصص في العلوم السياسية، بهدف أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي ويمثل بلاده.

وكان قد حصل وهو في سنوات المراهقة على لقب "سفير للنوايا الحسنة" لمؤسسة "أيادي الخير" نحو آسيا (روتا)، و"سفير السلام" لأمير الكويت الراحل الشيخ "صباح الأحمد الصباح"، وسفيرا للحملة الدعائية لمركز قطر للمال.

وهو أيضا رائد أعمال؛ حيث يتملك شركة لإنتاج الأيس كريم، ويأمل في توسعتها في دول المنطقة.

ويسعى "المفتاح" كثيرا من أجل تحفيز أقرانه من ذوي الإعاقة والصعوبات؛ حيث قام بتأليف عدة كتب، ونشر العديد من المنشورات ذات العلاقة.

وأهم ما ألّفه "المفتاح" كتاب "غانم الرابح دائما"، والذي تكفل بطباعته المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر.

  • سيد المترو

طرقت الشهرة باب الشاب الكيني "أبو بكر عباس"، وهو موظف يقف ليرشد مشجعي المونديال في محطات المترو، بعدما تفاعل المشجعون مع أسلوبه وقاموا بمحاكاته، فانتشرت عبارته المميزة "مترو" عبر مقاطع الفيديو الخاصة به التي تداولها عشرات الآلاف ممن قدموا من شتى أنحاء العالم لمتابعة مجريات مونديال قطر 2022.

وإثر هذه الشهرة المفاجئة، قام الرجل الذي يسمي نفسه "سيد المترو" بفتح حساب له على "تيك توك"، وقد بلغ عدد متابعيه خلال فترة وجيزة جدا أكثر من 23 ألفا، واقتربت بعض مقاطعه من تحقيق 5 ملايين مشاهدة، وهو سعيد بذلك.

ومما لفت انتباه العامة وكان سببا في شهرته، هو أسلوبه في المناداة بكلمة "مترو"، الذي تفاعلت معه الجماهير وقلدوه به.

ونشر "سيد المترو" مقطعا على "تيك توك" يرحّب فيه بمن يريد أن يتصور معه مجانا، وقال: "قابلوني في سوق واقف حتى أثناء ممارسة عملي، جميعكم مرحب به.. وبإمكانكم التقاط صور سليفي معي، ومقاطع فيديو، ليست لدي مشكلة في ذلك.. وبالمجان، فأنا لن أطلب منكم مقابلا لذلك. هذا عملي وأنا أحبه".

  • شبيه "لعيب"

كما لم يكن الشاب القطري "عبدالرحمن بن فهد آل ثاني"، يتوقع أن يصبح شخصيةً مشهورة عالميًا، بسبب ردة فعل "عفوية"، قام بها خلال مباراة الافتتاح.

بدأت قصة "عبدالرحمن" خلال مباراة قطر والإكوادور في افتتاح البطولة، عندما أبدى امتعاضه من أداء المنتخب القطري، وقام بحركة عفوية بالغترة (غطاء الرأس للرجال) ظهر فيها مشابهًا لتميمة كأس العالم قطر 2022 "لعّيب".

هذه اللحظة المفصلية التي رصدتها الكاميرا الأساسية في استاد البيت، حققت لـ"عبدالرحمن" شهرة واسعة بين مشجّعي كرة القدم في الصين؛ نظرًا لتشابه تعابير وجهه وملابسه مع "لعيب".

وذاع صيت "عبدالرحمن" ليصبح حديث الإعلام في الصين واليابان والمنطقة العربية؛ حيث تلقى بعد انتهاء المباراة، رسائل عديدة من شركات وأشخاص، كان أهمها بريد إلكتروني من موقع "تيك توك" الصيني، يطلب منه فتح حساب شخصي على التطبيق.

وذكرت صحيفة "دايلي تشاينا" الصينية أن تعابير وجه الشاب القطري المستاءة من خسارة فريق بلاده في المباراة الافتتاحية ضد الإكوادور، أثارت ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين.

"الأمير الغاضب" و"الأمير الحزين"، بعض التسميات التي أُطلقت على "عبدالرحمن"، ليتصدّر قائمة التفاعلات ومحركات البحث عبر تطبيق "تيك توك" في الصين عقب انتشار صورته.

وتصميم "لعّيب" يرمز للتراث العربي وهوية الجزيرة العربية، استوحي زيّه من أشهر الأزياء العربية والشرق أوسطية؛  حيث يتكوّن من شماغ أبيض وعقال، مع تدلّي حبال من العقال.

فيما ترمز تسمية "لعّيب" إلى اللاعب الخارق الذي يجلب المتعة لجميع المشجعين، وقد نالت تميمة المونديال هذا العام إعجاب الجماهير، وكانت حديث الجميع وأحبها الأطفال والكبار.

يقول "عبدالرحمن": "ردة فعلي التي ظهرت للجميع كانت عفوية بسبب أداء منتخب قطر ذلك اليوم، عبّرت فيها عن غضبي وخيبة أملي"، مضيفا: "اندهشت كثيرًا من ردة الفعل التي وصلت لها بداية من الصين بالتحديد".

وتلبية لنداء "جمهوره"، أنشأ "عبدالرحمن" حسابًا لأول مرة على تطبيق "تيك توك"، سرعان ما صار عدد متابعيه بالملايين.

  • المشجع الإنسان

أما الشاب الأردني "حسن سفاريني"، والذي حصل على تكريم من منتخب البرازيل ومدربه "تيتي" فقد لاقى تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وشهرة عالية في البرازيل.

وحصل "سفاريني" على قميص منتخب البرازيل موقعًا من اللاعبين، تقديرًا من "تيتي" بعد أن ساعد عائلته وحمل حفيده وهو نائم لمسافة طويلة.

يحكي "تيتي" ما قام به "سفاريني" قائلا: "لقد ساعد رجل يرتدي علم فلسطين عائلتي خلال سيرها من الملعب إلى محطة المترو" بعد انتهاء مباراة البرازيل وصربيا في الجولة الأولى من المونديال، التي انتهت بفوز السامبا بهدفين نظيفين.

وتأثر المدرب حينما شاهد صورة الرجل وهو يحمل حفيده، قاطعا به مسافة طويلة.

وشرح "تيتي" ما جرى لعائلته، عندما حمل مشجع يرتدي العلم الفلسطيني حفيده في الطريق الواصل بين ملعب لوسيل ومحطة المترو، حيث سلكته زوجة المدرب وزوجة ابنه وحفيداه "لوكا" (5 سنوات) و"ليوناردو" (3 سنوات)، للعودة إلى مقر إقامتهم.

و"لوكا" وهو الابن الأكبر لـ"ماثيوس باتشي"، نجل "تيتي" ومساعده في الطاقم الفني للمنتخب البرازيلي في كأس العالم.

وقال "تيتي" في مقطع فيديو حصد مئات الآلاف من المشاهدات: "الرياضة تمنحنا العديد من الأمور الجميلة، وخاصة فيما يتعلق بالصغار".

وطلب "تيتي" معرفة هذا الرجل العربي "لأنه أظهر لنا شعورا بالتضامن والإنسانية يتجاوز حدود كرة القدم".

واستطرد: "بالتأكيد نريد الانتصار، ولكن هناك أشياء تتجاوز ذلك".

ولاحقا عندما تم الكشف عن شخصية "سفاريني"، زار معسكر المنتخب البرازيلي واستقبله "تيتي" وأهداه قميص المنتخب.

وأشاد رواد واقع التواصل الاجتماعي بمبادرة الشاب تجاه عائلة مدرب منتخب البرازيل، معتبرين أن مونديال قطر سيكون فرصة كذلك للعالم من أجل التعرف على القيم الحقيقية التي يحملها المواطن العربي، ومحو الصور السلبية التي طالما حرص البعض على إلصاقها به.

  • سفير نجد

كما لفت مشجع سعودي الأنظار في كأس العالم قطر بالزي الذي يرتديه وكثرة النياشين على ملابسه.

وأكد المشجع السعودي، أنه حرص على ارتداء زي التراث النجدي، ليعرف الجميع بهذا التراث العظيم

وقال إنه حريص على مثل هذه المشاركات الوطنية لإحياء التراث، معرباً عن فخره وسعادته لمشاركته في المونديال.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر مونديال قطر غانم المفتاح الأمير الغاضب سيد المترو لعيب شبيه لعيب