معهد دول الخليج: مونديال قطر شكل أداة دبلوماسية هائلة للتقارب السياسي بين الدول

السبت 17 ديسمبر 2022 08:48 ص

قال تقرير نشره "معهد دول الخليج العربية" إن بطولة كأس العالم 2022 في قطر ولدت قوة دبلوماسية سياسية هائلة قربت بين المتخاصمين وصنعت تفاعلا استثنائيا بين الشعوب والحكومات المتوترة، لدرجة أن السياسة في تلك البطولة "باتت معروضة داخل وخارج الملعب".

وأوضح التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الطبيعة الرمزية للحدث الرياضي الاستثنائي الذي يستضيفه الشرق الأوسط للمرة الأولى في التاريخ فرضت نفسها على كافة المستويات، لتتحول كأس العالم مستخدمة القوة الهائلة لكرة القدم إلى وسيلة سياسية للتصالح.

لقاء الشرق والغرب

وبحسب التقرير، الذي كتبته الأكاديمية "ديانا جاليفا"، كان كأس العالم في قطر فريدا من نوعه؛ لأن البطولة أصبحت مكانًا يلتقي فيه الشرق بالغرب.

وأثارت بعض هذه اللقاءات جدلا؛ حيث منع الأمن القطري مشجعو كرة القدم الإنجليز الذين كانوا يرتدون زي الصليبيين من دخول أستاد البيت، حيث اعتبروا هذا الزي مسيئًا.

وعندما تمكنت تونس من هزيمة فرنسا، شددت وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء الشرق الأوسط على أهمية تفوق مستعمرة سابقة على حاكمها السابق.

ومع ذلك، كانت حالات الصراع هذه في المدرجات وعلى ملعب كرة القدم محدودة.

وبالنسبة للجزء الأكبر، فقد وحدت كأس العالم عالمًا منقسمًا بشدة.

ويقول التقرير: على سبيل المثال، على الرغم من خروج كلا الفريقين من البطولة في دور المجموعات، شوهد مشجعو السعودية والمكسيك وهم يحتفلون معًا في الدوحة، كما رأينا مشجعين من إيران والسعودية يحتفلون في منطقة المشجعين الإيرانية.

لوحة لبث الاهتمامات الجيوسياسية

وبحسب الكاتبة، لم تسلط هذه البطولة الضوء على العلاقات المعقدة بين الشرق والغرب فحسب، بل كانت أيضًا بمثابة لوحة لبث الاهتمامات الجيوسياسية للجمهور العالمي.

فعلى الرغم من أن المنظمين القطريين قد أكدوا على الطبيعة غير السياسية لكأس العالم ودعوا الإسرائيليين إلى قطر لأول مرة في تاريخ الدولة الحديث، إلا أن العالم تذكر الصراع العربي الإسرائيلي عندما اقتحم أحد مشجعي كرة القدم مباراة تونس وفرنسا مرتديا العلم الفلسطيني، ورفع مشجعون لافتات كتب عليها "فلسطين حرة".

أيضا، امتدت التوترات بين الشعب الإيراني والنظام الثيوقراطي في البلاد إلى الميدان أيضًا.

فأثناء مباراة دور المجموعات بين إيران وويلز، تم تصوير الأمن في ملعب أحمد بن علي وهو يصادر قميصًا من مشجع إيراني كان مطبوعًا على ظهره "مهسا أميني" - في إشارة إلى المرأة الكردية البالغة من العمر 22 عامًا والتي أثارت وفاتها في حجز الشرطة احتجاجات مستمرة في جميع أنحاء البلاد.

وخلال مباراتهم الافتتاحية أمام إنجلترا، رفض المنتخب الإيراني غناء النشيد الوطني، بينما أطلق المشجعون صيحات الاستهجان بصوت مسموع أثناء عزف النشيد.

مباراة أمريكا وإيران

ويضيف التقرير: عكست بعض المباريات أحداثًا سياسية دولية مهمة؛ حيث أظهرت المنافسة الحاسمة بين الولايات المتحدة وإيران أن حملة "الضغط الأقصى" التي مارستها واشنطن ضد طهران لم تسمم العلاقات الشخصية بين اللاعبين.

والتقطت الكاميرات صورة اللاعب الأمريكي "أنطوني روبنسون" وهو يحتضن الظهير الأيمن الإيراني "رامين رضائيان".

وفي الداخل الإيراني، انقسمت الآراء بسبب خسارة إيران أمام الولايات المتحدة.

وكانت الاحتفالات بهذه الخسارة واضحة بشكل خاص في إقليم كردستان غربي إيران، مسقط رأس "أميني".

وفي أحد أحياء مدينة سنندج، تم الاحتفال بهدف الفوز للولايات المتحدة بالهتافات والأبواق، كما تم الإبلاغ عن احتفالات في طهران وأرباضل ومشهد وكرمان ومهاباد وزاهدان، مشيدة بهزيمة الجمهورية الإسلامية.

في الوقت نفسه، هتف العديد من الإيرانيين الموالين للحكومة لفريقهم في طهران وأعربوا عن خيبة أملهم من الخسارة.

"بن سلمان" و "تميم"

وأوضحت الكاتبة أن البطولة سرعت أيضا التقارب بين قطر والسعودية، والذي كان باردا، رغم المصالحة الخليجية في قمة العلا في 2021؛ حيث عكس مشهد حضور ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" حفل افتتاح المونديال جنبا إلى جنب الكثير.

ووجهت السعودية أجهزتها ووزاراتها لتقديم أي دعم تريده قطر خلال البطولة.

وظهرت الإشارة الأكثر دلالة على إعادة بناء العلاقات الأخوية في المباراة بين السعودية والأرجنتين، والتي أدت إلى انتصار مذهل للسعودية ونشوة في جميع أنحاء العالم العربي.

وخلال المباراة شوهد الشيخ "تميم" وهو يلف علم السعودية حول رقبته، بعد أيام من ارتداء "محمد بن سلمان" وشاحا يحمل ألوان العلم القطري خلال المباراة الافتتاحية بين قطر والإكوادور.

لم يكن متصورا، بحسب الكاتبة، أن نرى هذه المشاهد بعد التهديدات الأمنية المتبادلة بين الدوحة والرياض خلال الأزمة، ولم يكن الضغط من القوى الخارجية قادرا على أن يجمع بين قيادتي الدولتين اللتين تعرضت علاقتهما للتوتر والتوتر خلال السنوات القليلة الماضية، لكن البطولة فعلت.

"أردوغان" و "السيسي"

ولم تكن دول مجلس التعاون الخليجي هي الدول الوحيدة التي ذاقت حلاوة التقارب خلال المونديال، فقد مثلت المصافحة التاريخية بين الرئيسين التركي "رجب طيب أردوغان" والمصري "عبدالفتاح السيسي" خلال حفل افتتاح البطولة تجسيدا للتأثير القوى لدبلوماسية كرة القدم.

وتختتم الكاتبة مقالها بالقول إن "الدبلوماسية الناشئة عن كأس العالم أثبتت أن لديها القدرة على توحيد المنطقة في تضامن ضد التهديدات العالمية؛ مما يمهد الطريق للتعاون المستقبلي حيث بدا في السابق مستحيلاً".

المصدر | ديانا جاليفا/معهد دول الخليج العربية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كأس العالم مونديال قطر قوة الكرة تقارب العلاقات القطرية السعودية العلاقات التركية المصرية

ميدل إيست آي: 2022 عام التقارب في الشرق الأوسط.. هل يستمر في 2023؟