كارنيجي: صندوق قناة السويس يمنح الجيش العملة الصعبة بلا رقابة ويحرم الدولة منها

السبت 4 فبراير 2023 05:42 م

اعتبر المحلل السياسي "ماجد مندور" أن صندوق قناة السويس الذي أقر البرلمان المصري إنشاءه مؤخرا، يظهر المشكلات المتجذرة في النموذج الرأسمالي المصري، كما يظهر إصرار رئيس البلاد "عبد الفتاح السيسي" على المضي قدما في "مساره المشوب بالخلل والإخفاقات في هذا الصدد".

وفي 19 ديسمبر/ كانون أول، أقر البرلمان المصري بصفة مبدئية تعديل القانون المتعلق بتنظيم عمليات هيئة قناة السويس، ليسمح بتأسيس صندوق للهيئة يتيح لها شراء أو بيع أو تأجير أو الانتفاع بالأصول الثابتة والمنقولة.

ووفق تصريح لـ"السيسي" فإن التعديل يهدف إلى السماح لهيئة قناة السويس بتكوين احتياطياتها النقدية الخاصة لتمويل المشاريع الإنمائية الضرورية في القناة من دون أن تُضطر إلى العودة إلى وزارة المالية للحصول على الأموال اللازمة.

وأوضح "مندور" في تحليل نشره مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، أن اللافت هو أن التعديل الذي تم إقراره  لم يأتِ على ذكر أي إشراف تشريعي على عمليات الصندوق.  

واعتبر "مندور" أن خطوة التعديل بمثابة مؤشر على غياب الإرادة السياسية لإصلاح الصيغة "العسكريتارية" لرأسمالية الدولة، حيث يبدو نظام "السيسي" لا يزال متمسكا أكثر بسياسته الذي أثبتت فشلها. 

سحب بلا رقابة 

وقال المحلل إنه على سبيل المثال، لطالما كانت هيئة قناة السويس خاضعة لسلطة المؤسسة العسكرية، حيث يتسلّم ضباط سابقون في البحرية رئاسة الهيئة من دون انقطاع منذ عام 1964، ويتقاضى الجيش عمولة غير رسمية على جميع المراكب التي تعبر القناة.

وتابع أنه حفاظًا على هذا التقليد، أعلن السيسي أن الصندوق سيكون تحت إشراف "كيان سيادي"، وهو مصطلح مخفَّف تُقصَد به أجهزة الاستخبارات أو المؤسسة العسكرية.

وعقب أن  "السيسي" أدلى بهذا الكلام على الرغم من أن التعديل ينصّ على أن سلطة التعيينات في مجلس إدارة الصندوق منوطة بمجلس الوزراء الذي هو – نظريًا – هيئة مدنية. 

ورأي "مندور" أن ذلك سوف يتيح بصورة أساسية، للجيش الوصول إلى الصندوق غير الخاضع للإشراف، حيث يمكنه سحب مبالغ طائلة من عائدات القناة من دون أي رقابة مدنية.

حرمان إضافي من العملة الصعبة

وذكر مندور أن هذا القرار يأتي في خضم أزمة اقتصادية متفاقمة يتسبب بها النقص الحاد في العملات الصعبة، ما أدّى إلى تدهور قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوياتها التاريخية مقابل الدولار الأمريكي بعد 3 محطات شهدت انخفاضًا لقيمة العملة المحلية في أقل من عام. 

وبما أنه سيُعاد توجيه جزء من عائدات القناة على الأقل إلى الصندوق المقترح، سوف يؤدّي إنشاؤه إلى حرمان إضافي للدولة من مصدر مهم للعملات الصعبة شكّل نسبة 7.4 %  من إيرادات الحساب الجاري في الربع الأول من عام 2021. 

في غضون ذلك، تزداد الأوضاع الاقتصادية في البلاد تأزّمًا بسبب النقص في السلع الأساسية، وبلوغ التضخم أعلى مستوياته منذ خمس سنوات، مع تسجيله نسبة 18% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

هدفان من وراء الصندوق 

وذكر "مندور" أنه وفقا لتلك المعطيات، يبدو أن لإنشاء الصندوق هدفَين أساسيَّين. الهدف الأول هو تعزيز الدعم للنظام داخل المؤسسة العسكرية في خضم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادّة. 

أما الهدف الثاني قهو التوصّل إلى حل وسط من خلال السماح للمستثمرين الخاصين بالمشاركة في عمليات القناة من دون فقدان السيطرة العسكرية. 

وأشار "مندور" إلي أن الحال هو أن الخطة تهيّئ الساحة لخصخصة القناة من دون أي تغييرات في قواعد حوكمتها، ومن دون تعزيز الشفافية في ما يتعلق باستخدام عائداتها. 

وعقب: "فيما يدلّ ذلك على أن النظام يحاول الحصول على قالب الحلوى والتهامه، يُظهر أيضًا أنه، وعلى الرغم من الانهيار المدوّي لنموذج التنمية الاقتصادية الذي تنتهجه الدولة، يصرّ النظام على المضي قدمًا في مساره المشوب بالخلل". 

وخلص "مندور" إلي أن "هذا يعني أن الأزمة الاقتصادية ستتفاقم مع ما يترتب عن ذلك من تبعات كارثية على المصريين".

المصدر | ماجد مندور/معهد كارنيجي

  كلمات مفتاحية

صندوق قناة السويس الجيش المصري النظام الرأسمالي المصري

هل تكون خصخصة قناة السويس حلا للأزمة الاقتصادية في مصر؟