حمى «سحب الجنسيات» تجتاح دول الخليج للقضاء على المعارضة !!

الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 05:09 ص

هل يمكن تخيل دولة بلا مواطنين؟ هل تستمر دولة في خصومة مع أبنائها دون أن تتعرض للسقوط وتختل وتتهاوى؟!

تعد الجنسية العلاقة بين الإنسان ووطنه، وهي مفهوم حديث للعلاقة بين المواطن والدولة، لذا صار لزاماً على الدولة والحكومة جزء منها أن توفر الحماية الضرورية للمواطنين من سحب جنسياتهم تعسّفا، بغضّ النظر عن الموقف من المواطن المسحوب جنسيته، أحبته أم كرهته، اتفقت مع موقفه السياسي أم لم تتفق.

منذ أكثر من سنتين بدلا من قيام دولة الإمارات بتوفيق أوضاع فئة «البدون» لديها وفقا لاشتراطات المنظمات الحقوقية الدولية وجدناها تتجه نحو سحب جنسيات عددا من أبنائها لخصومة سياسية أفرزتها أساليب جهاز أمنها السياسي فأصدر الشيخ «خليفة بن زايد»، رئيس الدولة، قرارا في شهر ديسمبر/كانون الأول 2012 بسحب الجنسية الإماراتية عن سبعة معارضين لاتهامهم بالقيام «بأعمال تهدد الأمن الوطني لدولة الإمارات من خلال ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة»، كما قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بتأييد حكم سحب الجنسية منهم.

وبعد مسلسل طويل من الابتزازات والانتهاكات بحقهم ساومتهم الأجهزة الأمنية عند سحب جنسيات عددا منهم واستبدالها بجنسية «جزر القمر» بادعاء أن هؤلاء ليسوا من أبناء الوطن الأصليين ، وبدلاً من جدلية التخفيف من مركزية وغياب الشفافية عن مسألة التجنيس، وفتح المجال للمتضرر أن يلجأ للقضاء، سارت الأمور عكس ذلك تماماً، وصار تسييس التجنيس وباءا يجتاح ليس فقط الإمارات بل امتدت أثاره لتعم البحرين والكويت وسلطنة عُمان والسعودية. 

ووقعت الإمارات اتفاقا مع جمهورية جزر القمر يمنح مواطنيها المسحوب جنسياتهم وكذا المقيمين منذ عقود من فئة «البدون» جنسية جمهورية جزر القمر، مقابل خمسون ألف درهم للجنسية من الدرجة الثانية تدفعها عنهم الدولة.

وفي حال موافقتهم، يتم توقيع وثيقة طلب الحصول على جنسية جزر القمر، وتذيل الوثيقة بعبارة «لا يملك الحق في مطالبة السلطات القمرية بأي امتيازات سياسية كمواطن من الدرجة الأولى»، وهو ما يعده خبراء القانون الدولي مخالفة جسيمة للقوانين والعلاقات الدولية وظفته دبلوماسية الإمارات الناعمة باستغلال حاجة جزر القمر ـ الفقيرة نسبيا ـ  للدعم المالي الخليجي للخروج من أزماتها.

مجلس الوزراء الكويتي على خطى الإمارات أصدر قرارات بسحب جنسية عدد من المواطنين الكويتيين، وشملت قرارات سحب الجنسية عددا من الوجوه السياسية والإعلامية المعروفة وعددا من أفراد أسرهم، وتتصل القرارات ببعض المعارضين لسياسات الحكومة الكويتية، فضلاً عن بعض المشتبه في علاقتهم بتمويل الإرهاب خارج البلاد وفقاً «للوائح الإدارة الأمريكية»، ما مثل صدمة للمجتمع الكويتي لطالما مثل قاطرة للانفتاح على الديمقراطية وحقوق الإنسان في منطقة الخليج العربي.

واقتضى مشروع مرسوم بسحب الجنسية الكويتية من 10 أشخاص بينهم الداعية الإسلامي نبيل العوضي بموجب المادة 13 من قانون الجنسية، وذلك بعد أن «تم التأكُّد من عدم استحقاقهم للجنسية وفقا للشروط والضوابط التي حددها القانون الكويتي»، بحسب نص المشروع.

وفي مفارقة أخرى، وافقت السلطات الكويتية على مشروعيّ مرسوم يقضي أولهما بمنح الجنسية الكويتية لـ 15 شخصا من أبناء المتجنّسين بالكويت، وهم أبناء العسكريين الذين شاركوا في حماية موكب الأمير الراحل الشيخ «جابر الأحمد الجابر الصباح» عندما تعرض للاعتداء عام 1985.

سلطنة عُمان من جهتها كذلك قامت بإصدارها قانونا جديدا للجنسية مؤخرا تصبح رابع دولة خليجية تقنن سحب جنسية من تعتبرهم محرضين على الإرهاب حيث جاء بالجريدة العُمانية الرسمية تفاصيل التعديلات على المرسوم السلطاني الخاص بإصدار قانون الجنسية العُمانية والذي تضمن عقوبة تسقط الجنسية العُمانية عن المعتنقين لأفكار «مضرة» والمحكومين في قضايا تمس أمن الدولة ، كما شمل إجراء السحب الرافضين لتلبية مطالب الحكومة بالتوقف عن العمل لحساب دول أجنبية أو العمل لصالح دول معادية.

لم يتوقف الأمر عند الإمارات والكويت وعُمان بل تمتد المخاوف كذلك لتشمل المملكة العربية السعودية وعزمها بحسب بيان صادر عن منتدى الخليج لمؤسسات المجتمع المدني، اتخاذ نفس الإجراء بحق بعض مواطنيها، كما سبق لمملكة البحرين أن قامت بسحب الجنسية من عدد من المعارضين.

المنظمة العربية لحقوق الإنسان دعت دول الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والكويت للعدول عن قرارات سحب الجنسية التي تشكل انتهاكاً لالتزامات دول التعاون الدولية في مجال حقوق الإنسان وأعربت المنظمة في بيان لها مؤخرا أنها تتابع ببالغ القلق قرارات سحب جنسيات عددا من مواطني «التعاون» والذي مثل صدمة للحقوقيين على مستوى العالم.

وأكدت المنظمة أن قرارات سحب الجنسية تشكل انتهاكاً لالتزامات دول «التعاون» في مجال حقوق الإنسان، ومصادقتها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وطالبتها بسرعة العدول عن قراراتها بسحب الجنسية، والذي يمثل في ذاته عدواناً على حق أصيل للإنسان، كما يشكل عقوبة في غير محلها مؤكدة أن ملاحقة أي إنسان على جرم قد يكون ارتكبه لا يكون إلا عبر القضاء وبحكم قضائي منصف تتوافر فيه شروط العدالة.

قطاع عريض من المواطنين حائرون بين أنظمة سياسة لم تكتفِ باعتقال معارضيها، وتعذيبهم في السجون، أو حرمانهم من بعض حقوقهم المدنية وفي مقدمتها «سحب الجنسيات»، وبين غياب المصداقية لدى المؤسسات القضائية التي يفترض أن تكون في منأى عن التوظيف السياسي في أحكامها، وبين ضعف وشراء دول الخليج لذمم الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية باتباعها سياسة الصمت أو إغماض العين عما يجري في دول «التعاون»، وبين منظمات حقوقية محلية تأسست للنيل من المعارضين تحت لافتة حقوق الإنسان، واستوى في ذلك منظمات وجمعيات وإدارة ومبادرات جميعها خرجت من أرحام حكومات «التعاون» للتشويش على المنظمات الحقوقية الجادة في العالم الحر .

الدكتور «أنور الرشيد» رئيس المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني اعتبر سياسة سحب الجنسية في مختلف دول مجلس التعاون إعدام خارج القانون، وقال «الرشيد» لم تعد سياسة سحب الجنسية وتجريد المواطنين من هويتهم الوطنية في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي مجرد حالة عابرة أو حالة استثنائية، وإنما أصبحت سياسة عامة تُتبع مع كل معارض لرأي الحكومة، وأشار إلى أن المصيبة الأعظم بأن قرار تجريد المواطن من جنسيته لا ينسحب على المعارض فقط وإنما ينجر على أسرته وأقربائه، مشيرا إلى أن هنا يكون الإعدام والإبادة الجماعية قد اكتملت أركانُها في الذي يتم ممارسته بشكل رسمي بحجة الحق السيادي .

نشطاء خليجيون على صفحاتهم عبر «تويتر» أكدوا ان هدف سحب الجناسي قمع المتظاهرين والقضاء على وجودهم وإفشال أي جهد معارض وتسهيل إبعاد المعارضين عن أراضي الدولة، وأخر يقول: «إن القوانين الدولية لا تسمح بسحب الجناسي وأن هذا لا يحدث في الدول الديمقراطية المتحضرة، وإن ممارستها في دول التعاون دليل على هشاشة وضعف الأنظمة السياسية لدولها».

نشطاء آخرون اعتبروا أن عدوى الجنون التي ضربت الشارع المصري بعد الانقلاب العسكري في مصر والذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب، كان من الطبيعي ألا تتوقف عند حدود أرض الكنانة، حيث انتقلت لغة التخوين والعمالة لكل ذي رأي مخالف من شاشات القنوات الفضائية المصرية إلى دول الخليج وبالتالي ولأن جنون العظمة له ما يبرره في دو الخليج رأيناهم يسحبون جنسيات الأحرار والشرفاء من أبناءهم بل ويرفضون ويعادون دولة قطر على إقدامها بمنح المسحوب جنسايتهم جنسية قطر .

يذكر أن الكويت والإمارات العربية المتحدة لم توقعا على الاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية «1954»، ولا الاتفاقية بشأن خفض حالات انعدام الجنسية «1961»، وذلك بحسب تقرير اجتماع الخبراء الإقليمي بشأن حقوق الإنسان للأشخاص عديمي الجنسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في العاصمة الأردنية عَمان، ووفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن لكل فرد الحق في أن تكون له جنسية، ولا يجوز حرمان أحد تعسفياً من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته، وعلى الدول منع حالات انعدام الجنسية عند فقدان الجنسية أو الحرمان منها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سحب الجنسيات انتهاكات

الكويت تقرر سحب الجنسية عن 10 مواطنين بينهم الداعية الإسلامي نبيل العوضي

البحرين تسحب جنسيات 9 معارضين بعد اتهامهم بإقامة علاقة مع إيران

أحمد السعدون: سحب الجنسية من المعارضين انتكاسة لوضع الكويت المحلي و الدولي

العفو الدولية تستنكر سحب جنسيات المعارضة بالكويت وتعتبر القرار "إنتقائيا"

"سحب الجنسية" في دول الخليج: عندما يتسع الوطن لكل شيء إلا الآراء

الكويت والبحرين تواصلان استهداف المعارضين بقرارات سحب الجنسية

هيومن رايتس تنتقد الكويت: "الحكومة تنزع الجنسية عن منتقديها"

تقرير «هيومن رايتس» يعيد وسم «تشريد الأسر الكويتية» للواجهة

سحب الجنسية سلاح انتقامي غير مشروع