كليتشدار أوغلو.. زعيم المعارضة التركية الطامح لإنهاء حكم أردوغان

الثلاثاء 7 مارس 2023 05:54 ص

دائمًا ما يثير اللغط في الأوساط التركية، سواء بمواقفه أو تصريحاته، إذ يتصدر من خلال ذلك واجهة النقاشات عبر الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي.

إنه زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، الذي أعلنته الطاولة السداسية للمعارضة التركية، الإثنين، مرشحا رئاسيا في مواجهة الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ينتمي كليتشدار أوغلو إلى عائلة من الطائفة العلوية، تعود أصولها إلى إيران، وولد يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 1948 في بلدة ناظمية بولاية تونغلي (شرقي الأناضول)، ودرس في أكاديمية أنقرة للدراسات الاقتصادية، وتخرج فيها عام 1971.

وبعد تخرُّجه عمل كمحاسب، وتدرّج في السلَّم الوظيفي حتى شغلَ منصب المدير العام لمؤسسة التأمين الاجتماعي (SGK) بين عامَي 1992-1996 وعامَي 1997-1999، كما شغلَ منصب وكيل وزارة مساعد في وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية لفترة قصيرة.

وعقب تقاعده، انضم كليتشدار أوغلو إلى حزب الشعب الجمهوري، ودخل البرلمان لأول مرة كنائبٍ عن منطقة إسطنبول الثانية في الانتخابات التي أجريت عام 2002، ثم دخل البرلمان كنائب عن حزب الشعب الجمهوري في انتخابات عام 2007، وكان مرشّحًا لمنصب عمدة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية التركية لعام 2009، لكنه حصلَ على 37% من الأصوات وظلَّ في المركز الثاني.

زعامة الحزب

ويعد عام 2010 مفصليا بالنسبة لمسيرة كليتشدار أوغلو، إذ تولى منصب رئاسة حزب الشعب الجمهوري في عام 2010 بعد تنحي زعيم الحزب السابق، دنيز بايكال، بعد فضيحة جنسية.

ومنذ ذلك الحين، تبنى كليتشدار أوغلو سياسة إصلاحية لمسار الحزب، أعادته نسبيًا إلى الواجهة، إذ يأتي ثانيًا خلف حزب العدالة والتنمية الحاكم، وذلك بعد تبنيه سياسات أكثر يسارية في الاقتصاد، تولي اهتمامًا بالأحوال المعيشية للمواطنين، كما أبدى اهتماما بالتقرب من الفئات المحافظة بالمجتمع التركي، وهي الفئات التي طالما حاربها حزب الشعب الجمهوري، المعروف بعلمانيته المتشددة.

وفي هذا الإطار، شهدَ الحزب تغيُّرات جذرية منذ رئاسة كليتشدار أوغلو، خاصة في طُرُق تعاطيه مع القضايا التاريخية الحساسة، ومن أبرزها قضية الحجاب التي صرّح كليتشدار أوغلو في أكثر من مناسبة أن حزبه أخطأ جدًّا، وكان غير ديمقراطي عندما وافق على قانون حظر الحجاب.

ولم يكتفِ رئيس حزب الشعب الجمهوري بالنقد الذاتي وحسب، بل فتح الباب أمام المحجّبات في شغل مناصب مهمة في البرلمان وداخل الحزب نفسه، الأمر الذي رافقه غضب كبير بين اللوبيات العلمانية المتشددة داخل الحزب، لكنه نجحَ في إخماد هذا الغضب وبدأ في كسب ودّ بعض المحافظين، وبالأخصّ من فئة الشباب.

وصب كليتشدار أوغلو جل تركيزه على الطبقة المحافظة التي نجح في كسب ودّ جزء منها بعد ترشيحه لأمام أوغلو، عمدة إسطنبول حاليًّا، الذي كان يزور المساجد باستمرار ويتعمّد قراءة القرآن، لكسر الحاجز الذي يصرُّ على حشر حزب الشعب الجمهوري في خانة العلمانية المعادية للدين الإسلامي وتعاليمه، والذي لطالما استخدمه أردوغان كأداة لحشد صفوف المحافظين خلفه.

كما أشاع كليتشدار أوغلو منذ توليه رئاسة حزب الشعب أنه من "نسل النبي محمد"، إذ كتبَ الصحفي والكاتب سونار يالتشين مقالًا بعنوان "الحقيقة الوحيدة غير المعروفة عن كليتشدار أوغلو"، في عموده بصحيفة "حريات" التركية، ذكر فيه أن رئيس حزب الشعب الجمهوري أرسل له مظروفا من 15 صفحة، "عبارة عن النسخة الورقية (المسجَّلة) من برنامج بُثّ على تلفزيون  TRT Avrasya، تكلّمَ فيه البروفسيور ألمدار يالتشين عن عائلات قريش، وبالأخصّ الأشخاص المنحدرين من نسل النبي محمد، والذين فرّوا إلى خراسان بعد اندلاع الحرب بين الأمويين والعباسيين، ومن ثم جاؤوا إلى الأناضول، وكان من ضمنهم سيد محمود الحيراني، جدّ كليتشدار أوغلو".

الانتخابات والانقلاب

وأعيد انتخاب كليتشدار عام 2014 رئيسا لحزب الشعب، ليقوده إلى الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران 2015، وفي إعادتها في نوفمبر/تشرين الثاني التالي، ونال الحزب المركز الثاني في الجولتين، كما أعيد فيهما انتخاب رئيسه لعضوية البرلمان.

ومن المواقف التي أكسبت كليتشدار أوغلو رصيدا سياسيا وازنا: رفضه لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في يوليو/تموز 2016، رغم انتقاداته اللاذعة لأردوغان قبل وبعد المحاولة.

ففي صبيحة اليوم التالي للمحاولة كان زعيم حزب الشعب الجمهوري حاضرا بين زملائه في البرلمان لإعلان وقوفهم إلى جانب الشرعية الديمقراطية.

ومن ميدان تقسيم الشهير وسط إسطنبول، تلا كليتشدار أوغلو بيانا لحزبه على شكل وثيقة تدين الانقلابات، وذلك أمام مئات الآلاف من كافة التيارات السياسية شاركوا في "مسيرة الديمقراطية" التي جمعت الحكومة والمعارضة يوم 24 يوليو/تموز 2016.

وفي انتخابات 2018، أسس كليتشدار أوغلو كزعيم لحزب الشعب الجمهوري وزعيمة حزب الجيد، ميرال أكشنار، تحالف الأمة الانتخابي ردًا على تحالف الشعب لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. وسرعان ما انضم حزبا السعادة والديموقراطيين لاحقا إلى التحالف.

وفي عام 2019، واصل كليتشادار أوغلو وأكشنار تعاون حزبيهما في الانتخابات البلدية لعام 2019 ، وانتزعا رئاسة بلدية اسطنبول وأنقرة من حزب العدالة والتنمية بعد ربع قرن من سيطرة الأحزاب الإسلامية على المنصبين.

ويتزعم كليتشدار أوغلو حاليا المعارضة التركية باعتباره رئيس أكبر أحزابها، ويتبنى مواقف مناهضة بشدة لحزب العدالة والتنمية وحكوماته المتعاقبة، كما يعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية لا سيما في موضوع الانفتاح على الشرق الأوسط والعالم العربي.

صديق الأسد

وعلى المستوى الخارجي، يوصف زعيم حزب الشعب الجمهوري بأنه صديق للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وهو ما يرده مراقبون لخلفيته الطائفية العلوية الشيعية وكون حزبه محسوبا عموما على هذه الطائفة، كما تجمعه علاقة قوية بنظام الحكم في العراق وإيران.

وفي هذا السياق، دعا كليتشدار أوغلو الرئيس أردوغان، ببيان أصدره في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى الحوار مع الأسد، بعد أن وصف الأخير بأنه "ربح الحرب".

كما تعهد كليتشدار أوغلو بـ "إعادة السوريين" إلى بلادهم خلال عامين في حال فوزه بانتخابات الرئاسة القادمة، ما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى توجه هجوم لاذع له، إلى حد وصفه بأنه "ليست لديه قيم إنسانية".

وتبدو منافسة كليتشدار أوغلو بوجهين متناقضين، فهو وجه انتخابي غير كاسح الشعبية، من جانب، إذ سبق له الخسارة في انتخابات بلدية إسطنبول، كما أنه أحد أكثر السياسيين بطاولة المعارضة السداسية سعيا نحو اجتذاب قطاعات المحافظين التي غالبا ما تصوت لصالح أردوغان وحزب العدالة والتنمية بالانتخابات.

ولذا فإن إعلان المعارضة التركية، الإثنين، التوحد خلف كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية المقبلة يعد سلاحا ذو حدين، بحسب مراقبين.

ومن المقرر وبحسب آخر المعطيات التي تحدث عنها أردوغان أن يكون موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية في البلاد في الرابع عشر من شهر أيار/مايو المقبل، وهو التوقيت الذي لطالما ألمح إليه الرئيس التركي مراراً، وأعلن تمسكه به.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو أردوغان العدالة والتنمية إسطنبول الانقلاب

المعارضة التركية ترشح كليتشدار أوغلو للرئاسة.. وأردوغان يعلن موعد تحديد الانتخابات

بعد صفقة أكشنار.. ما هي حظوظ كليتشدار أوغلو أمام أردوغان؟