اجتماع شرم الشيخ.. لا مخرجات جديدة ولا ثقة عند الفلسطينيين بتعهدات الاحتلال

الاثنين 20 مارس 2023 01:52 م

"لا أرى في اجتماع شرم الشيخ الخماسي مخرجات مختلفة ومغايرة عما تم الإعلان عنه سابقا بعد قمة العقبة، إذ جاء الاتفاق متعلقا بالقضايا الأمنية من دون مناقشة جوهر الأمر".

هكذا وصف أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، نتائج اجتماع مدينة شرم الشيخ المصرية، الذي ضم قيادات من السلطة الفلسطينية ومسؤولين إسرائيليين، بحضور ممثلين عن مصر والأردن وأمريكا، الأحد.

ويأتي اجتماع شرم الشيخ الأمني، استكمالاً لمباحثات جرت في 26 فبراير/شباط الماضي، في مدينة العقبة الأردنية، وكانت الأولى من نوعها منذ سنوات، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بمشاركة إقليمية ودولية.

وأكد البيان الختامي للاجتماع، التزام الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، بكل الاتفاقيات السابقة بينهما، ووقف مناقشة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، في محاولات تقودها واشنطن للتخفيف من حدة تصاعد الأحداث في الأراضي المحتلة، منذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية وإجراءاتها التنكيلية بالفلسطينيين.

وجاء في البيان الختامي لاجتماع شرم الشيخ التأكيد على استحداث آلية للحد من "العنف والتحريض"، ومسؤولية السلطة الفلسطينية عن المسؤوليات الأمنية في المنطقة "أ" بالضفة الغربية.

كما أكد البيان الختامي عدم المساس بالوضعية التاريخية للأماكن المقدسة في القدس، والتزام إسرائيل بوقف مناقشة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر.

وحسب ما أفادت تقارير إسرائيلية، فإن الاجتماع استمر نحو ساعتين، وعقد بـ"أجواء إيجابية"، وأنه لم يتأثر بعملية إطلاق النار في حوارة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن الاجتماع كان "ممتازاً"، وتم الاتفاق خلاله على عقد اجتماع آخر في الأسابيع المقبلة، خلال شهر رمضان.

وحسب التقارير الإسرائيلية، فإنه لم تصدر قرارات جديدة عن الاجتماع في شرم الشيخ، سوى التأكيد على ما كان المشاركون قد توصلوا إليه في اجتماع العقبة.

وحول هذه النقطة يقول البرغوثي: "الاجتماع لم يتعرض للقضايا السياسية وعلى رأسها وجود واستمرار الاحتلال الإسرائيلي، ونظام أبارتايد العنصري الذي يفرضه الاحتلال، إضافة إلى ما يرتكبه من مجازر ضد الشعب الفلسطيني".

وأبدى البرغوثي استغرابه من عودة السلطة الفلسطينية لمثل هذه الاجتماعات بعد إعلانها تجميد التنسيق الأمني، وكذلك موافقتها على صيغة البيان الذي تحدث عن وقف الحديث عن إنشاء وحدات استيطانية لـ4 أشهر مقبلة، وهو ما يعني ضمنيا غض الطرف عن الـ13 مستعمرة والـ10 آلاف وحدة استيطانية التي أقرتها إسرائيل خلال الفترة الأخيرة.

ولفت البرغوثي إلى أن هذا الاجتماع "الذي عقد في ظل انقسام غير مسبوق تشهده حكومة دولة الاحتلال الفاشية، وعزلة داخلية وخارجية، جاء كطوق نجاة لها"، مؤكدا أنه لن يكون ذا أثر على الأرض، إذ إن إسرائيل لن تسمح بترك المنطقة (أ)، وستستمر في انتهاكاتها المعهودة، عبر اقتحامات مماثلة لما جرى سابقا.

ورأى أنه كان على السلطة الفلسطينية -بدل أن تجلس مع "سلطة فاشية"- أن تدفع في سبيل توحيد الصف الفلسطيني والقوى الفلسطينية، خاصة بعد أن جربت نهج المفاوضات وأوسلو لـ30 عاما من دون تحقيق أي نجاح يذكر.

وقبل عقد الاجتماع، كانت الفصائل الفلسطينية قد طالبت السلطة في رام الله بعدم المشاركة في قمة شرم الشيخ.

"الجبهة الشعبية" و"الجهاد" قالتا في بيان مشترك: "ندين بأشدّ العبارات إصرار السلطة على المشاركة في قمة شرم الشيخ الأمنية، التي تشكّل انقلاباً على الإرادة الشعبية"، وأضاف البيان أن إسرائيل "تستغل هذه القمم واللقاءات الأمنية لشنّ المزيد من العدوان بحقّ شعبنا".

في بيان مشترك آخر، دعت أحزاب "الشعب" و"الجبهة الديمقراطية" و"فدا"، مصر والأردن إلى "إلغاء اجتماع شرم الشيخ، وعدم المضي في هذا المسار بالغ الخطورة على الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة".

كما طالبت الفصائل الثلاث الرئيس محمود عباس بـ"وقف المشاركة الفلسطينية في هذا الاجتماع"، وقالت إن هذه الاجتماعات "باتت ذات طبيعة أمنية منفصلة عن جوهر القضية السياسية للشعب الفلسطيني، والمتمثلة في إنهاء الاحتلال".

وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قد دعت، الخميس، السلطة الفلسطينية لعدم المشاركة في قمة شرم الشيخ، واستنكر متحدث الحركة حازم قاسم، في بيان، "إعلان السلطة عزمها المشاركة" في الاجتماع.

يشار إلى أن البيان الختامي لاجتماع العقبة، قد تضمن "تأكيد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم"، كما خلص الاجتماع إلى إعلان اتفاق على وقف الإجراءات أحادية الجانب لأشهر محددة، بما يشمل وقف الترويج للاستيطان.

غير أن إسرائيل واصلت عمليات الاقتحام في الضفة الغربية؛ ما أدى إلى استمرار التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

من جانيه، أكد عضو المكتب السياسي بحركة "حماس"، غازي حمد، أنه لا يمكن الوثوق بتعهدات الاحتلال في شرم الشيخ بعد تنصله من وعوده باجتماع العقبة.

وقال إنه "في ظل انتهاكات الاحتلال فإن مشاركة السلطة في اجتماع شرم الشيخ عار على القضية".

ورأى أنه من "الغباء" الوثوق بأن إسرائيل "سوف تعطي إشارة سلام لشعبنا"، مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية "دخلت في طريق وهم ولا تريد أن ترجع عنه، وكل يوم يتم استدراجها إلى مسار موهوم بالتهدئة"، حسب قوله.

واستهجن حمد بيان اجتماع شرم الشيخ الذي "تحدث عن وقف التحريض"، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين يقاومون ضد الاحتلال والعنصرية والإجرام الذي يمارس ضدهم.

وتابع: "نحن لا نمارس العنف، نحن نمارس المقاومة الشرعية ضد الاحتلال، وخجول جدًا أن السلطة تتحدث عن وقف التحريض".

وتشهد الأراضي الفسلطينية منذ أوائل العام الجاري 2023، توترات متصاعدة ومواجهات أسفرت عن مصرع 89 فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس، بينهم نحو 16 طفلاً، بينما تشير التقديرات الإسرائيلية إلى مصرع 14 في هجمات نفذها فلسطينيون.

في المقابل، دافع القيادي في حركة التحرير الفلسطينية "فتح"، منير الجاغوب، عن موقف السلطة في المشاركة بمؤتمر شرم الشيخ.

وندد بتحركات إسرائيل زرع الشقاق بين الفلسطينيين وتقسيمهم إلى نصفين ونظامين وحكومتين، ورأى أن الوصفة الحقيقة لمواجهة الاحتلال هو أن "يعود الشعب الفلسطيني لوحدته وأن نتوقف عن الهجوم على بعضنا البعض، حتى نكون يدًا واحدة في وجه الاحتلال".

ورفض الجاغوب استنكار الفصائل الفلسطينية على السلطة مشاركتها في مؤتمري العقبة وشرم الشيخ، وقال إن الفصائل الفلسطينية تتحدث عن الرفض ولا تتحدث عن حلول، ولا "عن وقف نزيف الدم في الضفة الغربية"، حسب قوله.

وقال إنه "لا يكفي أن نتحدث وأن نصف ما تقوم به السلطة الفلسطينية بالخطأ"، متسائلًا: "إذا كان ما تفعله السلطة خطأ فما هو الحل؟ وكيف نتعامل مع هذا الاحتلال؟".

وأشاد بالجهود الدبلوماسية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي "أعادت نصف مليون فلسطيني إلى وطنهم"، مؤكدًا "لا نستطيع أن نقضي على إسرائيل بالضربة القوية، نستطيع أن نستمر بالعيش ونعزز صمودنا على الأرض وأن نكون شوكة في حلق إسرائيل".

في المقابل، اعتبر ريتشارد غودستاين المبعوث الخاص السابق للرئيس الأمريكي بيل كلينتون لمنطقة الشرق الأوسط، أن واشنطن تعتبر التقاء الطرفين وإصدارهما وثيقة إنجازا وتقدما، لافتا إلى أنه لم يكن ليتوقع أحد أنه بنهاية مارس/آذار الجاري، يمكن أن يصل الطرفان إلى اتفاق، في ظل زيادة حالة التوتر في المنطقة.

وأضاف أنه لا يعني ذلك الاكتفاء بهذه "الخطوة الأولى"، فالولايات المتحدة، حسب حديثه، ما زالت تسعى للوصول إلى حل الدولتين، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه يحظى بقبول لدى الجانبين.

وأوضح في هذا السياق أن حل الدولتين لم يعد خيارا مقبولا لكثير من الإسرائيليين، ومنهم رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، الذي يرى أنه يتظاهر بقبول ذلك، كما أن كثيرا من الفلسطينيين يريدون دولة لا يقبلون معها بإقامة دولة إسرائيلية إلى جوارها.

وذهب في حديثه إلى أن هذا الاتفاق جاء نتاجا لضغط مارسته واشنطن على الطرفين، وإن لم يظهر الأمر بهذه الصورة خاصة بخصوص الجانب الإسرائيلي، مبررا ذلك بأنه من الحكمة إعطاء نتنياهو هامشا من المناورة للوصول إلى النتيجة التي تريد تحقيقها الولايات المتحدة من دون إحراجه.

وتجمدت عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ أبريل/نيسان 2014، جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتنكرها لحدود 1967 (المتمثلة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية) أساسا للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

شرم الشيخ العقبة فلسطين إسرائيل تهدئة الاستيطان

استدعاء السفير الإسرائيلي بعمّان.. الأردن وفلسطين ومصر تستهجن تصريحات سموتريتش العنصرية

تحت القمع الإسرائيلي.. قيادة عباس "تنهار" وشرعية السلطة "تتأكل"

بمشاركة أمريكية أردنية مصرية.. ترتيبات لعقد قمة ثالثة بين الفلسطينيين وإسرائيل