زيارة شي لروسيا.. عالم متعدد الأقطاب ودعم صيني لبوتين (محصلة)

الأربعاء 22 مارس 2023 10:17 ص

ياسين مهداوي- الخليج الجديد

بزيارة لافتة لموسكو في ظل تطورات مهمة واستقطاب دولي حاد، دشن الرئيسان الصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير بوتين "حقبة جديدة" من الشراكة الاستراتيجية مع تأكيد على بناء "عالم متعدد الأقطاب"، ضمن مخرجات عديدة بينها، ولو بشكل غير مباشر، دعم بوتين في مواجهة مذكرة توقيف دولية بحقه على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

زيارة شي، التي استمرت ثلاثة أيام وانتهت الأربعاء، هي رحلته الخارجية الأولى منذ أن فاز في 10 مارس/ آذار الجاري بفترة رئاسية ثالثة، في حدث غير مسبوق في الصين.

وخلال محادثاتهما في الكرملين، وصف بوتين شراكة بلاده مع الصين بالاستراتيجية، مؤكدا أن موسكو مستعدة لتأمين كل ما يحتاجه الاقتصاد الصيني في مجال الطاقة، بما فيها الطاقة النووية والغاز الطبيعي.

وأعلن أن البلدين توصلا إلى اتفاق بشأن مشروع خط أنابيب الغاز الضخم "قوة سيبيريا 2" الذي سيربط سيبيريا بشمال غربي الصين، وسينقل سنويا 50 مليار متر مكعب من الغاز، مما يمثل زيادة كبيرة في عمليات التسليم.

كما أعرب عن استعداد موسكو لتسهيل عمل الشركات الصينية في روسيا، بدلا من الشركات الغربية التي غادرت البلاد.

وعلى خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ أكثر من عام، فرضت عواصم غربية، في مقدمتها واشنطن، عقوبات اقتصادية مشددة على موسكو.

بوتين أعلن أن مباحثاته مع شي أسفرت عن توقيع وثيقتين مهمتين تشكلان قاعدة لمواصلة تعزيز "تعاونهما الاستراتيجي" وتطوير التعاون في مجالات الطاقة والصناعات التكنولوجية الفائقة والمجالات الأخرى وتوسيع استخدام عملاتهما المحلية في التجارة المتبادلة لتقليل الاعتماد على الغرب.

وتابع أن موسكو ستساعد في بناء محطات جديدة للطاقة النووية في الصين، وتستهدف زيادة معدلات الاستثمار مع بكين إلى حدود 200 مليار دولار خلال العام الجاري، مضيفا أن الصين أكبر شريك تجاري واقتصادي لبلاده.

حقبة جديدة للشركة

شي بدوره قال، خلال لقائه بوتين، إنهما وقّعا إعلانا حول "تعميق الشراكة الاستراتيجية وعلاقات ثنائية تدخل حقبة جديدة"، مضيفا أن بكين تعمل على تحديث وتطوير أهداف الشراكة الكاملة مع روسيا حتى عام 2030.

وتابع أن البلدين سيعملان على تطوير التعاون العسكري وإجراء المزيد من الدوريات البحرية والجوية المشتركة.

ولم يرد أي ذكر لإمدادات أسلحة صينية إلى روسيا، والتي تثير مخاوف الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين.

وأكد شي أن بلاده ستواصل إعطاء الأولوية للعلاقات "الاستراتيجية" مع روسيا، ووصف البلدين بأنهما "قوتان كبريان جارتان" و"شريكان استراتيجيان"، بحسب وكالة الأنباء الروسية.

ومشيرا إلى التكتل الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، قال شي إن بلاده وروسيا تبنيان عالما متعدد الأقطاب وتعارضان بشدة أي دول أو تكتلات تضر بمصالح الدول الأخرى.

وأردف: "علاقاتنا مع روسيا مهمة من أجل العالم والإنسانية"، مشددا على أن بكين تتبنى موقفا محايدا بشأن الأزمة في أوكرانيا وتدعو إلى السلام والحوار.

خطة السلام الصينية

وبجانب العلاقات الثنائية، تطرقت مباحثات شي وبوتين إلى حزمة قضايا من أهمها الأزمة الأوكرانية.

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تواصل موسكو شن حرب على جارتها أوكرانيا، مبررة الأمر بأن توجه كييف إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) كان سيمثل تهديدا للأمن القومي الروسي.

واعتبر بوتين أن "الغرب ليس مستعدا بعد لأن تكون خطة الصين للسلام في أوكرانيا الأساس لتسوية الصراع".

لكنه أعلن استعداد بلاده لمناقشة الخطة التي كشفت عنها  بكين في 24 فبراير/ شباط الماضي وتتألف من 14 بندا يشمل وقف الأعمال الحربية واستئناف محادثات السلام واحترام سيادة الدول وتطبيق القانون الدولي دون تمييز.

ولا تنص الخطة على وجوب انسحاب روسيا من أوكرانيا، التي أصرت كييف عليها كشرط مسبق لأي محادثات.

والجمعة، حذرت واشنطن من أن تلك الخطة قد تكون "تكتيكا للمماطلة". وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "لا ينبغي أن ينخدع العالم بأي تحرك تكتيكي من جانب روسيا، بدعم من الصين أو أي دولة أخرى، لتجميد الحرب بشروطها".

وشدد بلينكن على أن "الدعوة إلى وقف إطلاق النار، التي لا تشمل إخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، من شأنها أن تدعم بشكل فعال التصديق على الغزو الروسي".

دفعة قوية لبوتين

وعلى الرغم من مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، بحق بوتين بزعم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، إلا أن شي دعاه إلى زيارة الصين العام الجاري لحضور النسخة الثالثة من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي. وكان قد حضر النسختين الأوليين من المنتدى في 2017 و2019.

وزيارة شي لموسكو، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، مؤشر على متانة الروابط بين البلدين اللذين يواجهان توترا مع الغرب، ووفرت فرصة لبوتين للظهور بجانب شريك مهم في وقت يواجه فيه عزلة غربية.

وبحسب وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، أعطت هذه الزيارة دفعة سياسية قوية لبوتين بعد أيام من إصدار مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.

وشي هو أول زعيم يصافح بوتين منذ إصدار تلك المذكرة، التي تعني إمكانية اعتقال بوتين في قائمة تضم 123 دولة ليس بينها الصين ولا روسيا.

انتقاد أمريكي لبكين

منتقدا زيارة شي لموسكو، قال بلينكن إن القيام برحلة إلى موسكو بعد فترة وجيزة من إصدار مذكرة المحكمة الجنائية الدولية يشير إلى أن الصين "لا تشعر بأي مسؤولية تجاه محاسبة الكرملين".

وبشأن الحرب الروسية الأوكرانية، اعتبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي أنه "لا يمكن منطقيا النظر إلى الصين بوصفها محايدة" .

ودعا كيربي الرئيس الصيني إلى حث موسكو على إنهاء "غزوها" لأوكرانيا، إذا كانت الصين تريد أن تلعب حقا دورا بنّاء في هذا الملف، مضيفا أن بكين "لم تندد بالغزو الروسي" و"لم تكف عن شراء النفط الروسي".

وعلى الرغم من تلك الانتقادات، إلا أن كيربي قال إن واشنطن تريد الإبقاء على قنوات التواصل مع بكين، موضحا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يزال يعتزم التحدث إلى نظيره الصين.

وجاءت زيارة شي بعد أن أقل من أسبوعين على نجاح بكين في التوسط بين السعودية وإيران لتوقيع اتفاق لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي 7 سنوات من القطيعة، وهو ما اعتبره خبراء اختراقا صينيا لمنطقة الشرق الأوسط على حساب النفوذ الأمريكي المعتاد، فيما قلل آخرون من أهميته.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين روسيا زيارة عالم متعدد الأقطاب شي جين بينغ بوتين الولايات المتحدة

واشنطن بوست تحذر: تحالف الصين وروسيا يمكنه تغيير النظام العالمي

قلق أمريكي من الاتفاق الروسي - الصيني للتعاون في المفاعلات النووية