معهد واشنطن: وثائق إيران المسربة تعطي صورة سلبية عن استقرار النظام

الجمعة 31 مارس 2023 07:17 م

"إذا كانت الوثيقة أصلية، فهي تعطي صورة سلبية عن استقرار النظام في إيران وحالة الحرس الثوري، أكثر بكثير من تلك التي تعكسها عادةً التعليقات داخل طهران أو خارجها".

هكذا يتحدث تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حول الوثائق المسربة من اجتماع عُقد في 3 كانون الثاني/يناير بين قادة في "الحرس الثوري" الإيراني والمرشد الأعلى علي خامنئي، توضح بالتفصيل الإحباط والانتقادات في الصفوف العليا للقيادة العسكرية في الجمهورية الإسلامية، تجاه الأحتجاجات الأخيرة.

ونشرت الأسبوع الماضي، وسيلتان إعلاميتان هما "إيران إنترناشيونال" و"إيران واير" الوثيقة التي تضم 44 صفحة، وتضم ملاحظات فردية مفصلة أدلى بها 45 مسؤولاً، هم: 6 رجال دين، و3 ألوية في الجيش، و23 عميداً، و5 سردارات (مصطلح عام للجنرالات من جميع الفئات)، و8 عقداء.

ووفق التقرير، يجب توخي الحذر عند تقييم الوثيقة، نظراً لوجود حجج مقنعة تؤيد صحتها أو تدحضها، مشيرا  إلى أنه يمكن تلفيق مثل هذا المنتج بسهولة هذه الأيام، في الوقت الذي قد تثير خلفية المنظمتين اللتين نشرتاه تساؤلات حول مصداقيته أيضاً.

ومن المفترض أن هذا هو سبب عدم تغطية الوثيقة كثيراً من قبل المؤسسات الإعلامية الأخرى، حتى أنه لا يبدو أن أي صحيفة غربية كبرى قد التقطت الخبر.

وتُعد كل من هاتين الوسيلتين الإعلاميتين ناقدة بلا هوادة للنظام الإيراني، لدرجة أن طهران جعلت التخفيف من تغطية وسيلة الإعلام الأولى مطلباً مركزياً في مفاوضات التطبيع الأخيرة مع السعودية، التي يعتقد أنها تمولهما.

ويقول التقرير: "على الرغم من علامات الاستفهام حول مصدر الوثيقة، يبدو أن النظام لم يعرض أي تنصل رسمي من التسريب المزعوم، وهو تناقض صارخ مع ممارسته العادية المتمثلة في التنديد بقوة بالتقارير غير المواتية، حتى تلك التي تكاد تكون دقيقة بشكل شبه مؤكد".

وهناك أيضاً سبب قوي للاعتقاد بأن اجتماع 3 كانون الثاني/يناير قد حدث، حيث ظهرت تقارير كثيرة عن تجمع قادة "الحرس الثوري" مع خامنئي خلال ذلك الأسبوع لإحياء ذكرى مقتل جنرال "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" قاسم سليماني.

وتشير الوثيقة إلى ضعف المعنويات العسكرية، وتنقل عن عبدالله حاجي صادقي ممثل خامنئي في "الحرس الثوري" قوله: "بناءً على تقاريرنا، يبدو أن قوات الحرس الثوري ليست في الوضع ذاته الذي كانت عليه في العام الماضي، لا سيما فيما يتعلق بمعنوياتها، بما أنها شهدت تراجعاً".

ويفيد محمود محمدي شهرودي قائد طلاب الحوزة في "الباسيج"، بأن "حوالي 5000 عضو قد غادروا في الأشهر الأخيرة، مضيفاً: "أعتقد أن القضايا الأخيرة المتعلقة بالتخلي عن الزي الديني، وكذلك المعتقدات المتضاربة بين الطلاب ورجال الدين في الشهرين الماضيين، ربما كانت مفاجئة".

ويذَكر محسن كريمي قائد "لواء روح الله" التابع لـ"الحرس الثوري" المتمركز بالقرب من طهران، أن بعض الجنود قد اعتُقلوا بعد تنظيمهم احتجاجات، مشيراً إلى تراجع الإيمان بنظام الجمهورية الإسلامية بمقدار النصف.

ويشير حسن حسن زاده قائد "فيلق محمد رسول الله" التابع لـ"الحرس الثوري" في طهران الكبرى، إلى أنه تبين أن بعض الجنود تعاطفوا مع الناس في الشارع أثناء الاحتجاجات بدلاً من تنفيذ الأوامر.

كما صرح إحسان خورشيدي نائب قائد "الحرس الثوري" في محافظة البرز: "لقد شهدنا مؤخراً حالات عرقلة ومساعدة من قبل القوات المسلحة لصالح المدنيين".

في المقابل، فإن بعض المسؤولين من أصحاب التعليقات يدافعون عن المرشد الأعلى، فعلى سبيل المثال، يُزعم أن المستشار العسكري لـ"فيلق القدس" في العراق عواز شهابيفر، يشكو بالقول: "تُظهر هذه المحادثات أنكم تعترضون على القيادة. كان من المفترض أن نقف إلى جانب الزعيم في الأوقات الصعبة".

ولكن قلة يلحظون هذا الموضوع، ولا إشارة في الوثيقة إلى أن المتحدثين صاغوا انتقاداتهم الصريحة في سياق الدعم العام للقيادة أو أيديولوجية الثورة.

ويعلق على ذلك تقرير معهد واشنطن بالقول: "يتمثل أحد أبرز جوانب التعليقات الواردة في الوثيقة المسربة في قلة الاحترام والدعم الذي تظهره الصفوف العليا للقيادة العسكرية تجاه النظام وقيادة الحرس الثوري".

ويضيف: "انتقد الكثير من المتحدثين الرئيس إبراهيم رئيسي وفريقه على خلفية عدم الكفاءة وسوء الإدارة، لكن انتقاد الحكومات المنتخبة ليس بالأمر المعتاد بين مسؤولي النظام والعسكريين".

ويتابع التقرير: "المثير للدهشة هو أن قلة منهم أدلوا بتصريحات صريحة تدعم الاتجاه العام للثورة أو قيادة خامنئي".

ويقلل التقرير من تأثير الوثيقة بالقول: "حتى إذا ثبت أن الوثيقة المسربة حقيقية، فهي لا تزال مجرد وصف للاجتماع، وليست نسخة حرفية كاملة عما جرى فيه، وبالتالي ربما قد تعكس ما أراد المقرر أو المسرب إظهاره بقدر ما تم التعبير عنه أساساً".

ومع ذلك، تجدر الإشارة مجدداً إلى أن النظام لم يسارع إلى الإصرار على أن جميع قادة "الحرس الثوري" يتشاركون الآراء الإيجابية ذاتها، أو أن التقارير عن الانقسامات الداخلية وهمية أو مبالغ فيها، حسب التقرير، الذي يشير إلى أن بعض رموز النظام على الأقل على استعداد للتعايش مع التقارير التي تفيد بأن الأصوات القوية داخل النظام تطالب بتغيير جوهري، أو حتى أرادت الإعلان عن هذه التقارير.

ويوصي التقرير بالقول: "على صانعي السياسات والمحللين الأجانب أن يكونوا حذرين بشأن أي تقييمات مفادها أن سيطرة الجمهورية الإسلامية على المجتمع الإيراني محكمة، أو أن قادة الحرس الثوري مستعدون للقيام بكل ما يلزم وقادرون وراغبون على القيام بذلك لإبقاء النظام في السلطة، بينما يستمر النظام في تجنب التنازلات الكبرى للرأي العام".

ويختتم: "إن الأصوات الداخلية المؤيدة للإصلاح التي تمنح المواطنين المزيد من الحرية (حتى وإن لم يكن لها صوتاً أكبر في قرارات الحكومة) ربما تكون أقوى مما يُعتقد، والقاعدة العامة للأنظمة الاستبدادية هي أنها تبدو وكأنه لا يمكن تحدّيها - إلى أن يتغير الوضع فجأة، ويبدو أنها لا تستطيع الاستمرار (في سياستها)".

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر/أيلول الماضي، احتجاجات إثر الكردية الإيرانية مهسا أميني في مقر احتجاز لشرطة الأخلاق في طهران، بعد اعتقالها بحجة عدم احترامها قواعد الحجاب المفروضة على النساء في إيران.

وزعمت السلطات الإيرانية أن الشابة توفيت بسبب مرض وليس بسبب "الضرب"، حسب تقرير طبي رفضه والدها، فيما قال ابن عمها إنها ماتت بعد "ضربة عنيفة على الرأس".

وتؤكد منظمات حقوقية أن أكثر من 500 شخص على الأقل قتلوا، بينهم 70 على الأقل دون سن 18، منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران.

كما اعتقل آلاف أخرون، أعدمت السلطات عددا منهم بتهم المشاركة في التظاهرات.

المصدر | الحليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران الحرس الثوري احتجاجات إيران مهسا أميني خامنئي وثائق مسربة