المحاصصة أبرز أسبابها.. هذه هي آليات عمل منظومة الفساد بالعراق

السبت 1 أبريل 2023 08:57 ص

"يعد الفساد متجذرا في العراق، كما أن النخبة السياسية هي أحد العوامل الرئيسية التي تمكّنه".. هكذا يخلص تقرير مركز "LSE لدراسات لشرق الأوسط"، داعيا إلى ابتكار استراتيجية واسعة النطاق واستخدام أكبر عدد ممكن من الموارد لمواجهة هذا الفساد.

يقول التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد" إن "الآليات الدقيقة لكيفية عمل الفساد ليست مفهومة جيدًا، خاصة أن النقاش العام حول الفساد مستمر، والسياسيون منخرطون على نطاق واسع في هذا الموضوع، لكن الأبحاث المنشورة محدودة".

ويضيف: "العنصر الأكثر أهمية الذي يسمح للفساد بالعمل بشكل منهجي في العراق، هو سيطرة النخبة السياسية على الدولة من خلال جميع مؤسساتها وعلى جميع المستويات".

ويشير إلى أن تغيير النظام في عام 2003، واستيلاء مختلف الأحزاب على الدولة تدريجياً، وتقاسم السلطة المعروف باسم "المحاصصة"، وهي طريقة لتقسيم المناصب في الدولة بناءً على حجم سلطة كل طرف ونفوذه.

ومن خلال مقاعدهم في البرلمان، تطبق الأحزاب المحاصصة على كل مؤسسة ممكنة في الدولة، ما يعني أن شبكات النخبة السياسية تنتشر عبر الدولة مثل الشبكة، ثم يتعاون الطرفان لتسهيل الفساد وحمايته، ما يعني أن أولئك الذين ليسوا منحازين في النظام أو ليسوا جزءًا من الفساد هم أقل نفوذاً.

ويتابع: "استيلاء النخبة السياسية على الدولة باستخدام المحاصصة يسمح لها بإدامة سلطتها، وتكون في وضع يمكنها من الانخراط في الفساد دون إعاقة، ومنع المساءلة".

ويستعرض التقرير أنواعا عديدة من مخططات الفساد، منها المشتريات العامة والتعاقد، حيث يتم استخدام الكسب غير المشروع والرشاوى (تحويل العقود لتعظيم المصالح الخاصة أو السياسية) وتضخم التكاليف، والاحتيال (الفواتير الزائفة)، والمحسوبية والابتزاز لضمان استخدام الأموال العامة.

ومن بين أنواع الفساد أيضا، سرقة الأموال العامة باستخدام الاختلاس والمحسوبية (لضمان مكافأة الناخبين والموالين والأعضاء بدفعهم إلى القطاع العام)، والاحتيال في الرواتب (من خلال التقاعس أو الموظفين الوهميين) والسرقة على الرواتب.

كما تتضمن أوجه الفساد تهريب النفط ومشتقاته والممنوعات والبضائع المقلدة، وتسهيل تجارة المخدرات وحرف أخرى مماثلة، والرشوة والابتزاز لأغراض سياسية أو مالية بحتة.

ويشير التقرير إلى علاقة أساسية بين النخبة السياسية ورجال الأعمال الذين يستفيدون من هذه المخططات، حيث لا ينخرط السياسيون بشكل مباشر في الفساد ولكنهم يعملون مع رجال الأعمال الذين قد لا يكون لديهم ولاءات سياسية، ولكنهم على استعداد لتسهيل الفساد وغسل العائدات منه مقابل اقتطاعات.

ويضيف: "في بعض الحالات، يكون رجال الأعمال أنفسهم هم العقل المدبر لمخططات الفساد، ويقتربون من السياسيين لمساعدتهم في مقابل الحصول على مكافآت مالية أو غيرها من المكافآت".

ويتابع: "ثم يتم استثمار عائدات الفساد في بناء إمبراطوريات تجارية من خلال الممتلكات والشبكات الإعلامية وتجارة التجزئة والشركات داخل العراق أو نقلها إلى بلدان أخرى لاستثمارات مماثلة".

وبتسلحها بهذه الثروة، والحديث للتقرير، "تكون النخبة السياسية قادرة على إثراء نفسها وتقليل اعتمادها على استخراج الأموال العامة، كما أن الشبكات السياسية التي تسيطر على البرلمان والحكومة والقطاع العام قادرة أيضًا على المساومة على آليات المساءلة حتى تفلت من العدالة".

من أجل مواجهة هذا الفساد بشكل فعال، يقترح التقرير ابتكار استراتيجية واسعة النطاق واستخدام أكبر عدد ممكن من الموارد، وذلك لأن القوى الكامنة وراء الفساد مصممة ومزودة بموارد جيدة ولديها إستراتيجية واضحة لمنع المساءلة.

ويضيف: "إذا كان الهدف هو إجبار النخبة السياسية على تغيير سلوكها ومحاسبتها، فيجب ممارسة الضغط بكل طريقة يمكن تصورها".

ويدعو التقرير إلى الاستفادة بالرأي العام للتأثير، من خلال الكشف عن كيفية حدوث الفساد، ودعم عمل ناشطين ومنظمات الشفافية، وتعزيز الإبلاغ عن المخالفات، وتغيير ثقافة قبول الفساد كشر لا بد منه من خلال التثقيف والتوعية والتدريب.

ويتابع: "يجب أن تشمل العناصر الأخرى لهذه الاستراتيجية تدابير تشريعية، والضغط على المنظمات الدولية والدول الأجنبية لمطالبة العراق باتخاذ تدابير الشفافية وإظهار قدر أكبر من المساءلة، ودفع الحكومة من أجل الحد من البيروقراطية الورقية المعقدة التي تفتح الطريق أمام الفساد".

ويختتم التقرير بالقول: "العراق لديه القدرة على أن يكون أفضل ولكن حتى الآن النخبة السياسية مرتاحة بما يكفي لدرجة أنهم لا يشعرون بالحاجة إلى إجراء إصلاحات".

وتشدد الحكومة العراقية بانتظام على أن مكافحة الفساد وحماية المال العام من أولوياتها، وتضاعف الإعلانات والمبادرات في هذا الاتجاه.

ويعتبر العراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فساداً، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.

المصدر | LSE لدراسات لشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق الفساد النخبة السياسية النخبة

20 عاما على الغزو الأمريكي.. "رباعية" يحتاجها العراق للعودة

بعد تضخم ثروته.. استدعاء السفير العراقي في تركيا