معهد واشنطن يحذر من عقوبات على الخليج والعرب بعد التطبيع مع الأسد.. لماذا؟

الأربعاء 12 أبريل 2023 10:00 ص

"الدول العربية والخليجية، التي تطبّع علاقاتها مع نظام بشار الأسد في سوريا، وتنخرط في إعادة الإعمار، ستتعرض بشكل شبه مؤكد للتصنيفات والانتهاكات الأخرى للعقوبات من قبل وزارة الخزانة الأمريكية"..

هكذا خلص تحليل حديث لـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، لافتا إلى أن الاستثناء الوحيد هو حدوث تغيير جوهري في سياسة النظام.

وقال التحليل إنه "ما لم تحدث تغييرات كبيرة في الطريقة التي يحكم بها الأسد سوريا ويدير شؤونها، من بينها تساهله مع الميليشيات والأصول الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية فضلاً مع منشآت إنتاج الكبتاجون، فستكون هذه محاولة أخرى لرمي المال العربي الجيد بعد السيئ، لتعويض الخسائر المستمرة لهذه الدول مقابل نفوذ إيران في بلاد الشام".

ولفت إلى أنه بعد مضي شهرين على الزلزال المدمر، الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في 6 فبراير/شباط، يبدو أن عودة سوريا من جديد إلى "الصف العربي" أصبحت محل ترحيب، فقد زار الأسد سلطنة عُمان، والإمارات، كما زار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد القاهرة، وكذلك استضافت دمشق 9 وفود مختلفة من المسؤولين العرب، من بينهم وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات.

وأضاف: "هناك بعض التقارير بأن السعودية، المعروفة بتأثيرها الكبير في الخليج، قد توجه دعوة للأسد لحضور القمة العربية في الرياض في مايو/أيار".

وتابع التحليل: "بدا تواصل أبوظبي مع الأسد أكثر خيالية، لكنه متجذر في ما يريده الأسد حقاً، أي الأموال مع قليل من الالتزامات المرتبطة بها"، لافتا إلى أن الإمارات سعت طيلة فترة الحرب إلى تقويض منافستها قطر، وكذلك حليفة قطر في سوريا (تركيا)، كما حاولت أبوظبي إعادة فتح سفارتها في دمشق في عام 2018، اعتقاداً منها أن التواصل مع الأسد سيجعل وضع تركيا في سوريا أكثر صعوبة".

ومع انحسار توترات الإمارات مع قطر وتركيا، تُركز أبوظبي حالياً على الحد من النفوذ الإيراني (الميليشيات والأسلحة) في سوريا.

وتدرك الإمارات أن الأسد بحاجة ماسة إلى المال، الذي لا يمكن أن تقدمه له سوى دولة عربية في الخليج، لإعادة بناء سوريا.

كما يقضي المنطق، وفق التحليل، يمكن استخدام القليل من الاعتراف وبعض أموال البترودولار لإعادة الإعمار كجزرة لتغيير منطق الأسد على طاولة المفاوضات مع المعارضة، وربما الأهم من ذلك، تقليص اعتماده على إيران لصالح الدول العربية، التي أصبحت بعضها متوافقة مع إسرائيل كجزء من "اتفاقيات إبراهام".

وأضاف: "بطبيعة الحال، إن ما يكبح كلا المجهودين هو العقوبات الأمريكية والأوروبية والعربية على سوريا، وقد يؤدي التواصل العربي مع الأسد إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد تعليق عضويتها في عام 2011؛ بسبب رد الأسد على الانتفاضة، وقد تؤدي هذه العودة، إلى رفع العقوبات العربية عن سوريا، التي تعيق التجارة وغيرها من القضايا".

ولكن يكاد يكون من المستحيل رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية دون حدوث تغيير جوهري في سلوك الأسد، حسب تحليل "معهد واشنطن".

عقوبات منتظرة

وتعود العقوبات الأمريكية على سوريا إلى عام 1979، حيث يرجع النصيب الأكبر منها إلى رد فعل نظام الأسد على الانتفاضة.

وقد سمّي "قانون قيصر" على اسم مصور شجاع لدى النظام قام بتهريب المئات من صور الدولة السورية للضحايا الذين تعرضوا للتعذيب في معسكرات الأسد، ويمنع مباشرة بعقوباته الأشد قوة، تمويل أنشطة إعادة الإعمار في سوريا.

والأهم من ذلك، أن لهذه العقوبات آثار ثانوية، أي أنها تنطبق على أي شخص ينخرط في هذه الأنشطة.

وتابع التحليل: "يتضح من شلال الزيارات التي قام بها مسؤولون عرب ومسؤولون آخرون في المنطقة إلى دمشق، أنهم يرون فرصة للتعبير عن سياسة الجزرة تجاه الأسد بسبب إصدار وزارة الخزانة الأمريكية (ترخيصاً عاماً) لمدة 180 يوماً أو إعفاءً مؤقتاً من العقوبات في 9 فبراير/شباط بعنوان (السماح بالمعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا)".

وقال مسؤولون أمريكيون إن الترخيص صدر استجابة لطلبات "الحكومات في المنطقة" التي لا تريد أن تتعرض للعقوبات.

لكن هذا، حسب التحليل، لا يعني أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا قد تغيرت، أو أن العقوبات على وشك أن تُرفع من أجل إعادة الإعمار.

وفي حين أن "أحكام انقضاء" مفعول "قانون قيصر" ستنتهي في عام 2024، إلّا أنه من شبه المؤكد سيتم تمديد مفعول القانون كما يتضح من التصويت (بأغلبية 414 مقابل 2 فقط) في الكونجرس الأمريكي في 27 فبراير/شباط، الذي يدين "جهود نظام الأسد لاستغلال الكارثة بشكل ساخر من أجل التهرب من الضغط والمساءلة الدولية"، أضاف "معهد واشنطن".

وتابع: "حتى لو انتهى مفعول (قانون قيصر)، إلّا أن أطراف متعددة من العقوبات على صادرات النفط السوري وتصنيفاته ستبقى سارية المفعول - بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض".

وزاد: "هناك عقوبات جديدة أخرى في الطريق، حيث يقضي (قانون تفويض الدفاع القومي) الأمريكي لعام 2023 بأن تضع إدارة بايدن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتعطيل وتفكيك إنتاج الأسد للمخدرات والإتجار بها".

وخلص التحليل إلى أن "الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا، ناهيك عن رفعها، هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري".

وأضاف: "واشنطن كانت واضحة في أنه على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين إلى ديارهم دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء، وعليه أن يمضي قدماً في عملية قرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، التحرك في موضوع اللجنة الدستورية".

وتابع: "ومطلوب كذلك من الأسد التشدد مع الميليشيات والأصول الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية فضلاً مع منشآت إنتاج الكبتاجون".

((4))

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع العربي السوري بشار الاسد إعادة الإعمار سوريا الأسد عقوبات أمريكية

عودة الأسد إلى الصف العربي تقسم السوريين بين متأمل ومحبَط