جهود دولية ومحلية لاحتواء الخلاف بين البرهان وحميدتي.. هل تنجح؟

الجمعة 14 أبريل 2023 08:01 م

نشطت خلال الساعات الماضية تحركات دولية وداخلية رافقتها ضغوط غربية، أسهمت في تخفيف التصعيد العسكري، وخفض التوتر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط أنباء عن عقد لقاء بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لتقريب وجهات النظر.

يأتي ذلك في وقت تسربت معلومات عن طرح الطرفين شروطًا لحل الأزمة عكست تباعد مواقفهما.

ويخيم جو من الترقب والقلق على شوارع السودان، بعد احتدام الخلاف بين البرهان ونائبه حميدتي، اللذين يمثلان أبرز كيانين عسكريين في البلاد، هما الجيش وقوات الدعم السريع، وإصدار كل منهما بياناً ،الخميس يبرر فيه تحركاته الأخيرة وتحشيده مركبات وعناصر مسلحة في شوراع البلاد وحول منشآتها الحيوية والحساسة.

ويشهد السودان انسدادا سياسيا بسبب الخلاف بين الطرفين المتنافسين على السيطرة والزعامة.

وبلغت الأزمة ذروتها فجر أمس الخميس، إذ اتهم الجيش قوات الدعم السريع بالتحشيد والانتشار والتحرك داخل العاصمة الخرطوم وعدد من المدن دون موافقته أو التنسيق معه.

واعتبر الجيش في بيان، تحركات قوات الدعم السريع مخالفة لمهام ونظام عملها، محذرا من أن البلاد تمر بما وصفه بالمنعطف الخطير، وأن التحرك سيؤدي إلى مزيد من التوترات التي تقود إلى انفراط عقد الأمن في البلاد.

في المقابل، قال مكتب الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع إن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت "مزاعم" بأن الدعم السريع قام بأعمال حربية باتجاه مطار مروي.

وأوضح المكتب في بيان، أن الدعم السريع "قوات قومية تعمل في إطار القانون بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى"، وأن وجودها في الولاية الشمالية وبمدينة مروي "يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات، في إطار تأدية مهامها وواجباتها التي تمتد حتى الصحراء".

وأمام هذا التصعيد، تدخلت لجنة وساطة ثلاثية من قادة الحركات المسلحة مكونة من عضو مجلس السيادة السوداني مالك عقار، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، بجانب رئيس حركة تحرير السودان وحاكم دارفور مني مناوي، أقنعت قائدي الجيش وقوات الدعم السريع بعقد لقاء مباشر بينهما.

وقال القيادي في تحالف الحرية والتغيير (مجموعة الكتلة الديمقراطية) عبدالعزيز عشر، إن اللجنة التقت حميدتي، وأكد لهم عدم التصعيد واستعداده للقاء البرهان من دون شروط.

وأضاف نقلا عن لجنة الوساطة، أن اللقاء سيتم اليوم من دون تحديد وقت لذلك.

كما أشار إلى أن هناك جهود وساطة من أطراف أخرى، بعضها خارجي، تحاول تقريب وجهات النظر وتخفيف حالة التوتر بين الطرفين.

وفي وقت سابق، أعرب المبعوثون والممثلون الخاصون من فرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلق بالغ إزاء تصاعد التوترات في السودان، وخطر التصعيد بين القوات السودانية وقوات الدعم السريع.

كما تباحث حميدتي في اجتماع هاتفي مشترك مع المبعوث الأمريكي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان بيتر لورد، والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان وجنوب السودان روبرت فيرويذر، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان جون أنطون بشأن تطورات الأزمة في بلاده.

وعقد سفراء الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات لقاءين مع البرهان وحميدتي وطالبوا بتجاوز الخلافات وتجنب المواجهات وتسريع العملية السياسية.

وحملت الاتصالات الدولية من العواصم الغربية مع أطراف الأزمة السودانية ضغوطًا وتهديدات مبطنة وتحذيرًا من الدخول في مواجهات عسكرية، والتلويح بعواقب وخيمة تجاه أي طرف يدفع البلاد نحو المجهول حسب مصادر دبلوماسية سودانية.

في الأثناء، اتهمت قوى الحرية والتغيير، وهي التحالف الرئيسي المؤيد للديمقراطية في السودان، "فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير"، الذي أُطيح في انقلاب عام 2019، بتأجيج الخلاف بين القوات المسلحة و"قوات الدعم السريع"، وهو ما يقوض الانتقال إلى حكومة مدنية.

وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان: "المخطط الحالي هو مخطط لفلول النظام البائد يهدف لتدمير العملية السياسية".

وشاركت قوى الحرية والتغيير في اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش بعد الإطاحة بالبشير إلى أن حدث انقلاب آخر في عام 2021 عندما أطاح الجيش وقوات الدعم السريع بالقيادات المدنية واستوليا على السلطة.

وتحولت "قوات الدعم السريع" من مليشيات قاتلت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في الصراع بدارفور إلى منظمة شبه عسكرية معقدة لديها أموال كثيرة وتعمل تحت تسلسل قيادة خاص بها.

وأدت الخلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول إصلاح ودمج قواتهما إلى تأخير التوقيع النهائي على اتفاق سياسي من شأنه أن يعيد الحكومة المدنية.

وقالت قوى الحرية والتغيير إنها عقدت، الأسبوع الماضي، "سلسلة من الاجتماعات مع المكون العسكري"، لكن تم "التوصل لنتائج لم تنفذ"، وأضافت أنهم ما زالوا على اتصال.

في المقابل، تسربت معلومات عن تباعد مواقف قيادتي الجيش والدعم السريع بشأن حل الأزمة.

وحسب مصادر سياسية قريبة من لقاءات الوساطة، فإن البرهان اشترط انسحاب قوات الدعم السريع من مروي، وعدم تحركها إلى أي منطقة في البلاد، إلا بعد موافقة الجيش كما ينص قانونها، ووضع جدول زمني لدمجها.

وفي المقابل، كشف وزير الإعلام الأسبق حسن إسماعيل، في تسجيل بثه على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حميدتي طرح على الوسطاء 5 شروط لتسوية الأزمة، تشمل السماح لقواته باستكمال إنشاء قاعدة جوية خاصة بها قرب مثلث الحدود السودانية المصرية الليبية، وإحالة مئات الضباط في الجيش والشرطة والمخابرات إلى التقاعد.

كما طلب حميدتي إقالة وزير الداخلية المكلف حامد عنان، وتشكيل لجنة مشتركة لدمج الدعم السريع في الجيش خلال 10 سنوات، وتسريع التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي.

وذكر إسماعيل أن حميدتي وعد في حال تلبية شروطه بتبعية قواته إلى القائد العام للجيش وليس هيئة الأركان، وسحب قواته من مروي وإخلاء بعض المقار التي تشغلها في الخرطوم، وإعادة تموضعها وخفض مستوى تأهبها.

في الأثناء، أكد مصدران في الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، توقف عمل اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم ضباطا من الجانبين، وكانت تعمل في إطار ملف الإصلاح الأمني والعسكري.

وأضاف مصدر الجيش السوداني أن تعثر أعمال اللجنة المشتركة جاء قبيل التطورات الأخيرة وبعد تباعد المواقف، مشيرا إلى أن الانتشار في منطقة مروي جعل الجلوس على مائدة واحدة أمرا صعبا في ظل ما وصفه بالمناخ العدائي.

وظهر الخلاف بين الجيش السوداني الذي يقوده البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي بعد تصريحات للأخير قال فيها إنه اكتشف منذ اليوم الأول أن قرارات قائد الجيش عام 2021 التي أقصت الحكومة المدنية نُفذت لعودة نظام المؤتمر الوطني المعزول.

وعقب توقيع الاتفاق الإطاري، طالب الجيش بتنفيذ الاتفاق الذي قال إنه يقضي بدمج قوات الدعم السريع في الجيش، الذي سيحدد حركاتها، كما طالب بتبعيتها لوزارة المالية، وخضوعها للإجراءات الحكومية.

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها تتمسك بالاتفاق الإطاري، ولا تعارض الدمج، ولكن وفق جداول زمنية، مع ضمان مساواة ضباطها بضباط الجيش في الامتيازات، كما طالبت قوات الدعم بوقف ما سمتها عمليات التجنيد في الجيش خلال هذه الفترة.

من جانبه، يرى الأستاذ في مركز الدراسات الدبلوماسية عبدالرحمن أبوخريس، أن اختيار قوات الدعم السريع للانتشار في مروي يأتي لموقعها الإستراتيجي وقاعدتها العسكرية المهمة وقربها من أكبر مواقع الجيش في قيادة سلاح المدفعية بمنطقة عطبرة وفي شندي.

ويقول إن حميدتي يسعى إلى فرض أمر واقع في مروي لتحسين موقفه التفاوضي بشأن دمج قواته في الجيش، وتوجيه رسالة إلى الشعب السوداني برفض الوجود المصري في القاعدة العسكرية بمروي، لإدراكه حساسية السودانيين تجاه أي تدخلات أجنبية في شؤون بلادهم، واستغلال الاتصالات الدولية معه لتعزيز نفوذه السياسي باعتباره رقمًا صعبًا في المعادلة الداخلية.

أما مدير مركز دراسات السلام في جامعة الخرطوم السابق منزل عسل، فيرى أن ما يجري بشأن التصعيد العسكري في مروي ومناطق أخرى يرتبط بصراع على السلطة، ويقول للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع نشرت قوات في الخرطوم ومدن أخرى ولم ترفض قيادة الجيش.

ويضيف أن البرهان يسعى إلى استغلال قضية مروي للتنصل عن الاتفاق الإطاري، والهروب من العملية السياسية بعدما اقتربت من نهايتها وقناعته بمغادرة موقعه السيادي.

ويوضح عسل أن الجدل الذي أثارته مروي دفع مسألة الوجود المصري في القاعدة العسكرية إلى الواجهة، مما يتطلب من قيادة الجيش توضيحًا للشعب السوداني لتبرير ذلك الوجود وضروراته، لأن هناك من يعتقدون أن التدخل الإقليمي في شؤون البلاد له تأثير مباشر على الأوضاع السياسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرهان حميدتي الدعم السريع جيش السودان السودان الاتفاق الإطاري قوى الحرية والتغيير أزمة سياسية

إطلاق نار واشتباك مسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان

وصفه بالإسلامي المتطرف.. حميدتي يتعهد بتقديم البرهان للعدالة