نسخة صينية لاتفاقات إبراهيم.. كاتب إسرائيلي يطالب بكين بتعزيز التطبيع مع تل أبيب مثل العرب

السبت 13 مايو 2023 01:35 م

اعتبر تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن تموضع الصين الجديد في الشرق الأوسط يجب أن تتعامل معه إسرائيل بحكمه، مطالبا الولايات المتحدة بتخفيف "الفيتو التاريخي" الذي تفرضه على العلاقات بين تل أبيب وبكين، كما طالب الصين بالانخراط في تعزيز التطبيع مع إسرائيل، مستخدمة نفوذها الجديد عبر العالم العربي والإسلامي.

وتحدث التحليل، الذي كتبه مارك ريجيف، وترجمه "الخليج الجديد"، عن "نسخة صينية" من "اتفاقيات إبراهيم".

ودعا الكاتب إسرائيل إلى عدم تجاهل عرض الصين الذي أعلنت فيه عن رغبتها بالمساعدة في استئناف المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية، وذلك بعد نجاح بكين في الوساطة بشكل فعال بين السعودية وإيران.

توتر وتصعيد

واستعرض التحليل بداية العلاقات بين الصين الشيوعية وإسرائيل، والتي شهدت تصعيدا من بكين ضد تل أبيب، فبحلول منتصف الخمسينات من القرن الماضي أقامت الصين تحالفًا دبلوماسيًا مع مصر الناصرية، وقادت بكين والقاهرة ونيودلهي مؤتمر باندونج لعام 1955 للدول الأفروآسيوية المستقلة حديثًا، والتي عُرفت فيما بعد باسم حركة عدم الانحياز.

وفي الستينات، كانت سياسة "ماو" في مناصرة حركات التحرر الوطني المناهضة للاستعمار دفعت بكين إلى احتضان الفلسطينيين وإدانة إسرائيل باعتبارها "قاعدة إمبريالية".

وفي عام 1965، أصبحت الصين أول دولة غير عربية وغير إسلامية تسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بفتح مكتب دبلوماسي في عاصمتها.

في الوقت نفسه، أقام الحزب الشيوعي الصيني علاقات وثيقة مع حركة فتح بزعامة ياسر عرفات ومع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (الماركسية) والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

وفي عام 1974، تم افتتاح سفارة فلسطينية في بكين، وفي العام التالي صوتت الصين لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية.

بداية الاتصالات

ومع وفاة ماو في سبتمبر/أيلول 1976، وتبني خلفائه مسارًا أكثر براجماتية، ظهرت فرص لإجراء اتصالات مع إسرائيل.

ووفقًا لتقارير مختلفة، شهدت الثمانينات من القرن الماضي تطوير بكين والقدس علاقات عسكرية سرية، حيث عملت إسرائيل، التي كانت لديها خبرة واسعة في تحديث المعدات العسكرية السوفييتية التي تم الاستيلاء عليها، على مساعدة جيش التحرير الشعبي الصيني في تحديث دباباته وطائراته.

وفي عام 1985، أعادت إسرائيل فتح قنصليتها في هونج كونج، التي كانت لا تزال تحت السيطرة البريطانية، لتكون بمثابة موقع متقدم للاتصالات مع بكين.

عندما جمع مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط في أكتوبر/تشرين الأول 1991 الدول العربية والفلسطينيين والإسرائيليين معًا في محادثات وجهاً لوجه، شعرت الصين أخيرًا أن الوقت قد حان لتطبيع العلاقات الصينية الإسرائيلية، فتم افتتاح السفارتين في كل من بكين وتل أبيب في عام 1992.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1993، وخلال النشوة التي أعقبت اتفاقية أوسلو مباشرة، أصبح إسحاق رابين أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور بكين. في تلك المرحلة، تمامًا كما كانت الآمال في السلام الإسرائيلي الفلسطيني عالية، كذلك كانت الثقة المحيطة بمستقبل العلاقات الصينية الإسرائيلية.

الأزمة الأولى بعد الانفراج

ويشير الكاتب إلى أن أول أزمة كبرى حدثت في العلاقات الصينية الإسرائيلية كانت في عام 2000، ووتحت الضغط الأمريكي، انسحبت إسرائيل من عقد موقع مع الصين لتزويد نظام الإنذار المبكر المحمول جواً "فالكون".

كان على رئيس الوزراء، آنذاك، إيهود باراك أن يختار بين الصفقة المربحة للغاية وعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، ومثل بن جوريون في عام 1950، أعطى الأولوية لواشنطن.

وبحسب ما ورد اضطرت إسرائيل إلى دفع 350 مليون دولار للإلغاء وظلت العلاقات الصينية الإسرائيلية هادئة لمدة نصف عقد تقريبًا.

ولكن بعد فشل صفقة "فالكون"، تم التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن يمكن بموجبها لإسرائيل المضي قدمًا في التعاون مع الصين في جميع الأمور غير العسكرية.

وبالفعل عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال ولايته السابقة، في مايو/أيار 2013 الصين دفع لمزيد من التعاون في التجارة والزراعة والطاقة الخضراء وإدارة المياه والرعاية الصحية.

أي شيء عدا العسكري

لكن على مدى العقد التالي، استمرت العلاقات الصينية الإسرائيلية في التدهور وفقدت صيغة "أي شيء عدا العسكري" إمكانية التطبيق، حيث أثارت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحفظات على الاستثمارات الصينية في قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل وإشراك الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية، وهي مخاوف تكررت الأسبوع الماضي أيضا خلال زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي.

ومرة أخرى، أعطت تل أبيب الأفضلية لتحالفها مع واشنطن وأعدت معايير صارمة للتعاون مع بكين - على الرغم من أن الصين ظلت ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل.

ويلفت الكاتب إلى أن حلفاء آخرين للولايات المتحدة بالمنطقة تبنوا نهجًا أكثر استقلالية تجاه الصين، مثل السعودية والإمارات.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2022، استضافت السعودية الرئيس الصيني شي جين بينج في الرياض، قبل أن ينضم السعوديون لجهود وساطة الصين مع إيران.

وعندما طالبت واشنطن الإمارات بالاختيار بين شراء مقاتلات F-35 أمريكية الصنع وشراء تكنولوجيا 5G الصينية، اختار الإماراتيون الأخيرة بتكلفة 23.4 مليار دولار.

على الرغم من أن بعض الإسرائيليين كانوا سعداء بلا شك لأن القوات الجوية الإماراتية لم تتسلم طائرة F-35 المتقدمة، لكن هذه التطورات تشير إلى تراجع مكانة أمريكا في المنطقة، وهو أمر لا يبشر بالخير بالنسبة لإسرائيل، وفقا للكاتب.

المصدر | مارك ريجيف | جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الصينية الإسرائيلية وساطة الصين اتفاقيات أبراهام

واشنطن تدرس تعيين سفيرها السابق لدى إسرائيل مسؤولا عن "اتفاقيات إبراهيم"

سفير أمريكي: التقارب السعودي الإيراني لن يكون على حساب التطبيع بين الرياض وتل أبيب

إزعاج لواشنطن.. نتنياهو يزور الصين في يوليو