بدأ الناخبون داخل تركيا الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية مصيرية يعتبرها مراقبون "الأهم في تاريخ الجمهورية التركية" منذ تأسيسها في أكتوبر/تشرين الأول 1923، ويترقب العالم نتائجها في ظل أدوار وتأثيرات أنقرة إقليميا ودوليا.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين في الساعة 08:00 بالتوقيت المحلي  (06:00 ت.غ)، على أن يستمر التصويت حتى الساعة 17:00 (15:00 ت.غ).

وفي جميع أنحاء تركيا، يدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع لاختيار رئيس للبلاد وأعضاء برلمان تستمر فترة ولاية كل منهما 5 سنوات.

ويحق لـ60 مليونا و697 ألفا 843 ناخبا الإدلاء بأصواتهم، منهم 4 ملايين و 904 آلاف و672 ناخبا يصوتون لأول مرة.

وعلى 600 مقعد برلماني، يخوض 24 حزبا سياسيا و151 مرشحا مستقلا السباق في الدورة الثامنة والعشرين للانتخابات البرلمانية.

ويخوض حزب "العدالة والتنمية" (الحاكم منذ عام 2002) اختبارا انتخابيا صعبا للغاية في ظل انتقادات لأداء حكومته في الأيام الأولى بعد زلزال مدمر ضرب جنوبي البلاد في 6 فبراير/شباط الماضي، وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص بجانب دمار مادي هائل.

وضمن وضع عالمي، يعاني الأتراك من ارتفاع في أسعار السلع وغلاء المعيشة مع ارتفاع نسبة التضخم؛ جراء تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير/شباط 2002.

وسيحدد الناخبون مسار تركيا السياسي والاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة؛ فإما أن تفتح المعارضة صفحة جديدة في الحكم أو يستمر "العدالة والتنمية"، الذي يقود البلاد منذ 21 عاما، حيث فاز في كل الانتخابات منذ 2002.

استفتاء على أردوغان

أما على كرسي الرئاسة فيتنافس 3 مرشحين هم مرشح "تحالف الشعب" الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان (69 عاما)، ومرشح "تحالف الأمة" كمال كليتشدار أوغلو (74 عاما) ومرشح "تحالف آتا" (الأجداد) سنان أوغان (56 عاما).

وتوقعت استطلاعات رأي في تركيا انتخابات رئاسية حامية تأخذ طابع استفتاء حول حكم أردوغان، الذي يواجه للمرة الأولى معارضة موحدة بعد 20 عاما على توليه السلطة.

والخميس، أعلن المرشح الرابع زعيم حزب البلد، محرم إينجه (59 عاما)، انسحابه من السباق، وستعتبر الأصوات الممنوحة له في الجولة الأولى سارية بموجب القانون، وفقا لوكالة "الأناضول" التركية.

وفي حال عدم فوز أي مرشح بأغلبية نسبية (أكثر من 50%) من الأصوات في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية في 28 مايو/أيار الجاري بين المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من أصوات الجولة الأولى.

وأدلى أكثر من مليون و674 ألف ناخب بأصواتهم في الممثليات التركية خارج البلاد و120 ألف و640 شخصا في البوابات الحدودية.

ودخلت تركيا مرحلة الصمت الانتخابي، اعتبارا من الساعة 18:00 مساء السبت (16:00 ت.غ) في نهاية 10 أيام من الدعاية الانتخابية.

وحتى الساعة 21:00 (19:00 ت.غ) من يوم الانتخابات، تحظر الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون (RTÜK)  أي دعاية للأحزاب على الإذاعات والقنوات التلفزيونية وأيضا الأخبار المتعلقة بنتائج الانتخابات باستثناء ما ستعلنها اللجنة العليا للانتخابات، ويمكن للأخيرة أن تقرر رفع الحظر قبل ذلك إذا ارتأت ضرورة.

وأعلن رئيس اللجنة أحمد ينار أنه سيتم إعلان النتائج غير النهائية للانتخابات في يوم التصويت نفسه وفقا للمعتاد.

مسار تركيا

وتواجه تركيا تحديات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، فضلا عن التوترات في العلاقات بين أنقرة وبعض دول الشرق الأوسط والدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ونظرا إلى أهمية تركيا كقوة إقليمية، فسيكون لنتائج الانتخابات آثارها على المنطقة بأكملها والعلاقات الدولية؛ فلكونها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تلعب أنقرة دورا مهما على المستويين الإقليمي والدولي، بما في ذلك الأزمة في سوريا (الجار الجنوبي لتركيا) والصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب الأهلية في ليبيا والحرب الروسية الأوكرانية.

ويقول سياسيون ومسؤولون سابقون في تركيا إن عواصم غربية، في مقدمتها واشنطن، تحاول التأثير على الانتخابات لضمان عدم فوز حزب العدالة والتنمية، لعدم رضاهم عن المسار المستقل الذي ينتهجه أردوغان لتحقيق مصالح بلاده، لاسيما عبر تنويع علاقاتها الخارجية وخاصة مع روسيا.