العرب يعتقدون أن إعادة العلاقات مع الأسد ستخرج إيران من سوريا.. إنهم مخطئون

الجمعة 19 مايو 2023 07:16 ص

نظريا يبدو المنطق وراء هذه الخطوة سليمًا لكن إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية خطأ استراتيجي.

يتناول مقال ديفيد داود في "المجلس الأطلسي" الذي ترجمه "الخليج الجديد" ملف عودة سوريا للجامعة العربية وآثاره، ويرى أن أوضح اعتراض على إعادة إدخال نظام الأسد في أروقة جامعة الدول العربية هو اعتراض أخلاقي بسبب جرائم الأسد خلال العقد الماضي. وبعد كل شيء، خرج الأسد منتصرًا في الحرب الأهلية السورية بقتل مئات الآلاف من شعبه، وجرح وتعذيب عشرات آخرين، وتشريد ملايين آخرين، وقد تسبب انتصاره الملوث بالدماء في ألم لا يقاس للشعب السوري وقد تستمر آثار ذلك لعقود.

ومع ذلك، يرى المقال أنه نادرًا ما سمح الواقع والتاريخ بأن يكون الحكم منظمًا من الناحية الأخلاقية.

يرى الكاتب أن الواقع ونتائج الحرب الأهلية السورية قدما للعالم العربي خيارين: الأول هو مقاطعة الأسد بشكل دائم والسماح للهيمنة الإيرانية على سوريا بالاستمرار في النمو. في غضون ذلك، فإن هذه العزلة الدبلوماسية، إلى جانب حصار مالي في شكل عقوبات بقيادة الولايات المتحدة، ستمنع عودة سوريا أو إعادة إعمارها. عندها سيستمر الشعب السوري في المعاناة من حكم الأسد الديكتاتوري ومختلف أوجه النقص والحرمان التي سببتها حربه المدمرة، والتي ستزداد تعقيدًا بالعقوبات.

 بدلاً من ذلك، وهذا هو المسار الذي يختاره العالم العربي يمكن بذل محاولات لإغراء الأسد بالابتعاد عن طهران، وإعادة العلاقات معه على مضض لخلق مواجهة ضد النفوذ الإيراني غير المقيد.

فرضية خاطئة

ومع ذلك، يرى الكاتب أن المنطق الذي يقوم عليه الخيار الثاني - إعادة الأسد إلى الفلك العربي - غير سليم، ومبني على فرضية خاطئة مفادها أنه لا يزال هناك نظام سوري مستقل.

ويعتقد الكاتب أنه يمكن الآن اعتبار الديكتاتور السوري بشكل فعال "رئيس بلدية دمشق"، الذي يحكم تلك الإقطاعية حسب رغبة إيران. بغض النظر عن مقدار الدعم العربي الذي يتمتع به، لا يمكن للأسد أن يطلب من إيران مغادرة بلاده طواعية.

ويشير إلى أن إيران استثمرت في سوريا ولا يمكن للأسد طردها، حيث تم تدمير جيشه العربي السوري بسبب الانشقاقات خلال الحرب الأهلية والقتال. ومنذ عام 2016، تحمل "حزب الله" والميليشيات الأخرى التي تعمل بالوكالة التابعة لإيران العبء الأكبر لمحاربة قوات المعارضة وتولوا السيطرة على الأرض. في المقابل، لعب الجيش العربي السوري دورًا رمزيًا وثانويًا.

ويعتقد الكاتب أنه لم يتبق سوى القليل من سوريا المستقلة للعمل معها. ولا يمكن للتدخل العربي في سوريا أن يعالج هذا القصور، لأنه من غير المحتمل أن يكون عميقاً أو متطفلاً في الشؤون الداخلية للبلاد مثل إيران.

ويذكر الكاتب بما حصل مع لبنان حيث استغل "حزب الله" الاستقرار الذي وفرته المساعدات الخليجية لبيروت لينمو داخل لبنان. ويمكن توقع أن تفعل إيران الشيء نفسه في سوريا، لا سيما إذا تمكنت مساعدات إعادة الإعمار من دخول البلاد.

من المحتمل أن يكون الأسد مدركًا تمامًا لهذا الوضع ومن غير المرجح أن يحاول الانفصال عن إيران أو تقويض مصالحها عن طيب خاطر. من المؤكد أن تاريخ طهران في التعامل مع المرؤوسين المتمردين سوف يردعه. ويخاطر الأسد بالتصفية لأنه خرج عن الخط، حيث تلقي طهران باللوم على إسرائيل كما فعل "حزب الله" مع رفيق الحريري لفشله في تقديم تنازلات كافية. أو يمكنهم اختيار الطريق الذي اختاره وكلاء الحوثي فيما يتعلق بعلي عبدالله صالح اليمني، حيث أعلنوا أنه خائن يستحق الموت.

روسيا

ويرى الكاتب أنه أيضا لا يمكن الاعتماد على روسيا، الفاعل الآخر الذي له نفوذ في سوريا، لتقويض سيطرة إيران على البلاد.

في الواقع، حتى قبل تورطها في أوكرانيا، تراجعت القوات الروسية مرارًا وتكرارًا في مواجهة إيران ووكلائها في سوريا، ما يدل على من له اليد العليا على الأراضي السورية.

ويشير المقال إلى أن عبثية المراهنة على روسيا لاستعادة استقلال الأسد عن إيران تتفاقم بسبب حقيقة أنه للقيام بذلك، سيتعين على موسكو تحويل قواتها البرية بعيدًا عن الحرب التي تعتبرها وجودية في أوكرانيا حيث أصبح الجيش الروسي الآن في مستنقع. لمحاربة إيران، الفاعل الذي يتصرف كحليف لا غنى عنه في تلك الحرب.

ويوصي الكاتب بأنه يجب ألا يكون انتصار الأسد في الحرب الأهلية السورية تذكرته للعودة إلى أسرة الدول المتحضرة، بما في ذلك العالم العربي. ويرى أن الفائدة النهائية لن تعود على الأسد فحسب، بل ستعود أيضًا على القوة التي تسيطر عليه وتبقيه في القصر الرئاسي؛ إيران.

المصدر | ديفيد داود | المجلس الأطلسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا الاسد جامعة الدول العربية السعودية

رسميا.. الأسد يتلقى دعوة من السعودية لحضور القمة العربية في جدة