استثمارات مباشرة أصغر.. نهج الصين الجديد في أفريقيا

الأحد 21 مايو 2023 04:27 م

تبتعد الصين عن منح القروض الضخمة ضمن مبادرة "الحزام والطريق" التاريخية لصالح ضخ استثمارات مباشرة أصغر في مشاريع استراتيجية بأفريقيا؛ مثل الطاقة المتجددة والاتصالات، بحسب المحلل الجيوسياسي رونان وردزورث، في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" (Geopolitical Futures) ترجمه "الخليج الجديد".

وردزورث تابع أنه "في 2013، كشفت بكين عن مبادرة الحزام والطريق (لتعزيز التجارة)، وهي تتكون من قروض ضخمة لمشاريع البنية التحتية العملاقة في الجنوب العالمي، وكانت أفريقيا من أكبر المتلقين لتلك القروض".

واستدرك: "لكن لم يتم الانتهاء من العديد من مشاريع المبادرة أو تعثرت بسبب تضخم الميزانيات أو الفشل في سداد الديون أو سوء التصنيع الذي يشرف عليه المهندسون الصينيون، وتقود خيبات الأمل هذه بكين إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه أفريقيا".

وأردف أن "الاستراتيجية وراء مبادرة الحزام والطريق كانت تبادل الاستثمار برأس المال السياسي، أي أن تساعد الصين شركاءها على تطوير طرق العبور لتعزيز التجارة، سواء داخل القارة أو مع العالم الخارجي، مقابل أن تضمن بكين العلاقات الدافئة مع المستفيدين من المبادرة وتأمين سلسلة التوريد واستخراج المعادن بتكلفة منخفضة".

وأضاف أنه "في ذلك الوقت، كانت الصين أيضا قلقة بشأن أمن إمداداتها النفطية، ومن شأن العلاقات المُحسنة أن تدعم أيضا واردات أفريقيا من السلع الصينية، وفي 2009، تفوقت الصين على الولايات المتحدة باعتبارها الشريك التجاري الأول لأفريقيا، واليوم تأتي بعد الاتحاد الأوروبي فقط".

استثمار وقروض

"بشكل عام، تدفق رأس المال الصيني إلى أفريقيا في شكلين: الاستثمار الأجنبي المباشر والقروض من الحكومة أو البنوك التجارية أو البنوك المملوكة للدولة، لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، ضخت بكين رأس مال أقل في أشياء مثل البنية التحتية للنقل وخطوط أنابيب الهيدروكربون ومشاريع الطاقة الضخمة"، وفقا لوردزورث.

وأوضح أن "بكين، بدلا عن ذلك، تركز على شراء الأسهم في مشاريع التعدين وتمويل مشاريع توليد الطاقة الأصغر (خاصة الطاقة المتجددة) وبناء شبكات الإنترنت والاتصالات وتحديث المرافق الحكومية. وغالبا ما تكون مشاريع الطاقة المتجددة مربحة على المدى القصير وتخلق حسن النية مع الأحزاب الحاكمة، كما هو الحال مع الاستثمارات في المباني الحكومية".

وبيّن أن "أحد الأشياء التي اكتشفتها الصين هو أنها تستطيع الوصول إلى المعادن والنفط والغاز في القارة دون الاستثمارات الضخمة التي اعتقدت ذات يوم أنها أساسية".

واستطرد: "من 169 مليار دولار أقرضتها بنوك التنمية الصينية والحكومة لأفريقيا، مثلا، ذهب ربعها إلى أنجولا للاستثمار في شركة النفط التي تديرها الدولة في محاولة لضمان إمدادات النفط الصينية، واليوم 25% من النفط والغاز الصيني يأتي من أفريقيا".

ومضى قائلا إنه "من خلال عقود التوريد طويلة الأجل والظروف السياسية المواتية، تجنبت الصين مخاوفها المتعلقة بأمن الإمدادات الفورية، وينطبق الأمر نفسه على المعادن الهامة مثل الليثيوم والنحاس والكوبالت".

عبء على الخزينة 

في 2018، بحسب وردزورث، "عندما توقفت الصين عن تمويل العديد من المشاريع، بلغ إجمالي قروضها في أفريقيا 107.9 مليارات دولار، وهو عبء ضخم على خزائن الصين".

وتابع أن "الحجم الهائل لإقراض مبادرة الحزام والطريق على مستوى العالم أدى إلى انخفاض رصيد الحساب الجاري للصين إلى 24 مليار دولار فقط في 2018 من 293 مليار دولار في 2015، قبل أن ينتعش بعد انخفاض القروض الخارجية بشكل كبير، وفي 2020، منحت الصين قروضا بـ1.8 مليار دولار فقط، وهو انخفاض هائل".

وزاد بأن "نموذج الاستثمار الأولي الصيني واجه مشاكل متعددة، فمن الناحية المالية واجهت الصين صعوبة في استرداد الكثير من الديون الثنائية، وعلى عكس المخاوف من مصيدة الديون، كانت بكين تستجيب لتخفيف الديون والمدفوعات المؤجلة للاقتصادات الناشئة، علما بأن اللين في مصلحة الصين، حيث إن نظرائها الأفارقة هم شركاء تجاريون رئيسيون يمتلكون المعادن التي تصنع منها بكين سلعا عالية القيمة".

تعثر المقترضين

ووفقا لوردزورث، فإن "من بين المتلقين الرئيسيين للقروض في أفريقيا، تخلفت زامبيا عن السداد، وغانا ونيجيريا وكينيا ومصر معرضة بشدة لخطر التخلف عن السداد، ومن المرجح أن تتلقى بكين طلبات إضافية لتخفيف عبء الديون".

وأضاف أنه "من الناحية السياسية، تواجه بكين خيارين هما المزيد من خفض الديون، والذي من شأنه أن يبقي الضغط على وضعها المالي الخاص، أو رفض الطلبات وتعريض النوايا الحسنة التي اكتسبتها للخطر، وهي تفضل الخيار الأول".

وشدد على أنه "مع وضع هذا في الاعتبار، ابتعدت الصين عن تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة لصالح المشاريع الأصغر (...) وتبحث الآن عن مشاريع أقل خطورة لتوجيه استثماراتها فيها".

وأفاد بأنه "على الرغم من تراجع الرغبة في الحصول على قروض كبيرة، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أفريقيا يتزايد باطراد؛ إذ ارتفع إلى 44.2 مليار دولار في 2021 من 491 مليون دولار في 2003، وظل ثابتا على مدار السنوات الخمس الماضية ، حتى أثناء جائحة كورونا".

المصدر | رونان وردزورث/ جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين أفريقيا مبادرة الحزام والطريق قروض ديون استثمارات

الصين: منتدى السلام والأمن الثالث مع أفريقيا ينطلق الإثنين

مع انحسار الاستثمارات الأمريكية.. الصين تتطلع إلى أموال الشرق الأوسط