تقدير صيني: على الغرب أن يعتاد دور بكين في الشرق الأوسط

الأحد 21 مايو 2023 05:37 م

قال رئيس مركز "شنغهاي" للدراسات الاستراتيجية والدولية نيلسون وونغ، إنه على الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، أن يعتاد على انخراط الصين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معتبرا أن أيام الهيمنة الغربية على المنطقة قد ولت.

وأضاف وونغ، في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (Middle East Eye) ترجمه "الخليج الجيد"، أنه "يجب الترحيب بالصين في الشرق الأوسط، مع أسباب انخراطها في المنطقة لتوسيع الصادرات والتجارة، بدلا عن السعي وراء الهيمنة الاستعمارية".

وتابع: "تم الاعتراف بدور بكين في تسهيل المصالحة الأخيرة بين السعودية وإيران (يوم 10 مارس/ آذار الماضي) في جميع أنحاء العالم، لكن تم تجاهله من الولايات المتحدة وبعض حلفائها".

وأردف: "بدلا عن الإشادة بمبادرة يمكن أن تساعد في إحلال السلام في أنحاء الشرق الأوسط، تجنبت وسائل الإعلام الغربية الرائدة ذكر مساهمة الصين أو كانت مترددة في الاعتراف بأن أيام الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد ولت".

وشدد على أنه "في عالم اليوم المترابط، حيث الاقتصادات متشابكة ومترابطة، يجب أن يكون التعايش السلمي واحترام المصالح الجوهرية للبلدان الأخرى دائما على رأس جدول الأعمال في العلاقات الدولية".

وزاد بأن "النهج الاستعماري أو الإمبريالي في السعي وراء الهيمنة الإقليمية والعالمية، باستخدام الحيل القديمة لفرق تسد، ليس له مكان في العالم الحديث، ويجب أن يدينه المجتمع الدولي".

أكثر من ألفي عام

ويتجاهل العديد من المعلقين، بحسب وونغ، "حقيقة أن علاقات الصين مع الشرق الأوسط تعود إلى أكثر من 2000 عام، من أيام داريوس الكبير في بلاد فارس (إيران) إلى مصر في ظل الإمبراطورية الرومانية، عندما كانت التجارة بين الصين (في عهد أسرة هان) والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واليوم ازدهرت على طول طريق الحرير القديم".

وأردف: "في السنوات الأخيرة، مع استمرار النمو الاقتصادي في الصين وازدياد استقرار المناخ السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن التعاون الثنائي بين الصين ودول المنطقة ينمو بسرعة".

وتابع: "تظهر أحدث الإحصاءات الصادرة عن الحكومة الصينية زيادة بنسبة 27.1% في التجارة الثنائية بين الصين و18 دولة في المنطقة، وتجاوزت 500 مليار دولار في 2022".

واستطرد: "يُعتقد أن السعودية والإمارات وقطر وإيران تسعى لتوسيع قدراتها التصنيعية ورفع مستوى تنميتها الحضرية وكفاءتها في التكنولوجيا الرقمية والتمويلية. وتجربة الصين وقدرتها في مجالات مثل تطوير المدن الذكية، جعلتها الشريك المنطقي المفضل لتلك الدول، كما عزز طلب الصين النهم على النفط والغاز من المنطقة الروابط بين الجانبين".

وأردف: "في بداية 2023، حدد أحد عمالقة الاتصالات في الصين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنها جبهة نمو جديدة، حيث يصل الاستثمار التقديري للمنطقة في البنية التحتية للهاتف المحمول إلى 70 مليار دولار بين 2019 و2025".

وأضاف أن "صناعة السيارات الصينية في الشرق الأوسط آخاذة في التوسع أيضا (...) وفي منطقة الخليج، تشير التقارير إلى أنه تم استيراد 200 ألف سيارة صينية الصنع في 2022، أي ما بين 10 و15% من المبيعات في دول مجلس التعاون الخليجي". ويضم المجلس ست دول هي السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين.

منافع متبادلة

وبجانب أن أهداف الصين في المنطقة "تجارية بحتة وذات منفعة متبادلة"، فإنها بحسبب وونغ "تحترم ثقافات الشعوب الأخرى ولم تحاول أبدا استعمار دول أخرى (...)، وما يسمى بـ"التهديد الصيني"، كما تعلنه الولايات المتحدة وحلفاؤها، تم تجاهله إلى حد كبير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وتابع: "وبالنسبة لمبادرة الحزام والطريق، التي أطلقها الرئيس (الصيني) شي جين بينغ في 2013، فمن الإنصاف القول إن الدول التي أقامت مشروعات بالمشاركة مع الصين ربما تكون في وضع أفضل لتأكيد أن الدور الرئيسي للمبادرة هو زيادة القدرة التصديرية للصين بدلا من القيام بمهمة جيوسياسية تسعى إلى الهيمنة الإقليمية أو العالمية".

وأوضح أن "المبادرة تضم الآن 151 دولة و32 منظمة دولية، بينها العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي أبدت استعدادا للمشاركة في أكثر من 3 آلاف مشروع باستثمارات إجمالية تزيد عن تريليون دولار".

ومضى قائلا إن "عملية فك الدولرة (ربط المعاملات التجارية الخارجية بالدولار الأمريكي)، التي أطلقها عدد متزايد من الدول الراغبة في تسوية تجارتها الثنائية بالعملات المحلية، بما فيها من الشرق الأوسط ، تمثل تحديا واضحا للدولار البترولي، وقد أثار هذا أيضا نقاشا حول ما إذا كان اليوان الصيني في طريقه للتنافس مع الدولار كعملة احتياطية".

ورأى أنه "إذا كان العالم، كما يُعتقد على نطاق واسع، في طريقه ليصبح متعدد الأقطاب، وقد تستمر هذه الفترة الانتقالية لسنوات أو عقود، فإن الصراعات بين الصين كقوة صاعدة والقوة العظمى الحالية، الولايات المتحدة، لا مفر منها عبر جبهات عديدة".

وأوضح أن "هذه النزاعات قد تتمحور حول الأمن الوطني والإقليمي أو حماية الاحتياطيات المالية لكل بلد أو الآليات التي تحكم حريتنا التجارية وسلسلة التوريد العالمية".

المصدر | نيلسون وونغ/ ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين الولايات المتحدة الشرق الأوسط شمال أفريقيا اقتصاد تجارة

تحليل: 5 عوامل تؤشر إلى تحول عميق بالشرق الأوسط

سلام مستدام في الشرق الأوسط.. هل يمكن أن تفعلها الصين؟