بعد التطبيع العربي.. هل يهدد "أمراء الحرب" سلطة عائلة الأسد؟

الأربعاء 24 مايو 2023 06:04 ص

قال ريان بول، محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن العالم العربي يأمل أن يتمكن من جذب سوريا للابتعاد عن نموذج "أمراء الحرب"، لكن هذا الأمر قد يفتح الباب أمام انقسامات داخلية ويهدد قبضة عائلة رئيس النظام السوري بشار الأسد على السلطة ويعيد إشعال العنف المدني.

وفي 19 مايو/ أيار الجاري، شارك الأسد في قمة قادة جامعة الدول العربية في دورتها الثانية والثلاثين للمرة الأولى منذ نحو 12 عاما، حين جمدت الجامعة في 2011 مقعد دمشق ردا على قمع الأسد (يحكم منذ عام 2000 خلفا لوالده الراحل حافظ الأسد) لاحتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة؛ مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

بول تابع، في تحليل بموقع "وورلد فيو"، التابع لمركز "ستراتفور" للدراسات الأمنية والاستراتيجية الأمريكي (Worldview Stratfor)، ترجمه "الخليج الجديد"، أن مشاركة الأسد في القمة "جزء من عملية تطبيع شاملة شهدت عرض أعضاء الجامعة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا مقابل التعاون في قضايا المخدرات واللاجئين والإرهاب".

واستدرك: "لكن إدمان سوريا على أمراء الحرب سيكون عقبة رئيسية أمام هذه العملية، فبعد أكثر من عقد من الصراع الوحشي، تحول النموذج السياسي لسوريا تحت حكم الأسد من نظام استبدادي مستوحى من الاتحاد السوفيتي (السابق) وقائم على الأيديولوجيا والقومية إلى ما أصبح الآن نظاما إقطاعيا، حيث يتم استخلاص القوة من القرابة والعرق وتقسيم السلطة والاقتصاد الرسمي وغير الرسمي بين أنصار الأسد الرئيسيين".

وأوضح أن "سوريا تحولت إلى دولة أمراء حرب: انشق الجنود المحترفون والوحدات العسكرية (معظمهم من السُنة)، وحلت محلهم ميليشيات طائفية تديرها شخصيات قوية، بعضها كانت ترعاها قوى أجنبية مثل إيران وروسيا".

وأضاف بول أن "تلك الميليشيات أثبتت ولاءها لكنها فاسدة أيضا: في مقابل دعمها طالبوا بالسيطرة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، وخاصة السوق السوداء، حيث تحولوا إلى بيع المخدرات مثل الكبتاجون لتجاوز العقوبات الدولية".

ومضى قائلا إنه "تمت إعادة صياغة الولاء للدولة من المصطلحات الأيديولوجية والقومية إلى المصطلحات الطائفية والعرقية: كان يُنظر إلى العلويين، الطائفة الدينية لعائلة الأسد، على أنهم الأكثر ولاءً (وتم منحهم أفضل المناصب الحكومية)، يليهم المسيحيون والشيعة وفي الأسفل بعض العلمانيين السُنة.. السنة المتدينون، وهم الجزء الأكبر من سكان سوريا قبل الحرب، كانوا مستبعدين إلى حد كبير من كل من النظام السياسي والاقتصاد".

مخدرات وعنف ولاجئون

و"بالنسبة لسوريا، تضمنت الآثار الجانبية لهذا التحول ازدهار سوق المخدرات، والعنف السياسي الجماعي، وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، وحكومة تعتمد على دول خارجية مثل إيران تريد استخدام البلاد كحصن لنفوذها بدلا من العودة لسيادة ما قبل الحرب"، بحسب بول.

وتابع: "الآن وبعد أن انتهت الحرب الأهلية إلى حد كبير، يأمل العالم العربي أن يتمكن من جذب سوريا للابتعاد عن نموذج أمراء الحرب، وقد أدى اعتماد سوريا على صادرات الكبتاجون إلى إغراق الدول المجاورة مثل السعودية بهذا المخدر".

ولفت بول إلى أن "تركيا والأردن ولبنان تواصل استضافة ملايين اللاجئين السوريين، وهو عبء لا يمكنهم تحمله إلى أجل غير مسمى (...) واللاجئون قلقون من سجنهم أو إجبارهم على الالتحاق بالجيش السوري (في حال عودتهم)".

واعتبر أن "الدول العربية الرئيسية، ولا سيما السعودية والإمارات، ترى أن لعب دور صنع السلام في أماكن مثل سوريا فرصة لتعزيز سمعتها الدولية الحمائمية".

وأردف أنه "إذا تمكنت جهود التطبيع الأخيرة للدول العربية من إقناع حكومة الأسد بأن هناك طريقا لمساعدة جهود إعادة الإعمار وحتى إنهاء العقوبات (الدولية)، فقد تقوم سوريا بوقف صادرات المخدرات والانخراط بشكل أكثر جدية في اتفاقيات المصالحة لإعادة اللاجئين".

"لكن ذلك يتطلب من الحكومة السورية إعادة تشكيل النموذج السياسي لأمراء الحرب بطرق يمكن أن تفتح الانقسامات الداخلية، وتهدد قبضة عائلة الأسد على السلطة وتعيد إشعال العنف المدني"، وفقا لبول.

المصدر | ريان بول/ وورلد فيو - ترجة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العرب تطبيع سوريا بشار الأسد أمراء الحرب مخدرات إرهاب

انقسام اجتماعي ودمار اقتصادي وارتهان سياسي.. الثمن الباهظ لانتصار الأسد

رغم التطبيع العربي معه.. 5 وسائل متاحة لمحاسبة نظام الأسد