نتنياهو تحت الأقصى.. تمسك بالقدس وإنقاذ للحكومة وتحدٍ للعرب

الأربعاء 24 مايو 2023 11:03 ص

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تحقيق حزمة أهداف عبر اجتماع حكومته الأسبوعي، الأحد الماضي، داخل أحد الأنفاق أسفل المسجد الأقصى وحائط البراق، بمناسبة الذكرى الـ56 لاحتلال مدينة القدس الشرقية.

تلك الأهداف، بحسب معنيين وخبراء، هي مواصلة تهويد الشطر الشرقي من القدس وطمس هويته الإسلامية والعربية، ومحاولة الحفاظ على الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم، وأخيرا رفض تمسك العرب المتجدد بالقدس الشرقية.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمه إليها في 1981 كعاصمة موحدة مزعومة.

وخلال الاجتماع، قال نتنياهو: "قبل 56 عاما وحدنا مدينة القدس في حرب الأيام الستة، لكنني مضطر للقول إن المعركة على توحيدها لم تكتمل؛ لأننا مضطرون لصد الضغوط الدولية من أولائك الذين يريدون إعادة تقسيم القدس وأيضا من رؤساء حكومات في إسرائيل كانوا مستعدين للاستسلام لهذه الضغوط".

مواصلة التهويد

حكومة الاحتلال اتخذت، أثناء الاجتماع، قرارات لصالح استمرار تهويد المدينة وتعزيز البناء الاستيطان فيها، وتشجيع اقتحام المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى.

وقررت الحكومة تخصيص 4 ملايين شيكل (1.07 مالين دولار) إضافية لتشجيع اقتحام حائط البراق والمسجد الأقصى، و30 مليون شيكل (8.03 ملايين دولار) لمواصلة الحفريات في منطقة حي المغاربة وحائط البراق، بزعم البحث عن الآثار، وتشكيل لجنة وزارية باسم "القدس الكبرى" بهدف إحياء "القدس كعاصمة لإسرائيل".

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في تصريح متلفز، أن "إسرائيل تحاول تغيير هوية القدس وستفشل تماما في ذلك".

كما قال نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات لوكالة "صفا"، إن نتنياهو من خلال عقد الاجتماع أسفل الأقصى يؤكد على "شرعنة القدس باعتبارها عاصمة يهودية لدولة الاحتلال، وليس عاصمة للشعب الفلسطيني".

وحذر من أن "مصادقة الحكومة المتطرفة على جملة من القرارات والمشاريع التهويدية والاستيطانية وتخصيص ميزانيات ضخمة لتهويد المدينة، يشكل تصعيدا خطيرا جدا، ومشروع "الحوض المقدس" التهويدي ما هو إلا تدمير للبنية الديموجرافية للمقدسيين، واعتداء على أحياء سلوان ورأس العامود والشيخ جراح".

وأوضح بكيرات أن ذلك المخطط "يعني تنفيذ حملة قريبة لهدم حي البستان وترحيل سكانه، وصولا إلى بلدة الطور، والقيام بعمليات تطهير عرقي لهذه الأحياء المقدسية.. نحن أمام حرب ديموجرافية قادمة لطرد المقدسيين وتهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم وتحويلها لحدائق ورموز توراتية، وكذلك التعدي على مقبرتي باب الرحمة واليوسفية، ومصادرة حوالي 2500 دونم (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع) من محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى".

بدوره، قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير ناصر الهدمي لشبكة "قدس"، إن الاجتماع الإسرائيلي "يعكس أن سلطات الاحتلال ماضية في إظهار سيادتها في المكان، رغبةً منها في إظهار سيادتها على كل شيء في القدس، سواء فوق الأرض أو تحتها، ويعكس دعما حكوميا للحفريات والمشاريع الاستيطانية في المدينة وبالقرب من المسجد المبارك".

الاستمرار في الحكم

منذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي يترأس نتنياهو حكومة ائتلافية من ستة أحزاب توصف بأنها "الأكثر تطرفا" منذ أن أُقيمت دولة إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة.

وقبل أسابيع، كاد عِقد الائتلاف أن ينفرط؛ إثر تجميد نتنياهو مناقشة الكنيست (البرلمان) مؤقتا لمشروع خطة حكومية لـ"إصلاح القضاء" تتشبث بها أحزاب الائتلاف.

ويقول نتنياهو إن التعديلات القانونية المقترحة ستعيد التوازن المفقود بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، بينما ترى المعارضة أنها تمثل "انقلابا قضائيا" وتقود احتجاجات شعبية حاشدة ضد الحكومة.

وقال مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر لوكالة "شهاب": "نتنياهو يستخدم القدس لإخراج الحكومة الحالية من المآزق الكبيرة التي تمر فيها بالآونة الأخيرة.. عدد كبير من السياسيين الإسرائيليين يتخذون القدس والأقصى مكانا للمزايدات السياسية".

وأردف: "كل الخطوات الأخيرة التي قامت بها إسرائيل في القدس، من اقتحام (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير الأقصى واجتماع الحكومة أسفل حائط البراق، كلها خطوات تستهدف ملأ الفراغ بعد أن فشلت الخطوات السابقة التي نفذتها الحكومة المتطرفة، سواء عبر عدوان على غزة لم يحقق قوة الردع المطلوبة أو مسيرة الأعلام (الإسرائيلية بالقدس) التي لم تحقق المرجو منها".

وشدد على أن "حكومة الاحتلال قامت بهذه الخطوات لترميم صورتها أمام المجتمع المتطرف التي تقوده، والحفاظ على بقاءها في سدة الحكم إلى الآن.. الحكومة اليمينية المتطرفة أقامت اجتماعها أسفل المسجد الأقصى للحفاظ على ماء وجهها أمام المتطرفين".

متفقا مع خاطر، قال الخبير بالشأن الإسرائيلي محمد وتد، في تعقيب صحفي، إن "حكومة نتنياهو تهدف إلى إرضاء كافة الأطراف من أحزاب اليمين المتطرف، الذين يضعون القدس وبناء الهيكل في سلم أولوياتهم، وهذه الجلسة للحفاظ على متانة الحكومة التي تواجه كثيرا من التحديات والتصدعات الداخلية".

القمة العربية

الاجتماع أسفل المسجد الأقصى، وهو الأول منذ عام 2017، جاء بعد ثلاثة أيام من قمة القادة العرب بمدينة جدة السعودية في 19 مايو/ أيار الماضي، والتي أعادت التمسك بالقدس عاصمة لفلسطين.

وبحسب بكيرات، فإن "حكومة الاحتلال بحثت قضية الأقصى خلال اجتماعها في أنفاق البراق كي ترسل رسالة واضحة إلى الأمة العربية والإسلامية مفادها أننا سيطرنا على جذر الأقصى، وغدا قد نستولي على ما فوقه، فهم يخططون لتقسيمه، وتفتيت وإنهاء الوجود الإسلامي فيه".

أما "وتد" فاعتبر أن ذلك الاجتماع "رسالة استفزازية بالذات لشركاء إسرائيل في التطبيع أكثر منه للفصائل الفلسطينية، حيث سعى نتنياهو من خلال الاجتماع إلى إظهار نجاح مزعوم للرأي العام الإسرائيلي وكأنه غَّير المعادلة وميزان الردع قبالة الفصائل وحماس".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

واعتبر خاطر أن الاجتماع "أوصل رسالة تحدٍ لكل الدول العربية، مفادها أن الحكومة المتطرفة لا تنظر لقرارات العرب بل يهمها مصلحتها فقط".

وربما يؤثر اجتماع الحكومة الإسرائيلية أسفل الأقصى على احتمالات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، التي تتمسك بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية" المحتلة.

ومنذ أيام، تتواتر تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية عن مفاوضات مكثفة بين الرياض وتل أبيب وواشنطن بشأن ملف التطبيع، مقابل صمت رسمي في العواصم الثلاث، إذ تطمح إسرائيل بشدة إلى التطبيع مع السعودية؛ نظرا لمكانتها الدينية في العالم الإسلامي وقدراتها الاقتصادية الكبيرة.

وبحسب تقديرات في وسائل إعلام ومراكز بحثية إسرائيلية وأمريكية، فإن كلا من نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن بحاجة ملحة لتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، بينما يتمهل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.

ونتنياهو وبايدن، وفقا للتقديرات، يرغبان بالاستفادة من إنجاز التطبيع الضخم المأمول في ظل أزمات داخلية عديدة تعصف بحكومة الأول، ورغبة الأخير في الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2024.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين إسرائيل حكومة أنفاق الأقصى نتنياهو القدس

حماس تحذر من تكرار اقتحامات الأقصى: تمهيد لتقسميه

شرطة الاحتلال تقتحم المسجد الأقصى وتخلي المصلين والحراس بالقوة

العيد في الأقصى.. 100 ألف مصلٍ وإسرائيل تقتحم "باب الرحمة"