هجوم صلاح يعصف بإسرائيل.. انتقادات ومخاوف ودعوات لتعزيز التعاون مع مصر

الاثنين 5 يونيو 2023 10:39 ص

رغم مرور 48 ساعة، لا تزال إسرائيل تعيش على وقع الصدمة منذ تعرضها السبت لهجوم مباغت عبر الحدود مع مصر، حيث تتصاعد انتقادات لفشل الجيش الإسرائيلي ومخاوف من تكرار الهجوم مع احتمال اختطاف جنود، إضافة إلى دعوات إلى تكثيف التعاون الأمني مع الجانب المصري.

وبينما لا تزال القاهرة تتكتم على هوية مجند الشرطة المصري الذي قتل 3 جنود إسرائيليين في عملية قرب معبر العوجة على الحدود بين مصر وإسرائيل،  تداولت وسائل إعلام إسرائيلية معلومات عنه.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية (حكومية) إن "منفذ الهجوم هو محمد صلاح (22 عاما) من القاهرة"، مرفقة بصورة له، ومضيفة أن السلطات الإسرائيلية تستعد لتسليم جثمانه إلى نظيرتها المصرية خلال الأيام المقبلة. كما نشرت مواقع وقنوات إسرائيلية صورة لصلاح.

وعلى نطاق واسع، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر صورا ومنشورات لصلاح كتب في أحدها: "من عُز بقوم ذُل بذلهم، ومن عُز بالرحمن ظل عزيزا".

وحظى صلاح بإشادات عربية واسعة على وسائل التواصل مع مطالبات باستعادة جثمانه، ما يؤكد استمرار الرفض الشعبي العربي للتطبيع بين أنظمة عربية وتل أبيب، حيث ترتبط مصر وإسرائيل بمعاهدة سلام منذ عام 1979.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقات معلنة مع إسرائيل، التي لا تزال تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/حزيران 1967.

فشل إسرائيلي

في إسرائيل، أمر قائد جيش الاحتلال هآرتسي هاليفي بتشكيل فريق للتحقيق في الإخفاقات التي حصلت، ورجح مسؤولون في الجيش أن يتم عزل الضباط في القيادة الجنوبية المسؤولين عن هذا الفشل، بحسب تقرير لأمير بوخيوط المراسل العسكري لموقع "ويلا" الإسرائيلي.

وتضاربت روايات مصر وإسرائيل بشأن ما حدث، إذ قالت القاهرة إن "عنصر أمن" كان يُطارد مهرّبي مخدرات اخترق الحدود ما أدى إلى "تبادل لإطلاق النار"، بينما رجحت تل أبيب أن المجند المصري نفذ "هجومه" عمدا، دون معرفة الدوافع حتى اللحظة.

وأفاد تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي بأن المجند تسلل من "معبر خاص" بالطوارئ على الحدود وكان يحمل بندقية كلاشينكوف قديمة و6 مخازن ذخيرة وسكاكين ومصحفا، وقتل مجندا ومجندة ثم اشتبك بعد ساعات مع قوات إسرائيلية وصلت إلى المكان فقتل مجندا ثالثا قبل مقتله.

وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون لـ"ويلا"، الإثنين، إن "ما نفهمه من التحقيقات الأولية، أن الجنود لاحظوا من بعيد أن المجند المصري يصلي، وكشفت التحقيقات أنه خطط للهجوم بعناية".

وأضافوا أنه "توغل داخل الأراضي الإسرائيلية (الفلسطينية)، وسار عدة كيلومترات، وواضح أنه كان يعرف البقعة الجغرافية جيدا، وعلم في وقت مبكر بالفتحة التي دخل من خلالها، ولذلك تمكن من اختراقها بسهولة".

ووفقا لمراسل الشؤون العسكرية للقناة "ـ12" الإسرائيلية نير دفوري فإن "هذا الحدث غير المعتاد يطرح 3 نقاط رئيسية: الطريقة التي اخترق بها الشرطي السياج، وكيف لم يتم التعرف عليه أو تحديد مكانه لفترة طويلة، وحقيقة أن الجنود الإسرائيليين أصيبوا ولم يصب أحد في الجانب الآخر، والأخطر أن الجيش علم بالعملية بعد ساعات من وقوعها".

وأعرب عن اعتقاده بأن "الحادث والأسئلة التي يطرحها والنقاط التي تكشفت تدل على ضعف القوات البرية الإسرائيلية التي تحرس منطقة الحدود، فالحادث يشير إلى أن الجيش أخفق في حماية الحدود ومنع التسلل وفشل في الرد السريع، خصوصا أن طائرة مسيّرة رصدت عملية التسلل لكن لم تطلق النار صوب المشتبه به".

تحقيق مشترك

والإثنين، قال الوزير الإسرائيلي يسرائيل كاتس، العضو في الطاقم الوزاري الأمني المصغر، إن إسرائيل تجري تحقيقات متعمقة للوقوف على التقصير والفشل من جانب قواتها، ودعا مصر في الوقت نفسه إلى التحقيق وتحمل مسؤولياتها عن الهجوم، بحسب تصريح للإذاعة الإسرائيلية.

وواصفا الحادث بـ"الخطير"، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد إن "إسرائيل بعثت برسالة واضحة إلى الحكومة المصرية بأننا نتوقع أن يكون التحقيق المشترك دقيقا وشاملا، وهذا جزء من التعاون الأمني ​​المهم بيننا والمستمر لمصلحة البلدين منذ سنوات".

وعلى الرغم من الغضب الإسرائيلي، إلا أنه من المستبعد أن تكون للهجوم تداعيات على العلاقات مع مصر، وقد أكد كل من نتنياهو ورئيس أركانه هيرزي هاليفي ووزير دفاعه يوآف جالانت على أهمية التعاون مع القاهرة.

وبحسب الخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، في تقرير بصحيفة "هآرتس"، فإنه "على الرغم من التنسيق الأمني الوثيق بين الجيشين الإسرائيلي والمصري في السنوات الأخيرة، إلا أن العملية تكشف نقطة ضعف مؤلمة، فالقطاع الحدودي طويل جدا والقوات قليلة والاستخبارات محدودة، ولذلك تمكن عنصر يخطط بشكل جيد من التسلل وترك خلفه ضحايا".

هرئيل اعتبر أن "القوة متعددة الجنسيات، بقيادة الجنود الأمريكيين، ليس لها فائدة كبيرة، والجيش الإسرائيلي بحاجة إلى بحث احتمال تخصيص إضافي للموارد والوسائل القتالية، وربما تعزيز القوات".

وتابع: "وعلى المدى البعيد، فربما توجد حاجة لفحص كل نظرية الدفاع، ورؤية ما إذا كان يوجد توازن مناسب بين القوات والمواقع ووسائل المراقبة، مع الأخذ في الحسبان طول الحدود غير العادي، حيث يبلغ طول الجدار (الحدودي) 240 كم".

وشدد هرئيل على "وجود نقاط أخرى (حدودية) بحاجة إلى الفحص، حيث تنجح شبكات التهريب على جانبي الحدود في اجتيازها. ونجاح الحادث (السبت) يمكن أن يولد محاولات أخرى، بما فيها إرسال منفذين عبر المحور بين قطاع غزة وسيناء ومن هناك إلى إسرائيل، أو إمكانية اختطاف جنود على الحدود".

تداعيات محتملة

ورجح مراسل الشؤون العربية والشرق أوسطية شاحر كليمان، في حديث لـ"الجزيرة نت"، أنه "إذا تبين أن الشرطي المصري خطط للهجوم، فستكون هناك تداعيات على العلاقات وقلق كبير من أن وجود محاولة بالمساس وتخريب العلاقة بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن المصرية".

واعتبر أن "الهجوم تذكير بالتحديات الحقيقية التي تواجه إسرائيل في الشرق الأوسط، حيث تأتي عملية التسلل هذه والأحداث على كافة الجبهات والحدود مع دول الجوار لتوضح أن وجود دولة يهودية في أرض إسرائيل (فلسطين التاريخية) لا يزال غير ممكن".

بينما استبعد دفوري أن تتأثر العلاقات بين إسرائيل ومصر بهذا الحادث، قائلا إنه "في السنوات الأخيرة يوجد تحسن كبير في العلاقة، والجيشان يعملان معا ضد التهريب على الحدود، ففي الأشهر الأخيرة أحبطا معا أكثر من 300 عملية تهريب مخدرات على الحدود".

وأردف أن "القوات الإسرائيلية والمصرية تعرضت مرارا لإطلاق نار، وسجلت اشتباكات مع عصابات تهريب المخدرات والأسلحة، وهو ما عكس التعاون بين قوات البلدين التي تعمل في المنطقة الحدودية وتقوم بعمل جيد لمنع التسلل وإحباط التهريب".

تكثيف التعاون

في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية دعت محررة الشؤون العربية سمدار بيري إلى تعزيز التعاون الأمني مع مصر لتجاوز حادث الحدود.

وشددت على أن "العلاقات الإسرائيلية المصرية مهمة للغاية بالنسبة للأنشطة المشتركة مع (حركة) حماس في غزة، والتعاون في القضايا المتعلقة بالعالم العربي بأسره".

كما اعتبر الرئيس السابق للدائرة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد أن "التعاون الاستراتيجي مع مصر بقيادة (الرئيس عبدالقتاح) السيسي ساهم في إضعاف التهديد الأمني في سيناء، لكنه لا يزال موجودا كما اتضح من الهجوم الأخير"، وفقا لمقال بموقع القناة "12".

واستدرك: "لكن هذا الهجوم لا يشكل تهديدا استراتيجيا لمصر وإسرائيل، فاتفاقية السلام وتطبيقها الأمني ساهم في إزالة هذا التهديد، فيما بادر الجيش بإحداث تغييرات ميدانية بالانتشار وإقامة الجدران ونشر الكتائب العسكرية، بجانب إقامة تحالف أمني مهم مع مصر، فلا بديل عن علاقاتهما الاستراتيجية".

وبالنظر إلى التعاون الأمني الوثيق بين الجانبين، فإن المنطقة الحدودية هادئة في العادة، لكن هجوم السبت ليس الأول من نوعه، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1990 تسلل الشرطي في حرس الحدود المصري أيمن محمد حسني عبر الحدود ودخل إسرائيل، وأطلق النار على سيارات إسرائيلية عسكرية ومدنية فقتل 5 إسرائيليين وأصاب 27، ونجح في العودة إلى الأراضي المصرية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1985 نفذ الجندي المصري سليمان خاطر عملية إطلاق نار في جنوب سيناء أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين، وذلك بعد 7 سنوات من توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في 1978. وقضت محكمة مصرية بسجن خاطر، ثم قالت الصحف المصرية إنه انتحر في السجن، ما أثار أحاديث عن احتمال تعرضه للقتل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل الحدود هجوم محمد صلاح فشل الجيش

منفذ عملية الحدود بين مصر وإسرائيل: الله يقف مع فلسطين

إسرائيل تسلم مصر جثمان الجندي منفذ الهجوم على الحدود

محمد صلاح يواصل تصدر المشهد العربي بعد عمليته في إسرائيل.. وتنديد بمنع عزائه