أول رئيس كنيست يزور دولة عربية.. تأكيد على مغربية الصحراء لم يمنع الغضب الشعبي (محصلة)

الأحد 11 يونيو 2023 01:52 م

"هذه هي المرة الأولى التي يُدعى فيها مسؤول في منصبي إلى برلمان بلد مسلم".. هكذا تحدث رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا، عقب وصوله إلى المغرب، في زيارة غلب عليها طابع الحديث حول الصحراء المغربية، ولاقت غضبا واستهجانا من أحزاب سياسية وقوى شعبية.

واحتفى الإعلام العبري بالزيارة التي أجراها أوحانا ذو الأصول المغربية، بالتزامن مع الترحيب الحار الذي وجده في الرباط، باعتباره أول شخصية تتقلد هذا المنصب، يزور دولة عربية.

صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، ذكرت أن أوحانا حظي باستقبال على السجاد الأحمر، وترحيب حار في البرلمان المغربي، مضيفة أن "من استقبل أوحانا في حدث احتفالي هو نظيره المغربي رشيد طالبي العلمي، حيث سارا معا على السجادة الحمراء، متفاخرا له بأن المغرب أول دولة إسلامية تجرأت على دعوة رئيس كنيست إسرائيلي"، ومخاطبا إياه: "وصولك شرف كبير لي".

وكان ضمن الحضور رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الإسرائيلية نورالدين الحروشي.

وقبل لقائه مع رئيس البرلمان المغربي، قال أوحنا إنه سيهدي لنظيره المغربي أصغر نسخة من المصحف في العالم ويبلغ عدد حروفه 320 ألف حرف، تمت طباعتها من خلال تقنية نانو إسرائيلية بحجم 4.7 ملمتر وسمك صغير جدا بلغ 500 ميكرون.

وحسب تغريدة للمسؤول الإسرائيلي، فإن هذه التقنية الخاصة طورتها شركة المجوهرات الإسرائيلية "تاناور"، والتي تستخدم لأول مرة لطباعة نسخة من المصحف خصصت لتقديمها هدية خلال زيارة أوحانا التاريخية إلى المغرب.

وخلال الزيارة، أكد أوحانا على أهمية التعاون السياسي والأمني بين الرباط وتل أبيب في ضوء التهديدات و"التحديات التي تطرحها إيران عليهما، فيما يتعلق بالاعتراف بالصحراء الغربية".

وأبلغ الحاضرين أن القضية في طور النقاشات المتقدمة بين الجانبين.

وأضاف أوحانا: "من موقعي كرئيس للكنيست، أعترف بمغربية الصحراء، وأنا على يقين بسيادة المملكة على صحرائها، وأدعو رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) إلى الاعتراف بسيادة المغرب على أراضيه في الصحراء".

ومنذ عقود يتنازع المغرب وجبهة "البوليساريو" على السيادة على الصحراء، وبينما تقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، تطالب الجبهة بحق تقرير المصير. وفي عام 2020، اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بحكم المغرب للمنطقة، مقابل ترقية جزئية للعلاقات مع إسرائيل.

وفي وقت سابق، نقلت "رويترز" عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن اتخاذ تل أبيب موقفاً فيما يتعلق بالصحراء الغربية قد يؤدي إلى ترقية كاملة لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب لتتحول بعثاتها الدبلوماسية؛ وهي مكاتب اتصال معينة حالياً إلى سفارات، مع احتمال أن يحمل المستقبل إبرام اتفاقية تجارة حرة.

وامتنعت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن التعليق، لكن مصدراً في حكومة نتنياهو قال إن مجلس الأمن القومي يناقش الأمر.

والثلاثاء، أوضح رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في الرباط أن وزارتي الخارجية الإسرائيلية والمغربية تناقشان مسألة الصحراء الغربية وأن "القرار النهائي سيكون قراراً يتخذه كلا الوزيرين".

وتأييد موقفها تجاه الصحراء الغربية هو الهدف النهائي للدبلوماسية المغربية التي اكتسبت جرأة في خطتها للحكم الذاتي بعد اعتراف ترامب وما تلا ذلك من دعم قوى غربية؛ مثل إسبانيا التي كانت تحتل المنطقة سابقاً.

وبالعودة لتصريحات أوحانا، فقد وصف استقباله بـ"اللحظة التاريخية" بالنسبة له، بصفته رئيسا للكنيست و"ابنا لأبوين مغربيين"، مؤكدا أنها حقبة جديدة في العلاقات السياسية والأمنية بين الجانبين، بما في ذلك التعاون المدني والبرلماني، لتمهيد الطريق لتعميق العلاقات، والارتقاء بالبعثات الدبلوماسية لمكانة السفارات.

وفي ختام الاجتماع، وقع رئيسا البرلمانين مذكرة تفاهم رسمية تهدف تطوير العلاقات البرلمانية الثنائية بشكل مستمر، وتحسين التجارب وتبادل الخبرات في مجالات التشريع والعمل البرلماني.

ولاحقا، اجتمع أوحانا بكبار المسؤولين المغاربة، بمن فيهم وزير الخارجية ناصر بوريطة، ووزير العدل عبداللطيف وهبي، ورئيسة مجلس النواب إنعام ميارا وغيرهم.

وعن مباحثاته مع وزير خارجية المغرب، أوضح أوحانا أنها "تمحورت حول عدة قضايا، تمهيدا لتوطيد العلاقات بين المملكة المغربية وإسرائيل"، على حد قوله.

وتزامنت زيارة أوحانا للرباط، مع زيارة مماثلة لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، الذي بحث مع بوريطة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجال الأمني.

كما تأتي الزيارة بعد أخرى قامت بها وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف، إلى المغرب نهاية الشهر الماضي، في أول زيارة من نوعها للرباط.

اجتماع مرتقب

وفي سياق مرتبط، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الأربعاء، أنه سيجتمع مع نظرائه من الدول الموقعة على اتفاقيات "أبراهام" بالمغرب "في غضون أسابيع".

وفيما لم يحدد كوهين، في حديثه لراديو "كان" العبري (رسمي)، موعدا أو مكانا لانعقاد ما يعرف باسم "منتدى النقب" الذي انعقد لأول مرة العام الماضي، قالت وسائل إعلام مغربية إن هناك خطة محتملة لعقد اجتماع في مدينة الداخلة بالصحراء.

ولم تقدم الرباط بعد تفاصيل عن مكان أو توقيت الاجتماع.

يقول الخبير المغربي في العلاقات الدولية حسن بلوان، لموقع "الحرة"، إن زيارة رئيس الكنيست الإسرائيلي للمغرب "تمثل حدثا بارزا في تطور العلاقات بين البلدين".

ويوضح أن تصريحات المسؤول الإسرائيلي "في غاية الأهمية لمستقبل العلاقات بين البلدين، حيث ترتبط بقضية الصحراء التي تشكل أولوية قصوى بالنسبة للدبلوماسية المغربية".

ومنذ استئناف العلاقات، تبادل مسؤولو البلدين زيارات عدة، وأبرمت الحكومتان المغربية والإسرائيلية اتفاقيات تعاون تشمل مجالات الأمن والطاقة والتكنولوجيا والزراعة.

وفي ظل التطورات الأخيرة والدينامية المتسارعة على مستوى العلاقات بين البلدين منذ إعادة العلاقات يشير بلوان إلى أن "كل المؤشرات تدل على قرب إعلان رسمي من الحكومة الاسرائيلية يعترف بمغربية الصحراء ويدعم وحدة الأراضي المغربية".

بالمقابل، يؤكد بلوان على ضرورة التوصل إلى تفاهمات وآليات مناسبة للاعتراف بمغربية الصحراء، وذلك دون الإخلال بـ"الدور المحوري" الذي تلعبه المملكة في القضية الفلسطينية.

وفيما يواصل المغرب التأكيد بشكل منتظم التزامه بالقضية الفلسطينية التي ما زالت تحظى بتأييد شعبي واسع في المملكة، يبرز الخبير المغربي أن "إسرائيل قد تحاول أن تقايض موقفها الجديد بتليين المغرب لمواقفه من مسألة يهودية الدولة أو قضية نقل التمثيلية الدبلوماسية إلى القدس".

ويتابع أن الرباط "لا يمكن أن تقبل بمثل هذه الخطوات، على اعتبار أن المملكة لن تتخلى عن دعم القضية الفلسطينية باعتبارها أولوية أخرى، إلى جانب رغبتها في تطوير العلاقات مع إسرائيل".

ومنذ أبريل/نيسان 2014 توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك إسرائيل باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة، ورفضها إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967.

غضب شعبي

وعلى الرغم من هذا الاحتفاء الرسمي، إلا أن الصعيد الشعبي والحزبي استقبل زيارة أوحانا بغضب وتنديد واسعين، ووقفات احتجاجية منددة بالزيارة.

والأربعاء الماضي، نظم ناشطون مغاربة تظاهرة في الرباط؛ احتجاجاً على وصول أوحانا، ورفعوا شعارات مناهضة لزيارته ولتطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب، وأحرقوا العلم الإسرائيلي.

ورفع المتظاهرون، وهم ناشطون في منظمات المجتمع المدني وحقوقيون، خلال الوقفة أمام مقر البرلمان بالعاصمة المغربية الرباط، شعارات مثل "لا تطبيع مع المحتل"، و"المقاومة هي الحل"، و"من الرباط وفلسطين شعب واحد مش شعبين"، و"المغرب أرض حرة، أوحانا يطلع برا".

وقال عزيز الهناوي عضو المبادرة المغربية للدعم والنصرة التابعة لحركة التوحيد والإصلاح: "نرفض من خلال هذه الوقفة أن يتم تمرير التطبيع من خلال قضية الصحراء المغربية".

وأضاف: "الذي جرى طيلة السنتين ونصف الماضيتين هو تمرير التطبيع من خلال الصحراء المغربية، ومحاولة تبييض التطبيع بقضية الصحراء عبر القفز على القضية الفلسطينية، وتجاوز كل ثوابتها".

كما ندد حزب العدالة والتنمية المغربي المعارض، بزيارة أوحانا إلى الرباط، واستقباله بمقرّ البرلمان، معتبرا إياها "سابقة خطيرة؛ نظراً للقيمة الرمزية للبرلمان، باعتباره يمثل سيادة الأمة ويعبّر عن الإرادة الشعبية".

وقالت الأمانة العامة في البيان، إن زيارة رئيس الكنيست بالكيان "استفزاز لمشاعر الشعب المغربي، وإساءة واضحة لمواقفه الثابتة الرافضة للتطبيع مع هذا الكيان المحتل، ولمختلف جهود المغرب والمغاربة في الدفاع عن فلسطين والقدس والتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق ونصرة مقاومته الوطنية".

فيما عبّر رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عبدالله بووانو، عن رفضهم المطلق للزيارة، ووصفها بأنها "وصمة عار".

وأبدى بووانو أسفه لما وصلت إليه "الهرولة التطبيعية" في المغرب، رغم أن سقف استئناف العلاقات مع إسرائيل، محدد ببلاغ الديوان الملكي الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2020، حسب تعبيره.

واعتبر بووانو أن هذه الزيارة "وصمة عار"، خاصة أنها تأتي في وقت "لا يزال فيه الكيان الصهيوني يمعن في قتل المدنيين الفلسطينيين، ويتحدى وزراؤه مشاعر المسلمين بزيارات مستفزة للمقدسات الإسلامية بالقدس".

والشهر الماضي، تم الإعلان عن تشكيل مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الإسرائيلية، حيث نشر الموقع الرسمي لمجلس النواب المغربي، أسماء أعضاء المجموعة، دون ذكر تاريخ تأسيسها.

وضمت المجموعة في عضويتها ممثلين عن مختلف الكتل النيابية، باستثناء كتلة "التجمع الوطني للأحرار" قائد الائتلاف الحكومي، وكتلة "العدالة والتنمية" المعارضة، وأخيرا انسحب من المجموعة حزب التقدم والاشتراكية.

وكان المغرب قد طبع العلاقات مع إسرائيل في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020 بوساطة أمريكية مقابل الاعتراف بسيادة الرباط على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المملكة وجبهة البوليساريو منذ 1976.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المغرب رئيس الكنيست إسرائيل حزب العدالة والتنمية التطبيع الصحراء الغربية

جبهة مغربية ترفض زيارة رئيس الكنيست الإسرائيلي الـ "مشؤومة"