أزمة حقل الدرة.. حلقة جديدة لمسلسل نزاعات الثروة بالخليج

الخميس 6 يوليو 2023 02:32 م

أعاد النزاع حول ملكية حقل الدرة البحري للغاز والنفط تسليط الضوء على مسلسل سابق من النزاعات بين دول الخليج العربية من جانب وبين تلك الدول وإيران من جانب آخر، في سياق قائم على نزاع بشأن الحدود المائية.

فالقوانين الدولية تحدد مساحة السيادة الوطنية على سواحل الدول بـ 12 ميل بحري، فيما تحدد حقوق الثروة الأحفورية (المياه التجارية) بـ 400 ميل بحري، بينما تقل المسافة بين سواحل أغلب دول الخليج وبين الحقول المتنازع عليها عن هذا الحد، ما نتج عنه نزاع على ثروات تلك الحقول، في سلسلة كان آخرها الدرة، وفق الرواية السعودية – الكويتية، أو أراش وفق الرواية الإيرانية.

خلافات الخليج العربية

وفي هذا الإطار، شهدت منطقة الخليج نزاعا بين قطر والإمارات حول حقل "الشارة" في عام 2017، ونزاعا بين قطر والكويت حول حقلي "الخفجي" والوفرة في عام 2008، فضلا عن خلاف آخر بين السعودية والكويت حول نفط المنطقة المحايدة (المقسومة) عام 2020.

بعض هذه النزاعات تم حلها، كما جرى بين قطر والإمارات بشأن حقل الشارة في عام 2018، حيث قامت الدولتان بالتوصل إلى اتفاق ينص على تقاسم الموارد النفطية في المنطقة، أو كما جرى بين السعودية والكويت بشأن المنطقة المحايدة، حيث وقع البلدان اتفاقا عام 1965، قسم المنطقة إلى قطاعات تابعة لكل منهما.

ورغم ذلك تجدد الخلاف بين السعودية والكويت حول استغلال حقوق المنطقة، ليتوقف الإنتاج فيها 4 سنوات كاملة أوائل عام 2020، ثم يعود بانخفاض كبير عن قدرته البالغة 550 ألف برميل إلى اليوم.

ومن أبرز ملفات النزاع النفطي والغازي في الخليج، حقل الشيبة، الذي يمثل منطقة نزاع نفطي غازي بين السعودية والإمارات، منذ استقلال الأخيرة عام 1971.

ويقع الشيبة قرب الحدود مع الإمارات، في منطقة الربع الخالي، ويبعد 10 كيلومترات على الحدود الجنوبية لأبوظبي، التي تؤكد ملكيتها للحقل بناء على خرائط ومستندات رسمية.

ويقدر احتياطي الشيبة بنحو 13.6 مليارات برميل من النفط الخام العربي الخفيف عالي القيمة، ونحو 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وفي العام 1974 وقع البلدان اتفاقية جدة التي تنص على تخلي الرياض عن مطالبتها بواحة البريمي، مقابل تخلي أبوظبي عن خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كلم تقريباً تفصل بين أراضي أبوظبي وقطر، وقرابة 80% من آبار الشيبة النفطية.

لكن نزاع السعودية والإمارات تفاقم مع منع الأولى للأخيرة من التنقيب عن النفط والمعادن في الجزر المقابلة لحقل الشيبة الواقع في منطقة الربع الخالي.

وتقول أبوظبي إن نسبة 80% من الحقل تقع في منطقة تنازلت عنها مؤقتا للسعودية، أثناء الأيام الأولى لاستقلال الإمارات مقابل حل أزمة واحة البريمي على الحدود السعودية الإماراتية لصالحها.

لكن الخلاف عاد مجددا لدائرة الضوء، حينما زار وزير الداخلية السعودي الأسبق الأمير "نايف بن عبدالعزيز"، أبوظبي في 2005 لإجراء محادثات حول هذه الاتفاقية، نافيا مناقشة طلباً للإمارات باستغلال الجزء الخاص بها في حقل الشيبة النفطي الذي يقع على حدودهما المشتركة.

وواصلت شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" مشروعاتها لتوسعة الحقل، ففي العام 2016، عززت الشركة إنتاجها بـ250 ألف برميل إضافية، لترفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية لحقل نفط الشيبة إلى مليون برميل يوميا، وفقاً للموقع الرسمي للشركة المالكة للحقل.

ويستطيع حقل الشيبة الذي يوصف بأنه منجم ذهب للاقتصاد السعودي، ضخ نحو 1.3 مليون برميل يوميا لمدة 70 عامًا، ويمكن لاحتياطياته وحدها أن توفر احتياجات العالم من النفط لأكثر من 160 يومًا، وأوروبا لأكثر من عامين، وفقا لـ"أرامكو".

نزاعات عربية إيرانية

وبينما دارت نزاعات دول الخليج العربية بين شد وجذب، ظلت نزاعات تلك الدول مع إيران على ملكية الحقول البحرية بلا حل في الغالب، نظرا لتوتر العلاقات الإيرانية العربية على مدى العقود الماضية، ما تسبب في "تجميد" الوضع داخل هذه الحقول، وغياب الاستثمار فيها، وهو ما جرى في "الدرة" وعاد ذكره إلى السطح مجددا بعد اتفاق السعودية والكويت مؤخرا على الاستثمار فيه وتنميته.

ويخفي "الدرة" وراءه عديد النزاعات المشابهة دون حل جذري لها، وإذ يقع في المياه المشتركة بين إيران والسعودية والكويت، لكن أغلب مساحته تقع قريبة من ساحل البلدين العربيين.

واكتشف هذا الحقل في عام 1965، وأبرمت إيران آنذاك اتفاقية مشاركة مع شركة "شل" للاستثمار فيه، لكنها ألغت هذه الاتفاقية في عام 1970، وأعلنت عن سيادتها على كامل الحقل.

وفي عام 1974، أطلقت إيران صواريخ على منصات نفط سعودية قريبة من الحقل، ما أثار التوتر بين البلدين.

وفي عام 1980، قامت إيران بإغلاق خط أنابيب يصل بين الحقل والسعودية، ما أدى إلى خسارة اقتصادية كبيرة للمملكة.

وظل هذا النزاع كفتيل ملتهب دون حسم طوال فترة التوتر بين السعودية وإيران لكن حلحلة هذا التوتر مؤخرا برعاية صينية، والإعلان عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أعاد ملف تلك الحقول إلى الواجهة، خاصة حقل الدرة، الذي يحوي احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي.

كما يشكل هذا الحقل نقطة استراتيجية لضمان تدفق النفط من المنطقة إلى باقي دول العالم، وأي تصعيد للنزاع حوله قد يؤثر بقوة على مسار تحسين العلاقات بين السعودية وإيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج إيران السعودية الإمارات الكويت النزاعات النفطية

حقل الدرة.. أول اختبار حقيقي للعلاقات السعودية الإيرانية بعد التطبيع

الكويت: لا تفاوض مع إيران حول حقل الدرة قبل ترسيم الحدود

وزير النفط الكويتي: سنبدأ التنقيب في حقل الدرة قبل ترسيم الحدود مع إيران

نزاع حقل الدرّة.. 3 دول مرشحة لوساطة بين طهران والكويت والرياض