تذبذب أسواق الأسهم يعكس قصور تأثير البنوك المركزية

الجمعة 5 فبراير 2016 06:02 ص

بلغ التأثير طويل الأجل لهذه الآلية، وفقدان البنوك المركزية بشكل متصاعد قدرتها على التحكم بمصيرها الذاتي وإرثها المتراكم، ولأسباب وجيهة، الأسبوع الماضي، أقصى درجات الوضوح.

وإذا بدأنا بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نلاحظ أن الأسواق مجمعة على أن بيان الأربعاء الماضي كان «حمائمياً».

فالمجلس يدرك الوهن الذي يعتري الاقتصاد العالمي ،لكنه أحجم عن منح أي إشارة إلى عزمه على وقف التشدد في سياسته النقدية، ناهيك عن احتمال إطلاق برنامج تيسير كمي جديد (كما فعل البنك المركزي الأوروبي قبل أسبوع).

لكن المفاجأة كانت في الانطباع الذي تركه البيان حول ضعف ثقة المجلس في أفق انتعاش الاقتصاد الأمريكي خاصة تحاشيه أي إشارة إلى توازن المخاطر التي تواجه الاقتصاد.

وكانت ردة فعل الأسهم الفورية في نفس اليوم تراجعاً في مؤشر داو جونز تجاوز 300 نقطة. وبدت موجة بيع الأسهم خارج السيطرة حتى أنها زادت من الضغوط على الشركات التي تبدي درجة مرونة مالية أكبر وتعرضاً أكثر لعملية إدارة السيولة التي تنفذها البنوك المركزية.

ويوم الجمعة اتخذ البنك المركزي الياباني خطوة في الاتجاه المعاكس وكانت آثارها على الأسواق مختلفة كلياً.

فقد فاجأ البنك الأسواق باتباع مسار التخفيض الذي بدأه البنك المركزي الأوروبي ونقل معدلات أسعار الفائدة إلى النطاق السلبي.والأنكى من ذلك أن هذه الخطوة تزامنت مع ضخ المزيد من السيولة في الأسواق من قبل البنك المركزي الصيني.

وفهمت قوى السوق مما يجري أن البنوك المركزية على استعداد لتكرار تجربة التيسير الكمي ،ولذلك ارتفعت الأسهم وحلق داو جونز في نفس اليوم 397 نقطة.

وكان واضحا أن انتعاش أسواق الأسهم يوم الجمعة لم يترافق مع موجة بيع في السندات الحكومية التي ينظر إليها عادة كملاذ. وعلى العكس من ذلك حققت سندات الخزانة الأمريكية مكاسب خفضت العائد عليها إلى 1.92% في حين تراجع العائد على نظيرتها الألمانية إلى 0.33%.

هذه الأمثلة تزيل كل لبس حول قدرة البنوك المركزية على التأثير في أسواق الأسهم على المدى القريب وتحويل العلاقة بين أصناف الأصول وبالتالي نشر العدوى فيما بينها. ولا تزال هذه المؤسسات العريقة قادرة على اللعب بأعصاب المستثمرين والتأثير على الأسواق وعلى شهية المخاطر وعلى تدفق الاستثمارات لشراء الأصول، عن طريق ضبط حجم السيولة والتحكم بمعدلات العائد على السندات الحكومية.

والسؤال المهم الذي يعتبر محوريا لراحة بال الأجيال الحالية والمستقبلية لا يتعلق فقط بالتبعات المالية المباشرة وإنما بتأثير هذه السياسات على المدى البعيد وخصوصاً عندما تتعلق تلك السياسات بالمزايا الاقتصادية الدائمة وما إذا كانت قادرة على تقليص التأثير التراكمي وغير المقصود للاعتماد الكلي أو الجزئي على سياسات تجريبية في إدارة الاقتصاد. ويكتسب هذا السؤال أهمية خاصة في المرحلة الحالية كونها تشهد تحولاً في نهج البنوك المركزية.

ورغم غياب الدليل القطعي إلا أن المؤشرات ومنها الناتج الإجمالي المحلي الأمريكي للربع الأخير من عام 2015، تقول إن سياسات البنوك المركزية قادرة على الحفاظ على ضبط حركة النمو في الاقتصاد، لكن في حدودها الدنيا المحبطة التي هي أدنى بكثير من طاقات الاقتصاد الفعلية. وفي اعتقادي أن البنوك المركزية على جلالة قدرها وعظم دورها وخبراتها والجهود التي تبذلها مخلصة، لا تملك الأدوات التي تكفل إطلاق نمو الاقتصاد من عقاله عبر معالجة الخلل في توازن الطلب ومعالجة كم الديون المربكة وتطوير التنسيق بين السياسات الاقتصادية العالمية.

وحتى يتحقق ذلك ستبقى قدرة البنوك المركزية على التأثير في الاقتصاد بشكل مؤقت أدنى من قدرتها على التأثير فيه على المدى البعيد. والنتيجة ستكون في الفصل بين أسعار الأصول ومكونات الاقتصاد الأساسية وبشكل فوضوي.

المصدر | د. محمد العريان | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

أسواق الأسهم البنوك المركزية الاقتصاد العالمي البنك المركزي الأوروبي الاقتصاد الأمريكي

أسواق الأسهم الخليجية ترتفع مع تعافي النفط

ارتفاع الأسهم الخليجية وسط نمو للتداولات مع صعود النفط فوق 33 دولارا

النفط والأسواق العالمية يضغطان على بورصات المنطقة

أسواق الأسهم الخليجية تتهاوى مع هبوط أسعار النفط ومصر تتراجع

إجمالي الأصول الاحتياطية للمركزي السعودي ينخفض إلى 654.5 مليار دولار