استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمة الحكم في المغرب

الخميس 20 يوليو 2023 12:07 م

أزمة الحكم في المغرب

تتآكل السردية الرسمية القائلة بأنّ "الملك طيّب، والطبقة السياسية سيّئة" وتفقد فاعليتها في تبييض وجه السلطة.

يتعاظم دور الأجهزة الأمنية المغربية في النسق السياسي الرسمي، وعلى القصر الملكي التدخّل لتجنّب "حدوث أزمة وطنيّة" قبل فوات الأوان!

في غياب الملك المطول عن المجال العام، أصبح زمام السلطة في المغرب بين يدي "التحالف الأمني": وضع مقلق للإصلاحات الديمقراطية وحرية التعبير.

في 2022 أمضى الملك نحو 200 يوم خارج مملكته وقليلًا ما يتحدّث للشعب ونادرًا ما يتفاعل مع الأحداث مباشرة، كما أنّه لا يحبّذ إجراء المقابلات الصحفية.

تتوجّس سلطات المغرب من النقاش الدائر بأوساط سياسية وحقوقية حول أزمة الحكم في المغرب وما يتفرّعُ عنها من أسئلة حول "البِنْيَة السريّة" الظاهر للعلن حديثًا.

مفهوم "البِنْيَة السريّة" يصف "دائرة ضيّقة في أعلى هرم السلطة بالمغرب تدير الشأن السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، في إشارة لما يعادل مفهوم الدولة العميقة".

"البِنْيَة السريّة" تشتغل خارج إطار القانون والدستور، ولا تتمتّع بالمشروعية الشعبية ولها من الوسائل ما يجعلها فعّالة في مواجهة كلّ من يحاول أن يكشف عن أعضائها.

وضع متأزّم قد يؤدّي مستقبلًا لمواجهة مباشرة بين الشعب والملكية التي بدأت تفقد مشروعيتها الراسخة منذ قرون مع تراجع دور الملك، الفعلي والشكلي، بالمجال العام.

غياب الملك أدّى لبروز فاعل جديد/قديم بمربّع الحكم، هو "التحالف الأمني" المكوّن من أجهزة الأمن والمخابرات ورجال الأعمال المنتفعين بالاقتصاد الريعي وأصحاب المصالح من الساسة وكبار موظفي الدولة!

* * *

حذَّر الباحث في جامعة هارفارد هشام العلوي من تعاظم دور الأجهزة الأمنية المغربية في النسق السياسي الرسمي، معتبرًا أنّ على القصر الملكي التدخّل لتجنّب "حدوث أزمة وطنيّة" قبل فوات الأوان.

حديث الأمير هشام العلوي المعروف بتأييده للديمقراطية وثورات الربيع العربي – وهو ابن عم الملك محمّد السادس – يأتي في سياق يطبعه شبه غياب الملك عن المشهد السياسي المغربي لمكوثه الطويل خارج المغرب.

ففي العام الماضي، أمضى محمّد السادس نحو 200 يوم خارج مملكته، وفقًا لتقديرات مجلّة إيكونوميست. قليلًا ما يتحدّث للشعب ونادرًا ما يتفاعل مع الأحداث السياسية والاجتماعية بشكل مباشر، بالإضافة إلى أنّه لا يحبّذ إجراء المقابلات الصحفية.

فمنذ اعتلائه العرش سنة 1999، أدلى بنحو ست مقابلات صحفية، أغلبها لصحف دولية، كان آخرها في عام 2016. يبرّر نقيب الصحفيين المغاربة، المقرّب من النظام، ذلك بكون أنّ "الإعلام الوطني غير مؤهل لمحاورة الملك."

ساهم غياب الملك في تراجع شعبية النظام على المستوى الداخلي. ربما لأوّل مرة في تاريخ المغرب المعاصر صار الناس يجاهرون صراحةً، في الأماكن العامة، بانتقاداتهم للقصر وتحديدًا غياب الملك.

فأغلبهم يشير إلى عدم تدخّل الملك لكبح الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وما ترتّب عليها من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والبترولية.

وهكذا صارت تتآكل السردية الرسمية القائلة بأنّ "الملك طيّب، والطبقة السياسية سيّئة" وتفقد فاعليتها في تبييض وجه السلطة.

وفقًا لأستاذة العلوم السياسية بجامعة لوزان مونية بناني الشريبي، فإنّ المغاربة في السنوات الأخيرة صاروا يؤكّدون وبصوت عالٍ على أنّ "زمام الحكم بين يدي الملك"، وبأنّ الحكومة ما هي سوى أداة تنفيذية – وأحيانًا شكليّة – لقرارات القصر الملكي.

ولطالما أكّد رئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله بنكيران ذلك بقوله: "الذي يحكم المغرب هو جلالة الملك. رئيس الحكومة هو فقط مساعد له".

صمت الملك وغيابه أدّى إلى بروز فاعل جديد/قديم في مربّع الحكم، وهو الذي يُمكن تسميته بـ "التحالف الأمني" المكوّن من أجهزة الأمن والمخابرات ورجال الأعمال المنتفعين من الاقتصاد الريعي وأصحاب المصالح من الساسة وكبار الموظفين في مؤسسات الدولة.

يُدار هذا التحالف من قِبَل مستشار ملكي مقرّب من محمّد السادس، وفقًا لما يقوله نقيب المحامين وزير حقوق الإنسان الأسبق محمّد زيّان (80 سنة)، الذي اعتقل مباشرة بعد حديثه عمَّا أسماه "شبكة الاستحواذ على الدولة."

بعد أشهُر من اعتقال المحامي محمد زيّان بتهم سياسية، نشر الصحفي علي المرابط معلومات تتعلّق بما كان سيفصح عنه زيّان بشأن "شبكة الاستحواذ على الدولة".

استخدم المرابط مفهوم" البِنْيَة السريّة" في وصف هذه "الشبكة". والمصطلح استخدم لأوّل مرّة من لدن المؤرّخ بجامعة محمّد الخامس في الرباط معطي منجب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.

يهدف مفهوم "البِنْيَة السريّة" الذي صاغه منجب إلى توصيف "الدائرة الضيّقة في أعلى هرم السلطة في المغرب التي تدير الشأن السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، في إشارة إلى ما يعادل مفهوم الدولة العميقة"، كما يوضّح الصحفي علي أنوزلا.

فمشكل هذه "البِنْيَة السريّة" يكمن في كونها تشتغل خارج إطار القانون والدستور، ولا تتمتّع بالمشروعية الشعبية ولها من الوسائل ما يجعلها فعّالة في مواجهة كلّ من يحاول أن يكشف عن أعضائها.

لقد تمّ اعتقال معطي منجب في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2020، بعد أسابيع من كتابته مقالًا تحليليًا عن هذا الموضوع.

سبق لوزارة الداخلية المغربية أن أصدرت بلاغًا اعتبرت فيه أنّ الترويج لمفهوم "البِنْيَة السريّة" يهدف إلى "تضليل الرأي العام الوطني والدولي والمس بالصورة الحقوقية للمملكة"، وذلك في ردها على تصريحات أدلى بها منجب بعد خروجه من السجن في آذار/ مارس 2021.

تتوجّس السلطات المغربية من النقاش الدائر حاليًا في بعض الأوساط السياسية والحقوقية حول أزمة الحكم في المغرب وما يتفرّعُ عنها من أسئلة حول مفهوم "البِنْيَة السريّة" الظاهر للعلن حديثًا.

ويظهر ذلك من خلال نفيها المتكرّر لوجود هذه "البِنْيَة"، مع مواصلة هجومها الإعلامي على كل من يحاول دراستها وفهم منهجية عملها، أو على الأقل الإشارة إليها.

قد يؤدّي هذا الوضع المتأزّم والجديد مستقبلًا إلى مواجهة مباشرة بين الشعب والملكية، خصوصًا وأنّ الأخيرة بدأت تفقد مشروعيتها الراسخة منذ قرون مع تراجع دور الملك، الفعلي والشكلي، في المجال العام.

*عبد اللطيف الحماموشي صحفي استقصائي مغربي وباحث في العلوم السياسية.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

  كلمات مفتاحية

المغرب البِنْيَة السريّة غياب الملك المجال العام السلطة في المغرب التحالف الأمني الإصلاحات الديمقراطية حرية التعبير الدولة العميقة شبكة الاستحواذ على الدولة أزمة الحكم في المغرب