استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حملات «المقاطعة» مصلحة عربية

الثلاثاء 2 يناير 2024 02:10 م

حملات «المقاطعة» مصلحة عربية

حملات المقاطعة التي تسببت بها حرب إسرائيل على قطاع غزة، ليست سوى فرصة ذهبية لتحقيق مزيد من استقلال الاقتصادات العربية.

الاقتصادات العربية تستفيد من مقاطعة المنتجات والشركات الداعمة للاحتلال، التي يشهدها العالم العربي ولا يصح ترويج البعض أن المقاطعة تضر بالاقتصادات المحلية.

حملات المقاطعة فرصة تفيد الشركات العربية البديلة، وتصحيح السلوك الاستهلاكي للإنسان العربي، ليستهلك بوعي ويُفكر ويسأل عن المستفيد النهائي من مشترياته.

ولو استمرت المقاطعة على حالها وزخمها، فالنتيجة المنطقية أن تغادر الشركات الأجنبية بلادنا طوعاً واحدة تلو الأخرى لتحل مكانها شركات عربية بالكامل تنتج ما نأكل، وتشغل أبناءنا وتدور أرباحها داخل الاقتصاد الوطني.

* * *

الاقتصادات العربية تستفيد من موجة مقاطعة المنتجات والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، التي يشهدها العالم العربي من محيطه إلى خليجه، وليس صحيحاً ما يحاول البعض ترويجه بأن هذه المقاطعة تضر بالاقتصادات المحلية، كما أن التصريحات التي أدلى بها وزير أردني قبل أيام وزعم فيها أن الاقتصاد يتضرر والوظائف تتضرر بسبب هذه المقاطعة هي مزاعم لا يُمكن أن تكون صحيحة ولا منطقية بالمطلق.

موجة المقاطعة العربية غير المسبوقة للشركات الداعمة للاحتلال ولمنتجات هذه الشركات، إنما هي فرصة ذهبية لاقتصاداتنا العربية، من أجل تعزيز منتجاتنا المحلية وتسويق البدائل التي تصنعها شركاتنا العربية، وهذا لمسناه بالفعل وبشكل سريع خلال الأسابيع الماضية عندما هيمنت المنتجات البديلة بشكل مفاجئ على الأسواق المحلية العربية، ما يعني أن مقاطعة الشركة الأجنبية يؤدي بالضرورة إلى انتعاش شركة عربية مقابلة لها تطرح منتجاً بديلاً.

ما يحدث عند مقاطعة أي منتج هو أن المستهلكين لا يستغنون عنه بشكل نهائي، ولا يتوقفون عن استخدامه واستهلاكه، وإنما يتجهون إلى المنتجات البديلة له، وهو ما يعني، على سبيل المثال، إذا كان الأردنيون يستهلكون مليون عبوة يومياً من مشروب غازي أمريكي، فعندما يقررون مقاطعته فإنهم سيستهلكون الكمية ذاتها من المشروب الغازي، ولكن من إنتاج شركة محلية بدلاً من الشركة التي تحمل العلامة التجارية الأمريكية.

وهذا يعني في نهاية المطاف أن الاقتصاد الكلي لم يتضرر، ولم يتأثر وإنما الشركة الأمريكية ستخرج من السوق الأردني، وتحل مكانها شركة أردنية بعلامة تجارية محلية، وهذه حالة لا يوجد عاقل يشك في أنها مفيدة للاقتصاد الأردني..

وهذا المثال ينسحب طبعأً على المنتجات كافة والاقتصادات العربية كافة. مقاطعة المنتجات الأجنبية عموماً هي فرصة بالغة الأهمية للتحرر من هيمنة الشركات الأجنبية، أو الشركات متعددة الجنسيات، التي أصبحت في العقود الأخيرة أحد أشكال الاستعمار الأجنبي.

فهي شركات عملاقة تدخل إلى أسواق نامية وصغيرة وتُهيمن فوراً على السوق، بل في كثير من الأحيان تتمكن من احتكار الأسواق بشكل مطلق، كما هو الحال بالنسبة للمشروبات الغازية مثلاً، التي هي سوق تُهيمن عليه العلامات التجارية الأمريكية، دون غيرها منذ أكثر من خمسين سنة.

ولا تتيح هذه الشركات الأمريكية لأي منافس محلي أن يوجد في السوق، وذلك على الرغم من أنها صناعة بالغة البساطة، وتستطيع دولنا العربية كافة أن تصنع بدائل بجودة أفضل ونظافة أعلى.

وبالعودة إلى تصريحات الوزير الأردني قبل أيام، فقد زعم أن ما بين 12 ألفا إلى 15 ألف أردني تضرروا بسبب حملات المقاطعة التي تشهدها البلاد، وهذه مزاعم ظاهرها قد يكون صحيحاً، لكنها في حقيقتها من المستحيل أن تكون صحيحة.

فالشركات الأمريكية والأجنبية التي تعمل في الأردن، من المؤكد أنها تُشغل آلاف المواطنين من أبناء البلد، وهذا لا شك فيه، وهذه الشركات من المؤكد أنها قلصت أعمالها بسبب المقاطعة، ولو استمرت المقاطعة فإنها قد تُغلق أبوابها بشكل كامل، وتنسحب من السوق.

لكن المشهد لا يتوقف عند ذلك، وإنما ما يحدث هو أن الشركات المحلية البديلة ستضطر إلى توسيع أعمالها، وهذا يعني أنها ستضطر إلى تشغيل الأردنيين الذين فقدوا وظائفهم من الشركات الأجنبية التي أغلقت أبوابها، خاصة أن هؤلاء الأردنيين هم ذوو الخبرة في المنتج نفسه والمجال نفسه، ما يعني في نهاية المطاف أن الأردنيين لن تتأثر وظائفهم، والسوق المحلي لن يتأثر مطلقاً، وكل ما سيحدث هو خروج الشركة الأجنبية وخسارتها، وهذا مفيد للاقتصاد المحلي وليس مضرا.

الخلاصة هو أن حملات المقاطعة التي تسببت بها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ليست سوى فرصة ذهبية لتحقيق مزيد من الاستقلال لاقتصاداتنا العربية، وفرصة لأن تستفيد الشركات العربية البديلة.

كما أنها فرصة لتصحيح السلوك الاستهلاكي للإنسان العربي، إذ أصبح يستهلك بوعي ويُفكر ويسأل عن المستفيد النهائي من مشترياته، ولو استمرت المقاطعة على حالها وزخمها، فإن النتيجة المنطقية لها هو أن نرى الشركات الأجنبية تغادر بلادنا طوعاً واحدة تلو الأخرى لتحل مكانها شركات عربية بالكامل تقوم بإنتاج ما نأكل، وتقوم بتشغيل أبنائنا ولا تذهب أرباحها إلى الخارج، بل يتم تدويرها داخل الاقتصاد الوطني.

*محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مقاطعة الوزير الأردني الاقتصادات العربية الشركات الداعمة للاحتلال الإنسان العربي السلوك الاستهلاكي الشركات الأجنبية

ماكدونالدز تعترف بتأثير المقاطعة في الشرق الأوسط بعد دعم إسرائيل