استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العالم السنّي يخذل المقاومة؟!

الاثنين 5 فبراير 2024 02:33 ص

العالم السنّي يخذل المقاومة

كان العالم السنّي مطمئنا في السابق عندما كانت السعودية تعلن عداءها الصريح لإسرائيل، وتعتبرها كيانا غاصبا لفلسطين.

أدّى التدخل العسكري المتدرّج لكل من حزب الله والحوثيين في الحرب إلى رفع أسهم إيران لدى الفلسطينيين وشعوب المنطقة.

الجنون الإسرائيلي بلغ مداه، وأن السياسات التي تعتمدها عموما الأنظمة السنّية لا تنسجم مطلقاً مع هذه اللحظات التاريخية بكل معانيها.

تخشى أوساط سياسية رسمية عربية سنّية أن يؤثر دعم إيران وجماعات قريبة منها المقاومة الفلسطينية مستقبلا على التوازنات والولاءات في المنطقة.

إثارة المسألة الطائفية خطر عظيم في هذه المرحلة التي تفرض الآن، وأكثر من أي وقت، تجنّب الخطاب التقسيمي، والتركيز على دعم المقاومة بدون تحفّظ.

التنافس الشيعي السني معلوم تاريخياً، وربما له مبرّراته، لكن من يستهين بمأساة غزّة وأهلها عليه إدراك أن مستقبل المنطقة سيتحدّد بناء على نتائج هذه الحرب.

* * *

تشعر الأوساط السياسية الرسمية العربية، السنّية تحديدا، بقلق بالغ من ازدياد الدعم الذي تتلقاه المقاومة الفلسطينية من إيران والجماعات القريبة منها. وتخشى هذه الأوساط أن يؤثر ذلك في المستقبل على التوازنات والولاءات في المنطقة.

إثارة المسألة الطائفية والمذهبية خطر عظيم في هذه المرحلة بالذات التي تفرض، أكثر من أي وقت مضى، تجنّب الخطاب التقسيمي، والتركيز على دعم المقاومة بدون تحفّظ، وبعيدا عن المناورات السياسوية والأيديولوجية. ومع أهمية الوعي بذلك، لا يجوز غضّ الطرف عن خلفيات ما يجري هنا وهناك لفهم التحوّلات الاستراتيجية التي يمكن أن تحصل في المنطقة بسبب هذه الحسابات الضيقة.

كان العالم السنّي مطمئنا في السابق عندما كانت العربية السعودية تعلن عداءها الصريح لإسرائيل، وتعتبرها كيانا غاصبا لفلسطين. وتدَعّم ذلك عندما جرّت المملكة وراءها العالم السني الى تأييد ما سمّيت "مبادرة السلام العربية"، التي شكّلت مبادرةً متماسكةً دبلوماسياً، تضع الاعتراف بإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية. ورغم أن طهران تمسّكت بشعار تحرير كامل فلسطين إلا أن حزامها لم يتجاوز التنظيمات القريبة منها مذهبياً وسياسياً.

بدأ هذا المشهد يتفكّك مع التحوّل السياسي الكبير الحاصل في موازين القوى داخل المملكة، واحتمال حصول تطبيع مباشر بين إسرائيل والسعودية بوساطة أميركية. ونظراً إلى أهمية هذا المنعطف الاستراتيجي، أخذت معظم الأنظمة العربية وغيرها تعيد حساباتها.

في هذا السياق، حاولت طهران أن تستثمر ما يحدُث وفق مصالحها ورؤيتها الخاصة، بما في ذلك توثيق العلاقات مع الرياض، ففي وقتٍ أعطت فيه أغلب الدول السنّية ظهرها للمقاومة الفلسطينية، حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحديدا، عملت إيران وحلفاؤها على بناء علاقات استراتيجية معها.

ورغم أن القيادة الإيرانية فوجئت بهجوم 7 أكتوبر، حسب تقديرات المخابرات المركزية الأميركية، إلا أنها دفعت حلفاءها إلى التدخّل في الحرب من دون التورّط في مواجهة شاملة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهي الخطّة التي أطلق عليها المرشد علي خامنئي "الصبر الاستراتيجي"، لأن أي تصعيد غير مدروس من شأنه أن يدخل المنطقة في فوضى عارمة لن يقدر الإيرانيون على التحكّم في نتائجها وتداعياتها.

أدّى هذا التدخل العسكري المتدرّج لكل من حزب الله والحوثيين في الحرب إلى رفع أسهم إيران لدى الفلسطينيين أولا، وشعوب المنطقة من جهة أخرى. إذ تذكر صحيفة نيويورك تايمز أن الأطراف الموالية لطهران شنّت ما يزيد على 150 هجوماً على المنشآت العسكرية والدبلوماسية الأميركية في العراق وسورية.

وخاصة أن هذا التصعيد العسكري يحصل في ظرف خطير يتعرّض فيه الفلسطينيون للإبادة من دون أن يجدوا الدعم الفعلي من الجيران ومن الأباعد، فأكثر من 50 دولة إسلامية لم تجرؤ على إيصال المساعدات الغذائية والأدوية إلى شعب يعاني من المجاعة والأوبئة، من دون موافقة إسرائيلية، وهو عجز غير مبرّر أمام دولة مارقة على القانون الدولي والقيم الإنسانية.

لا يمكن منع الشعوب من القيام بمقارنة بين دول لا تزال علاقاتها قوية مع إسرائيل في هذا الظرف الغريب والمأساوي وهؤلاء الحوثيين الذين يعانون من الفقر في بلدٍ يعيش في مهب الريح، لكنهم رغم ذلك قرّروا الرد عسكرياً على تل أبيب وواشنطن، فكسبوا بذلك تأييد الشارعين العربي والإسلامي.

نحن بصدد رصد اتجاهات الرأي في منطقة متفجّرة. وما يمكن تأكيده في هذا السياق أن الجنون الإسرائيلي بلغ مداه، وأن السياسات التي تعتمدها عموما الأنظمة السنّية لا تنسجم مطلقاً مع هذه اللحظات التاريخية بكل معانيها.

ليس الصراع الدائر حالياً بين فصيل فلسطيني ودولة محتلة، ومن يضع المسألة داخل هذا المربع الضيق مخطئ بالتأكيد. المعركة أكبر من ذلك بكثير، ويكفي النظر إلى ما قامت به دولة جنوب أفريقيا لنفهم طبيعة الصراع الدائر ومآلاته المحتملة.

التنافس الشيعي السني معلوم تاريخياً، وقد تكون له مبرّراته، لكن من يستهين بمأساة غزّة وأهلها عليه أن يدرك أن مستقبل المنطقة سيتحدّد بناء على نتائج هذه الحرب.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران المقاومة الطائفية غزة فلسطين الحوثيون العالم السني حزب الله 7 أكتوبر علي خامنئي مبادرة السلام العربية الصبر الاستراتيجي