عالِم يرد على «ترامب»: لماذا لن أعذّب الإرهابيين حتى لو ربطوا طفلي بقنبلة موقوتة!

الأحد 29 يناير 2017 09:01 ص

«طفلك مربوط بقنبلة موقوتة، ولديك إرهابي، يقول لك إنه يمهلك ساعة واحدة، هل تعذبه كي تجد طفلك، أم تدعه يموت؟»، هكذا طرح الممثل الكوميدي البريطاني «لي هارست» السؤال.

الكاتب والباحث العلمي «مارتين روبينز»، والذي يكتب في صحيفة الغارديان، قرر أن يرد على الممثل، وعلى مزاعم «ترامب» بأن التعذيب «ينفع بالتأكيد»، بمقال يحمل عنواناً ساخراً يقول «لهذا لن أعذب الإرهابي لو ربط نجل لي هارست بقنبلة موقوتة».

وهنا ترجمة بتصرف لهذا المقال:

إجابتي، جنباً إلى جنب مع معظم أفراد أجهزة الاستخبارات الأنجلو أمريكية كما أظن، هي «لا». ما يصفه «هارست» هو تأكيد كلاسيكي على سيناريو «القنبلة الموقوتة» الذي عفا عليه الزمن، وهي تبدو جذابة بشكل سطحي، حتى تقرر الحفر في الافتراضات الكامنة وراء ذلك.

دعنا من حقيقة كون هذا المثال غاية في السخافة، لأنه لا يوجد سبب يجعل الإرهابي يعرض هذا التحدي السخيف على عملاء المخابرات، ويعطيهم معرفة مسبقة بعملية الهجوم، هذا موقف يحدث في المسلسلات فقط.

أول شئ يدعيه «هارست» هو المعرفة التامة، ففي عالمه، على عكس العالم الحقيقي، السلطات تعرف المؤامرة بالضبط، كما إنها تعرف أن الطفل موجود في مكان ما، وأنه مربوط بقنبلة موقوتة، بل وأكثر من ذلك، هم يعرفون أن الرجل الذي لديهم رهن الاحتجاز هو إرهابي بالتأكيد ومتورط في المؤامرة.

في العالم الحقيقي بالتأكيد لن نتعامل مع إرهابي، ولكننا نتعامل مع «متهم»، وهذا المتهم ببساطة قد يكون مدنياً عشوائياً، أو شخصا ذو اختلال عقلي قام بالأمر كله تحت تأثير ضلالة ما، لذا فإن تعذيبهم سيكون عملاً غير مبرر لتعذيب جسدي على ضحية قد تكون بريئة.

دعونا نمضي قدماً في اللعبة ونزعم أن هذا هو الرجل المطلوب، وأنه بالتأكيد إرهابي، ومتورط، الافتراض القادم الكبير هو أن لديه بالفعل معلومات هامة لإيجاد ونزع فتيل القنبلة، ولنفترض أنه في الأسر الآن، الحقيقة إن معرفته بالعملية أصبحت غير محدثة، وإذا كان يتعاون مع خاطفي الطفل الحاليين، فمن المحتمل أنهم سيزعموا أن أي معلومة يدلي بها زميلهم، مشكوك بها، وسوف يغيرون خططهم بدقة.

لنفترض أن كل هذه الافتراضات غير الواقعية صحيحة، لدينا الإرهابي، وهو يعلم أين الطفل الآن، إذن، فهل حان الوقت لنفض الغبار عن التعذيب بالماء وشحن الأقطاب الكهربية؟

حسناً الإجابة هي لا، لأنه عندما نصل للمزعم الأكبر على الإطلاق، والذي يتعلق بكون التعذيب طريقة فعالة للحصول على المعلومات من شخص ما. فإن الحقيقة أنها ليست كذلك في الواقع، هناك سبب منطقي في كون أجهزة الاستخبارات في الغرب قد تراجعت عن استخدام التعذيب، بصرف النظر عن أي اعتراضات أخلاقية، السبب هو: إنها لا تعمل !

وقد أظهرت عقود من الخبرة أنه تحت التعذيب، يصبح الناس قابلين لقول أي شئ تريد سماعه، بغض النظر عما إن كان صحيحاً أم لا، قد يكذبون ببساطة، وفي السيناريو الذي طرحه «هارست»، لا يوجد لديك مصدر معلومات بديل لتعضيد القصة التي ستحصل عليها، ولا يوجد لديك وقت لاختبار النظريات.

فعل التعذيب نفسه قد يؤدي لارتباك أو فقدان ذاكرة، ما يعني أنه حتى إذا أرادوا إخبارك الحقيقة، فلن يكونوا قادرين على فعل ذلك بموثوقية.

للعجب، نحن هنا الآن بعدما قتل الأمر بحثاً، ففي 2006 استنتج المجلس العلمي للاستخبارات الأمريكية أن «المجتمع العلمي لم يثبت أبداً أن أساليب الاستجواب القسري هي وسائل فعالة في الحصول على معلومات استخبارية موثوقة»، الجيش الأمريكي توصل منذ فترة طويلة إلى كون نتائج التعذيب غير موثوقة، وأن الحصول على تعاون المصادر يؤدي إلى نتائج أكثر قيمة.

مؤخراً في 2014، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي تقريراً مفصلاً، حول استخدام وكالة الاستخبارات المركزية للتعذيب، ووجدوا أنها أنتجت معلومات استخباراتية ذات أهمية لا تذكر، مشيرين إلى أن تجربة وكالة الاستخبارات قبل الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، التي أظهرت أن الاستجواب القسري قد ثبت تاريخياً أنه غير فعال.

إذا كنا نعيش في عالم يكتبه كتاب التلفزيون، فربما يحمل سيناريو «هارست» معنى، ولكن الحقيقة أننا لا نعيش فيه، النتيجة الأكثر ترجيحاً لسيناريو «هارست» في العالم الحقيقي، هو أنه لا يوجد طفل، الرجل المعتقل والذي يصرخ بوجود قنبلة موقوتة، يتبين أنه مريض باضطرابات عقلية خطيرة، تؤدي لضلالات البارانويا، والسلطات ينتهي بها المطاف وهي تعذب رجلاً مريضاً وهشاً.

حتى لو كان السيناريو حقيقياً، فإن نتيجة تعذيب الرجل، من المرجح أنها ستضيع وقت البحث الثمين لعملاء الاستخبارات، محاولين استخراج معلومات غير موثوق بها من متهم، دون سبيل لتأكيدها، وهو الوقت الذي كان يمكن أن ينفق بشكل أكثر جدوى، لو حاولوا الحصول على تعاون المتهم، أو البحث ببساطة عن الطفل.

في سيناريو «هارست» في العالم الحقيقي، التعذيب من المرجح أن يكون طريق هذا الطفل نحو الموت.

  كلمات مفتاحية

التعذيب ترامب تقنيات الاستجواب المعززة أحداث 11 سبتمبر

«التعذيب» في مصر.. سلاح الدولة الذي ينقلب عليها

«حصانة» وكلاء التعذيب!

134 شركة صينية تنتج وتبيع أدوات تعذيب لقمع ناشطي «الربيع العربي»