اعتقال «الإخواني» الأكثر نفوذًا في الأردن.. رسالة خشنة أم بداية «اللعب على المكشوف»؟

الأحد 23 نوفمبر 2014 05:11 ص

رسالتان يمكن التقاطهما عند وصول السلطات الأردنية لحد المجازفة باعتقال الرجل الأكثر إثارة للجدل في جماعة «الإخوان المسلمين» الشيخ «زكي بني إرشيد» وبصورة توحي ضمنيا بأن إقامته قد تطول.

الأولى: أن لحظة الاشتباك تقررت عمليا في الساحة الأردنية مع التنظيم الأكثر أهمية وحضورا شعبيا وأن البوصلة الأمنية – السياسية توجه رسالتها لجماعة «الإخوان» باعتقال الرأس الأبرز والأكثر نفوذا على الإطلاق في الجماعة. 

تقرر الاشتباك واختارت السلطة الرمز الأكثر تأثيرا في صفوف شباب وكوادر «الإخوان المسلمين» كما اختارت التوقيت لكن ما لا تستطيع اختياره هو بصورة محددة ترسيم ردود الفعل عند الطرف الآخر. 

الثانية: لا علاقة لها بالاستجابة لضغط من دول مثل الإمارات أساء لها الرجل علنا بقدر ما لها علاقة بالإشارة إلى أن سيناريو «إضعاف الإخوان» وإيصالهم في الأردن إلى أقل مستوى تأثير محتمل قد دخل حيز التنفيذ لأن اعتقال «بني إرشيد» تحديدا يعني استفزاز التيار الشاب ومربع القياديين النافذ جدا في دوائر «الإخوان المسلمين».

من حيث التوقيت يمكن ببساطة ملاحظة أن الشيخ «بني إرشيد» أوقفته دورية أمنية في تمام الساعة الحادية عشرة قرب منتصف الليل وطلبت منه المرافقة بعد خروجه مباشرة من اجتماع متأخر لمجلس الشورى الذي كان يناقش وقتها أول بندين ضمن وثيقة المبادرة التي تقدم بها المراقب العام «الشيخ همام» سعيد تحت عنوان «احتواء التجاذب الداخلي».

من حيث الشكل أيضا اعتقال «بني إرشيد المحرك الميداني الأبرز لكل لجان «الإخوان المسلمين» في حراك الشارع منتصف ليلة الخميس يعني التهيؤ فعليا وميدانيا لمشاهدة أنصاره ورفاقه من تيارات «الإخوان المسلمين» في مسيرات واعتصامات «صاخبة قليلا» ظهر الجمعة وعلى أبواب المساجد وفي العديد من المواقع.

لا أحد يمكنه أن يصدق في الأردن بأن مثل هذا الاعتقال لقيادي من حجم «بني إرشيد» لم يكن محسوبا من حيث الشكل والتوقيت على الأقل فالدولة توجه لـ«الإخوان» عمليا وفيما تتسرب تفاصيل وسيناريوهات الانتفاضة الثالثة في فلسطين رسالة فكرتها الصرامة والقوة والحزم والاستعداد للذهاب إلى أقصى مدى في حال التخطيط لمغادرة قواعد اللعبة.

لكن صديق «بني إرشيد» والمسؤول الإعلامي لـ«الإخوان المسلمين» الشيخ «مراد العضايلة» يتفق، وقبل ليلة واحدة من اعتقال الثاني، بأن بعض الجهات الرسمية تستفز «الإخوان» قصدا وهي ترى أنهم هادئون ملمحا لأن السلطة هي التي تجازف بتغيير قواعد اللعبة وليس العكس.

لا يختلف «العضايلة» مع القراءة التي تقول إن في ذهن الحكومة الأردنية مغادرة حالة الصمت الحالية مع «الإخوان المسلمين» مما يتطلب بروز سيناريو داخل أروقة القرار بطالب بإضعافهم وتقليص حجمهم وحصتهم في المجتمع وهي مسألة لا يعرف «العضايلة» مبررا لها بكل الأحوال في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد عموما.

من حيث الشكل والتوقيت أيضا اعتقل «بني إرشيد» بعدما أظهر قدرا من المرونة في مغادرة الحالة المحلية وبعد أيام قليلة من اختياره أمينا عاما لمنتدى كوالالمبور برئاسة «مهاتير محمد» حيث كان «الإخواني العربي» الوحيد الذي جلس في موقع الأمانة العامة بسبب خبرات التجربة الأردنية في «الإخوان» كما يقدر «العضايلة». 

ليس سرا في مواصفات العقل السياسي والأمني الأردني أن الشيخ «بني إرشيد» هو «رجل حركة حماس» في التنظيم الإخواني الأردني وأنه «الهدف الأثمن» لكل الأدبيات الانشقاقية التي تتبناها حركة زمزم ودعوات الإصلاح التي يتبناها المراقب العام الأسبق «عبد المجيد الذنيبات».

عندما يتحدث «الذنيبات» وزمزم عن «المال السياسي» وتأثيره على الانتخابات الداخلية وعن «إختطاف التنظيم» وعن «تنظيم سري داخل الجماعة»، عندما تبرز كل هذه الاتهامات المعلبة ينصرف التهامس إلى الشيخ «بني إرشيد» تحديدا، الأمر الذي يؤدي للاستنتاج بأن اعتقاله ثم محاكمته ينطويان على خدمة كبيرة لتيارين على الأقل في الداخل الإخواني كانا على وشك «تلقي ضربة قاصمة» في الترتيب الداخلي عبر اللافتة التي تحمل اسم مبادرة المراقب العام الشيخ «همام سعيد».

لذلك اعتقل «بني إرشيد» مباشرة بعد انتهاء الاجتماع الأول لمجلس الشورى الذي خصص لمناقشة وثيقة وصفها «العضايلة» بأنها «تاريخية» تقدم بها المراقب العام وتحاول حسم كل القضايا العالقة التي يطرحها الجناحان في زمزم أو في دعوات الإصلاح الداخلي التي تبناها الشيخ «الذنيبات».

الأجواء داخل الشورى كانت تسير لصالح تسويق وثيقة المبادرة ليلة اعتقال «بني إرشيد» والميزان كان يسير باتجاه انتخابات مبكرة قد تقفز بـ«بني إرشيد» نفسه لموقع المراقب العام بدلا من الشيخ «سعيد» بدليل أن بعض الأطراف المعترضة على الثنائي «إرشيد» و«سعيد» فاضلت بين الأولويات وقدرت بأن بقاء «سعيد أقل كلفة من عبور «إرشيد» لكرسي «المراقب العام».

الأهم «جهة ما» في القرار الأردني قدرت وقررت تقديم المساعدة للشيخ «بني إرشيد» في طريقة للسيطرة التامة والمطلقة على موقع المراقب العام، الاحتفاظ بـ«بني إرشيد» مطولا في السجن «غير ممكن» إلا إذا كان هدف الاعتقال إطلاق شرارة الصدام وحسم المواجهة الخفية واللعب علــى المكشــوف وليـس فقط توجــيه رســالة خــشنة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

زكي بني ارشيد مراد العضايلة الحكومة الأردنية الإخوان الأردنيون البوصلة الأمنية - السياسية

«كيري» يعلن توصل الأردن ودولة الاحتلال لإجراءات تعيد «الهدوء» إلى القدس

ملك الأردن يردع منتقديه بالحديث عن «الأقصى»

«محمد بن زايد»: العلاقات بين الإمارات والأردن، تحظى بمتابعة عالية من الشيخ «خليفة»

خوف الحكومة الأردنية "المنتعش" وإعلامها "المرتعش" يساوي "مواطنا" معتقلا بالسعودية

جماعة «الإخوان المسلمين» بالأردن تطالب بالإفراج عن «بني أرشيد»

لماذا تم توقيف «بني أرشيد»!

الأردن: لن نسمح بالإساءة للإمارات لأنها قد تضر بقوت شعبنا

مناورات عسكرية مشتركة للجيشين الأردني والإماراتي

الأردن يواصل التصعيد ويوجه تهم «الإرهاب» لمعتقلين من الإخوان المسلمين

إخوان الأردن يواجهون تحديات جديدة .. وبني ارشيد اختار «السجن» عن «الإعتذار» للإمارات