بلومبرج: الحصار المفروض في غرب العراق يعكس الفشل في وقف انتصارات «الدولة الإسلامية»

الجمعة 5 ديسمبر 2014 08:12 ص

إخراج الجثث من تحت الأنقاض، مقاتلو «أحمد الديلمي» يحصرون خسائر الدفاع عن المدينة الكبيرة الوحيدة في الغرب العراقي التي لم تسقط بعد في يد تنظيم «الدولة الإسلامية».

الأسبوع الماضي، قُتل على الأقل 17 رجلا من رجال «الديلمي» في مواجهات مع تنظيم «الدولة الإسلامية» أثناء محاولة التنظيم الاستيلاء على الرمادي، عاصمة أكبر المحافظات العراقية. في ظل ضعف القوات الحكومية وهروب القادة الحكوميين إلى أماكن آمنة فإن المقاتلين القبليين مثل مجموعة «الديلمي» هم خط الدفاع الأخير.

«علينا أن نقاتل أو سيقوم تنظيم الدولة بقتلنا» هكذا قال «الديلمي» في اتصال هاتفي الأسبوع الماضي، بينما رجاله يزيحون الحطام من خارج مقر الحكومة في وسط المدينة، « لقد تخلي عنا السياسيون في بلادنا».

السيطرة على الرمادي سوف تصبح انتصاراً غالياً لتنظيم الدولة، الأمر الذي يساعد في تشديد قبضته على المناطق السنية في العراق بعد مضي 6 أشهر من استيلائه على الموصل أكبر مدن الشمال العراقي، في حين يزعم المسؤولون الأمريكيون أن ضرباتهم الجوية قد أوقفت تقدم المجموعات المتطرفة، بينما تعاني الحكومة الشيعية في العراق في جهود إعادة بناء الجيش وحشد تحالف مع القبائل السنية من أجل استرجاع الأراضي التي سقطت في يد «الدولة الإسلامية».

قبل حوالي أسبوع من قيام المجموعة المنشقة عن تنظيم «القاعدة» بفرض حصار على مجمع الحكومة في مدينة الرمادي ذات الأغلبية السنية، قال «الديملي» أن عدد قليل فقط من أعضاء مجلس محافظة الأنبار  يلبي دعوات الحضور إلى الاجتماعات، في حين اختار معظمهم أماكن أكثر أماناً كالعاصمة بغداد أو أربيل عاصمة إقليم كردستان أو حتى دبي.

غياب القيادة السياسية يجعل جهود تشكيل جبهة موحدة للوقوف في وجه «الدولة الإسلامية» عملية أكثر صعوبة، مع ميل القبائل السنية للوقوف في المنتصف وفقاً لـ«ريدار فيسر» الباحث المتخصص في شئون العراق.

مخاطر الانتقام

وأياً كان الجانب الذي ستنحاز إليه القبائل السنية فإن مخاطر الانتقام العنيف من الطرف الآخر سوف تكون هائلة وفقاً لـ«فيسر»، فالسنة العراقيين «لديهم شكوك كبيرة حول أجندة تنظيم الدولة، ومع ذلك فهم يتشككون في قدرة الحكومة على حمايتهم».

قام مقاتلو «الدولة الإسلامية» بالفعل بإعدام المئات من رجال القبائل السنية في العراق رداً مقاومتهم إياهم. في أكتوبر/تشرين الأول، تم إعدام أكثر من 300 شخص ينتمون إلى قبيلة «البو نمر»  في واحدة من أسوأ المذابح التي ارتكبها التنظيم في الأنبار.

الإحباط المتزايد من الساسة دفع رجال القبائل خلال الشهر الماضي إلى القيام بقطع المياة والكهرباء عن مجلس المحافظة في الرمادي، كما قاموا باقتحام اجتماع المجلس حيث وجدوا أن ثلاثة فقط من أعضاء المجلس البالغ عددهم 30 فرداً كانوا حاضرين.

«قلنا لهم كما وضعناكم على هذه المقاعد فسوف نزيحكم عنها»، هكذا قال الديلمي، «كيف يمكننا أن نمد أيدينا إلى الحكومة إذا لم تكن موجودة أصلاً؟».

وبينما استعادت القوات الحكومية أحد السدود الكبرى في محافظة الأنبار وأحكمت قبضتها على قاعدة الأسد العسكرية أكبر قواعد المحافظة، فإنها لم تحقق تقدماً يذكر في المدن والقرى الصغيرة. الفلوجة، هذه المدينة التي شن عليها الجيش الأمريكي عمليتين كبيرتين أثناء احتلال العراق تقع الآن تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ يناير/كانون الثاني الماضي.

بعض نواب السنة اتهموا رئيس الوزراء الشيعي «حيدر العبادي» أنه كان بطيئاً في ردود أفعاله، حيث قال «محمد ناصر ديلي» أحد نواب محافظة الأنبار في البرلمان العراقي: « اتصلت برئيس الوزراء وطلبت منه إرسال تعزيزات عسكرية وتكثيف الضربات الجوية ضد مواقع التنظيم في الرمادي، لكن المشكلة أني أعتقد أنه لا يقدر مدى خطورة الوضع هنا».

وجه «العبادي» أوامره إلى الجيش في 22 نوفمبر/تشرين الثاني بتقديم الدعم الجوي والأسلحة إلى المقاتلين في الأنبار، قبلها بأسبوعين فقط رفض «العبادي» طلباً مماثلاً من محافظ الأنبار و35 ضابط آخرين الأمر الذي تسبب في أكبر هزة للقوات المسلحة على العيد الوطني منذ توليه مهام منصبه في سبتمبر/أيلول.

أخطاء الماضي

بدوره وجه «تحسين الخفاجي» المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللوم بشأن الفوضى في المحافظة إلى حكومة رئيس الوزراء الأسبق «نوري المالكي»، وقال خفاجي: «كانت هناك العديد من الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة السابقة»، وأضاف في اتصال هاتفي في 26 نوفمبر/تشرين الثاني: «لقد تغيرت أمور كثيرة منذ ذلك الحين. وهناك نقص هنا وهناك ولكن الوزارة تبذل قصارى جهدها لإرسال الأسلحة والذخائر للجنود والقبائل تقاتل جنبا إلى جنب الدولة »، وتشمل قائمة هذه القبائل قبائل «البو علوان» و«البو فهد» إضافة إلى ضباط الشرطة من هذه القبائل.

ووفقاً للديلمي فإن المحافظة شهدت هدوء نسبيا هذا الأسبوع تخللته اشتباكات متقطعة، واشتكى الشيخ «عارف المهنا» أحد قيادات قبيلة «البو علوان» أن الدعم الحكومي المقدم للمدينة غير كافي.

حملة متطورة

«الأسلحة التي لدينا تنفذ، ونحن نقوم بشراء السلاح بالمال من أمراء الحرب ومن قيادات شرطية في الرمادي»، هكذا أضاف «الديلمي» عبر الهاتف.

وقال مسؤولان أمريكيان اشترطا عدم الكشف عن هويتيهما أن الهجمات الانتقامية ضد القبائل تمثل خروجاً عن تكتيكات تنظيم «الدولة الاسلامية» بالسعي لحشد الدعم كما هو الحال في المناطق الأخرى.

يستغل تنظيم «الدولة الإسلامية» الفوضى من أجل تنفيذ ما وصفه المسؤولان بحملة متطورة نسبياً، حيث يستفيد التنظيم من سوء الأحوال الجوية الذي يعطل ضربات التحالف، ويستخدم المقاتلون القوارب لعبور نهر الفرات تحت غطاء قصف مدفعي عنيف من المدافع التي استولى عليها التنظيم من الجيش العراقي.

ووفقاً للمحلل السياسي العراقي «واثق الهاشمي» فإن الهجمات المتعددة الجبهات قد فاجأت مقاتلي الجيش العراقي في الوقت الذي كانوا يركزون خلاله على أجزاء أخرى من البلاد.

وأضاف «الهاشمي» أن «ضعف التنسيق بين الحكومة العراقية والقابل المقاتلة فى الأنبار هو السبب الرئيسي في الوصول إلى هذه الحالة المتردية» ، وأضاف قائلا أن «الحكومة كانت بطيئة جداً في الاستجابة لنداءات الاستغائة المتكرة من المسئولين في الرمادي لإرسال الأسلحة والتعزيزات».

المصدر | بلومبرج

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية التحالف الدولي الرمادي الأنبار القبائل العشائر

عشائر سنية عراقية تجري مباحثات في واشنطن وتطالب بالتحقيق في انتهاكات «الحشد الشعبي»

الرمادي تحت حصار مقاتلي «الدولة الإسلامية»

العراق.. «حلف الفضول» العشائري يستقطب مزيدًا من المتطوعين لمواجهة «الدولة الإسلامية»

«السيستاني» يطالب الحكومة العراقية بمساعدة العشائر السنية ضد «الدولة الإسلامية»

العشائر العراقية تعلن عن قرب تشكيل «جيش عشائري» لمواجهة «الدولة الإسلامية»

هل يمكن الفصل بين المسلحين السنة و"داعش"؟!

الأردن ليس امبراطورية ليضم غرب العراق وجنوب سوريا ويفتح ممرات آمنة لدروز سوريا

كاتب عراقي: أمريكا وإيران اتفقتا على إقامة الإقليم السني في الغرب