السمنة في السعودية.. ظاهرة لا تفلح معها عمليات التكميم

الثلاثاء 18 أبريل 2017 06:04 ص

قبل أقل من عقد من الزمن، كانت السعودية بالكاد تلامس المرتبة الثلاثين في قائمة الشعوب الأكثر سمنة حول العالم، إلا أنها في العام الماضي 2016، احتلت المرتبة الثانية عالميا، بعد أن كانت الثالثة في 2015.

وعلى الرغم من أن المسح الوطني للمعلومات الصحية الصادر في 2013، قال إن معدل البدانة بالسعودية تخطى 28%، في حين بلغ معدل زيادة الوزن 30% في الفئة العمرية الأكثر من 15 عاماً بين الرجال والنساء، إلا أن دراسات تقول إن النسبة أكبر من ذلك.

صحيفة «الحياة»، قالت في مارس/ آذار 2014، إن دراسة طبية، قدرت عدد الأطفال المصابين بالسمنة في المملكة بنحو 3.5 مليون طفل، مشيرة إلى أن احتمال الإصابة بالسمنة يصل إلى 77%، إذا كان كلا الأبوين مصاباً بالسمنة، وينخفض هذا الاحتمال إلى 41%، إذا كان أحد الأبوين مصاباً بالسمنة. ويصل الاحتمال إلى 9%، إذا كان الأبوان غير مصابين بالسمنة.

وسجل معدل البدانة عند أطفال المدارس 9.3%، بينما بلغ 6% بين الأطفال قبل سن المدرسة.

وبحسب نتائج مسح ميداني تم إجراؤه في عام 2016، في بعض مدارس المرحلة الابتدائية للبنات في منطقة الرياض والتي تراوحت أعمار طالباتهن ما بين 7 إلى 12 سنة، ونشرتها مجلة «هي»، بينت نتائجه أن 80% منهن مصابات بزيادة الوزن وسمنة، و15% كانت أوزانهن في المدى المناسب (المثالي)، و5% منهن يعانين من النحافة.

فيما تقول بعض الدراسات، أن مشكلة السمنة في المملكة العربية السعودية قد تكون أسوأ بكثير من الرقم المذكور، مع أرقام منشورة تبلغ نسبة 70٪، بحسب ما ذكر استشاري جراحة المناظير والسمنة الدكتور «عايض القحطاني» خلال حديث سابق له على فضائية «العربية».

وهي ذات النتيجة التي لخصت إليها دراسة أجراها كرسي أبحاث السمنة بجامعة الملك سعود بالرياض، في عام 2015، وقالت إن 70% من الرجال و75% من النساء في المملكة مصابون بالسمنة.

أسباب

ومن السهولة بمكان تتبعُ أسبابِ زيادةِ السمنة وفهمها، فالسعوديون ينتقلون إلى المدن، وفي المدن هناك سهولةٌ أكبر في الحصول على الأطعمة الرخيصة غير الصحية.

كما أن السعوديين ليسوا بحاجة إلى التحرك كثيراً، وغالباً ما يقضون أياماً كاملة جالسين إلى المكاتب أو وراء أجهزة الكمبيوتر، حيث لا يحرقون ما يكفي من السعرات الحرارية التي يلتهمونها.

كما باتت إمكانيةُ الحصولِ على الوجبات السريعة والمشروبات الغازية أكبر من أي وقتٍ مضى، وغَدَتْ أنماطُ حياتهم مَيَّالَةً أكثر وأكثر للجلوس.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر النظام الغذائي الذي تشتهر به المملكة، غني جدا بالدهون المشبعة والسكريات، فالكبسة والذبائح المختلفة والمشاوي والحلويات هو ما يميز مائدة طعام السعوديين، وهو نظام غذائي غني بالدهون والزيوت والسكريات ويشجع بشكل كبير على زيادة الوزن بمعدلات عالية.

كما أن أسلوب الحياة الذي يفضل التكاسل على الرياضة، هو ديدن السعوديين، الذين جاءوال بالمرتبة الثالثة عالمياً في لائحة الكسل، وفق منظمة الصحة العالمية.

وبحسب إحصائيات منشورة، فإن 22 % فقط من السعوديين هم من يمارسون الرياضة لمدة 30 دقيقة أسبوعيا، و16 % فقط من السعوديات يمارسن الرياضة.

العوامل النفسية، هي الأخرى، مرتبطة رتباطا وثيق بالسمنة، حيث أوضحت الدراسات الحديثة أن بعض الأشخاص يلجأون إلى تناول الطعام عندما تزداد التوترات النفسية، في الوقت الذي تقول دراسات وأطباء نفسيون، إن 20% من السعوديين يعانون من الاكتئاب، فيما يمثل القلق 35%، وإن اضطرابات النوم تشكل 40% في المجتمع السعودي.

مخاطر

وبحسب دراسات طبية، تعتبر السمنة هي ناقوس الخطر الأول الذي يُنذر بأمراض القلب وضغط الدم والأوعية الدموية، حيث يؤدي الوزن الزائد إلى ارتفاع خطر الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية لما يؤثر على سلامة قطر الأوعية الدموية، حيث تتراكم الشحوم والدهون على جدران الأوعية الدموية مسبب نقصان حجم قطرها وارتفاع ضغط الدم فيها مما يؤثر على سلامة القلب الأنشطة الحيوية في الجسم.

وبحسب «هافنغتون بوست»، يُعتقد أن أكثر من ثلث النساء في المملكة العربية السعودية يعانين من مشاكل أو مضاعفات صحية ناجمة مباشرة عن مشاكل زيادة الوزن.

وفي المملكة العربية السعودية، فإن المشاكل المرتبطة بالسمنة ليست مدرجة في خطط التأمين الصحي، وهذا يعني أن الناس في المملكة يدفعون مبالغ كبيرة من المال نتيجة مشاكل وأمراض يعانون منها نتيجة السمنة.

وسجلت السعودية 3.8 مليون حالة إصابة بداء السكري في 2015، فضلا عن ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين والكولسترول وضغط الدم.

وبحسب تصريحات للمشرف المشرف العام على مبادرة مكافحة السمنة «فيصل العزام»، في يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن هناك 20 ألف حالة وفاة جراء السمنة في الملكة سنويا.

حملات توعية

اهتمت المملكة بمشكلة زيادة الوزن، فأطلقت الحملة الوطنية لمكافحة زيادة الوزن والبدانة، لتكون تابعة لوزارة الصحة، تقوم بحملات توعية مستمرة في مناطق المملكة المختلفة.

كما قامت الإدارة العامة لمكافحة الأمراض الوراثية والمزمنة في وزارة الصحة السعودية، بتنظيم عدة فاعليات تحت عنوان «غير نمط حياتك»، لتوعية المواطنين بالمخاطر المصاحبة لعدة أمراض مزمنة مختلفة مثل السمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وأهمية اتباع نمط غذائي صحي وممارسة النشاط الرياضي.

الحملات الشعبية، هي الأخرى، كان لها نصيب توعوي مع المواطنين، فتبنت عدد من الصحف والمجلات حملات إعلامية وميدانية لمحاربة السمنة.

كما تدرس السلطات السعودية، دخول المرأة في عالم الرياضة، عبر طرح برنامج قائم سيقدم كمشروع، لتفعيل وجود التخصصات الخاصة للرياضة في الجامعات السعودية.

والشهر الماضي، قدم 5 أعضاء بمجلس الشورى السعودي، مقترحا لمشروع نظام يكافح السمنة، مؤكدين الحاجة لإيجاد نظام لمكافحة السمنة ليوحد الجهود القائمة وينسق بين الجهات المعنية ويلزم بموجبه اتخاذ إجراءات للحد من ارتفاع السمنة والبدانة، والسعي لتخفيض معدلاتها بين الناشئة على وجه التحديد، وللمجتمع بعمومه، ويفضي إلى خفض الموازنات المخصصة لعلاج البدانة وجراحة السمنة، ويحد من إجراء عمليات الجراحة التي بلغ مستوى الهدر فيها نحو 80% من نسبة العمليات.

الحل في التكميم

ومع الصعوبة التي يواجهها أصحاب الوزن الزائد، لجأ كثيرون إلى عمليات تكميم المعدة، سواء داخل المملكة أو خارجها.

10 عمليات جراحية على الأقل، تُجرى يومياً، لتحويل مسار المعدة، في مستشفى بالرياض، وهو واحد من مستشفيات عديدة تجري عمليات جراحية، كوسيلة للحد من معدلات السُمنة (البدانة) التي تتزايد في المملكة، بحسب «رويترز».

وعلى الرغم من تخفيض المستشفيات أسعارها لإجراء جراحة تحويل مسار المعدة، إلى نحو 5700 ريال سعودي (1500 دولار) بعد أن كانت 11500 ريال (3066 دولار)، يلجأ أعداد من المرضى خاصة القاطنين في المناطق الشمالية، إلى مستشفيات الأردن، رغم ظروف ومتاعب السفر، بسبب طول مواعيد المستشفيات الحكومية.

حتى أن صحيفة «الرياض»، نقلت عن مدير مستشفى خاص بالأردن، قوله إن العام 2016، شهد أكثر من 5000 عملية تكميم معدة لسعوديين، وذلك بعد إجراء الفحوصات الطبية لهم.

وعلى الرغم من صعوبته، يلجأ بعض السعوديين إلى ممارسة التمارين الرياضية عن إجراء عمليات جراحة تحويل مسار أو تكميم المعدة.

إلا أن ارتفاع درجة الحرارة في المملكة، يحد من ممارسة الرياضة بالأماكن المفتوحة، لكن بعض الذين يعانون البدانة يقاومون ويمارسون الرياضة البدنية؛ مثل المشي أو الهرولة بعد العصر باعتبارها بديلاً أرخص من التدخل الجراحي.

في الوقت الذي يلجأ الرجال إلى الأندية الرياضية، التي تتراوح كلفة الشهر الواحد فيها ما بين 70 و300 دولار فقط، بحسب الخدمات التي تقدمها.

بيتما تلجأ السيدات إلى حبوب التنحيف غير الصحية، أكثر مما يتبعن الرجيم أو الحمية أو يمارسن التمارين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السمنة مخاطر امراض تكميم المعدة عمليات

أرقام مفزعة لمعدلات السمنة بين أطفال السعودية (فيديو)