صعـود اليورو.. عـابر أم مسـتدام؟

الاثنين 12 يونيو 2017 01:06 ص

يشكل نهوض اليورو واحدة من المفاجآت الكبرى في أسواق المال لهذا العام. فالمستثمرون الذين استيقظوا من سبات عميق بدأ منذ أول يناير/ كانون الثاني 2017، منشغلون حالياً بتقييم ومتابعة صعود العملة الموحدة. في يناير ركز المحللون على توقعات ترجح المساواة بين اليورو والدولار خلال وقت قريب نظراً للاضطرابات والمخاطر السياسية التي غرقت فيها القارة الأوروبية ولضعف معدلات التضخم وبرنامج التيسير الكمي الذي بدا بلا نهاية مع استمرار ضعف النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.

واليوم يحلق اليورو إلى حدود 1.2 دولار وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بفضل البيانات الاقتصادية القوية وانتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً لفرنسا والتدفق الثابت للاستثمارات على أسواق أسهم منطقة اليورو وأصولها المختلفة.

وقد بلغ اليورو الذي حقق أعلى مستويات الأداء بين العملات العشر الأقوى عالمياً مضيفاً 7% هذا العام إلى قيمته مقابل الدولار، من القوة ما يصعب معه تصور عرقلة هذه الانطلاقة القوية والسريعة.

ولعل أبرز عوامل دفع اليورو فوز ماكرون الذي وضع حداً للمخاوف المتصلة بعدم الاستقرار السياسي في القارة الأوروبية ومخاطر التضخم في منطقة اليورو الذي بلغ قريباً من 2%. كما أن الاقتصاد الأوروبي سجل معدل نمو بنسبة 0.5% في الربع الأول.

وتجاوبا مع وصف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليورو بأنه «ضعيف» سارع المستثمرون لشرائه رهاناً على رغبة ألمانية في تحقيق توازن في النمو الاقتصادي بين دول المحور الأوروبي والدول المحيطية، وهو ما رفع قيمته نصف نقطة مئوية في يوم واحد.

ويراهن المستثمرون على عدد من العوامل البارزة في قياس تقدم اليورو على المدى القريب. أولها وأقربها توصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق حول مشكلة ديون اليونان. وسوف تتلقى الأسواق الشهر المقبل رسالة مهمة نتيجة انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية التي تحدد قدرة ماكرون على تنفيذ برنامجه الإصلاحي.

ومع بداية فصل الخريف الأوروبي تأتي الانتخابات الألمانية التي ربما تفسح المجال أمام برنامج تحفيز مالي في منطقة اليورو في الوقت الذي يجتمع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر ومنه تستبين مؤشرات مهمة حول تمديد برنامج التيسيرالكمي أو تقليصه.

أما على المدى البعيد فسوف تراهن الأسواق على محور ماكرون ميركل في تعزيز دور المؤسسات الأوروبية وتوفير فرص تعاون حقيقي في مجالات منها أسواق المال ووضع حد لتطلعات بعض الدول ومنها إيطاليا، للانفصال عن الاتحاد.

وهذه القضايا مؤجلة، حسب رأي المتداولين في العملات. وحالياً يتبوأ اليورو مركزاً طليعياً في أسواق العملات يرى المتداولون أنه الأول من نوعه منذ سنوات، إلا أن ثلة منهم توقعت هذا التقدم في الوقت المناسب.

ومما لعب دورا كبيرا في تقدم اليورو التدفق غير المسبوق للأموال على صناديق الاستثمار الأوروبي الناشطة في مجال الأسهم والتي بلغت أرقاماً قياسية، إضافة إلى الفائض في ميزان الحسابات الجارية لمنطقة اليورو.ومن المتوقع أن يعلن البنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل عن تغييرات في تقييمه الاسترشادي ما يمنح التوقعات المتزايدة باستمرار شرائه السندات مزيداً من الزخم.

وفي ظل هذه المعطيات لن يكون اليورو بحاجة لدعم الدولار كي يستمر في تسارعه. إلا أن الدولار يتراجع بسبب اضطراب وضع الإدارة الأمريكية وما تتسبب به من شكوك حول تنفيذ وعود ترامب الإصلاحية سواء ما تعلق منها بالإنفاق على مشاريع البنى الأساسية أو الخفض الضريبي.

وربما تتحول قوة اليورو الحالية إلى استفتاء على ثقة المستثمرين فيه لكنه يثير مخاوف ليست الأولى من نوعها حول تضرر المصدرين في منطقة اليورو.

ويركز البنك المركزي الأوروبي على مساعي تنشيط التضخم لكن اليورو القوي ربما يعرقل تلك المساعي. إلا أنه من السابق لأوانه الخوض في هذا الجدل لأن مستويات ارتفاع اليورو وحتى سرعة تحسنه لاتزال في الحدود التي لا تثير القلق.

* روجر بليتز محلل في "فاينانشيال تايمز" اللندنية

  كلمات مفتاحية

صعود اليورو العملة الأوروبية الموحدة منطقة اليورو الصادرات الأوروبية البنك المركزي الأوروبي تنشيط التضخم