تونس: النزال الأخير... على أبواب قرطاج

السبت 20 ديسمبر 2014 05:12 ص

تونس - وضعت حرب الحملة الانتخابية الرئاسية أوزارها بين المرشحين لجولة الإعادة الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي، وانطلق التونسيون المقيمون في الخارج بالتصويت لاختيار أول رئيس منتخب لجمهورية «ما بعد الثورة».

واختتم المتنافسان في سباق الرئاسة التونسية حملتيهما الانتخابية أمس، بعد أسبوعين من التناحر الانتخابي حاميي الوطيس، برغم ارتفاع درجات البرودة.

ورغم أن الملاحظين يعتبرون أن حظوظ السبسي أوفر للفوز في جولة الحسم على منافسه المرزوقي وربما بفارق كبير نظراً إلى المساندة الكبيرة التي عرفها زعيم «نداء تونس» من قبل عدد مهم من الأحزاب والشخصيات. كما يتوقعون عدم دعم الإسلاميين للمرزوقي بالكثافة ذاتها التي عرفتها الجولة الأولى، ضماناً للاستقرار السياسي مع «النداء» في المستقبل.

وتبقى جميع التوقعات ممكنة، والكلمة الفصل لما ستفرزه صناديق الاقتراع ولكن المؤكد أن نتائج الانتخابات ستكون حاسمة في مستقبل العلاقة بين «نداء تونس» و«النهضة» وعليها سيعاد توزيع المشهد السياسي.

رفع المنصف المرزوقي شعار «ننتصر أو ننتصر»، وقدم نفسه خلال الحملة الانتخابية، بأنه الحقوقي الأصيل الذي سيكرس مجهوده لحماية الدستور والحقوق والحريات، كما سيعمل على حماية المكاسب التي جاءت بها «ثورة الحرية والكرامة»، وفي المقابل اتهم خصمه بعدم القدرة الصحية والجسدية للاضطلاع بأعباء الحكم، كما اتهمه برغبة في «التغول» على الحكم بعد فوز حزبه بغالبية برلمانية مكنته من رئاسة البرلمان بالإضافة إلى ما يمنحه له الدستور من حق تشكيل الحكومة.

ودعا المرزوقي منافسه إلى مناظرة تلفزيونية، خلال حملة باستعراض رياضي في ملعب لكرة القدم استفزازاً للسبسي البالغ من العمر 88 عاماً.

السبسي من جهته، رفع شعار «تحيا تونس» خلال حملته الانتخابية، ولم يفوت فرصة ليشكك في قدرة منافسه على إدارة الحكم، مبيناً زلاته خلال الفترة الرئاسية المؤقتة معدداً أخطاءه الديبلوماسية والسياسية والبروتوكولية.

ولم يفلت السبسي مناسبة للرد على استفزاز المرزوقي بإبراز رجاحة عقله وقدرته على إدارة الأزمة زمن توليه رئاسة الحكومة مباشرة بعد «الثورة» والتي أفضت إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.

وشكك السبسي في القدرات الذهنية لمنافسه وفي مؤهلاته العقلية، كما شكك في مناصريه، معتبراً أنه مدعوم من السلفيين ومن «رابطات حماية الثورة»، وهي جمعيات أهلية محظورة النشاط.

ونفى زعيم «نداء تونس» أي نيات للانفراد بالحكم، معتبراً أن نهج الحوار هو من ابتدعه ولم يقاطع الحوار الوطني كما فعل رئيس الجمهورية وحزبه «المؤتمر من أجل الجمهورية». وردد السبسي خلال حملته عبارات رد «الاعتبار وهيبة الدولة»، في إشارة إلى انتهاكها وسوء إدارتها من قبل الترويكا التي كانت تحكم خلال الفترة الانتقالية.

وجاب المرشحان شمال البلاد وجنوبها، وحاول كل منهما مغازلة القاعدة الانتخابية للآخر، في محاولة لكسر الحاجز النفسي مع الناخبين.

أكد عضو «الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات» نبيل بفون في حديث إلى «السفير»، أن عملية الاقتراع للجولة الرئاسية الثانية انطلقت أمس في مكتب كامبيرا في أستراليا، في ما تنتهي عملية التصويت يوم الاثنين في 22 كانون الأول الحالي في مكتب الاقتراع في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية.

وأضاف بفون أن «هناك تخوفاً من عزوف الشباب عن المشاركة في الجولة الثانية»، مشيراً إلى أنه سجل هذا العزوف بوضوح في الانتخابات التشريعية وكذلك في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية. ودعا التونسيين للتوجه إلى مراكز الاقتراع لتقرير مصيرهم وخاصة فئة الشباب التي تمثل ثقلاً انتخابياً لا غنى عنه.

بدوره، أكد رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر في حديث إلى «السفير» أنه بعد النجاح الذي حققته الانتخابات التشريعية التي أفرزت أوّل مؤسّسة دستورية في الجمهورية الثانية، فعلى كل التونسيين في الداخل والخارج الإقبال على صناديق الاقتراع بالحماس ذاته، داعياً «كل مكوّنات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات الوطنية إلى الإسهام في إنجاح الاستحقاق الانتخابي الرئاسي باعتباره محطة جديدة نحو الاستقرار المنشود».

وتوجّه الناصر بنداء خاص إلى شباب تونس «مصدر انطلاقة شرارة الثورة»، إلى «المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية وممارسة حقهم الدستوري بالمساهمة الفاعلة والإيجابية في تقرير مصيره»، مثمناً ما قامت به «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» من مجهود لإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي.

أقرت حكومة مهدي جمعة إغلاق المعابر الحدودية طيلة الفترة الانتخابية مع ليبيا والجزائر على غرار ما حدث في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، كما تحركت المؤسسة الأمنية والعسكرية لتأمين العملية الانتخابية بمختلف مسارها أولاً بنقل المواد الانتخابية إلى مكاتب الاقتراع في جميع الدوائر الانتخابية. كما ستخصص حراسة أمنية مشددة يوم الاقتراع العام غداً الأحد.

من جهة أخرى، عززت القوات العسكرية تمركزها أكثر عند بؤر الإرهاب والمناطق التي عرفت عمليات إرهابية على غرار جبل الشعانبي في محافظة القصرين في الوسط الغربي للبلاد، وجبل الطويرف في محافظة الكاف في الشمال الغربي للبلاد، وفي عدد من المناطق الساخنة.

وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بلحسن الوسلاتي أن الجيش سينشر نحو 36 ألف جندي، لتأمين الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، ليعززوا بذلك صفوف عناصر الأمن الداخلي المقدر عددهم بـ 60 ألف عنصر.
ويذكر أن العدد الإجمالي للناخبين التونسيين المسجلين للمشاركة في الانتخابات هو خمسة ملايين و308 آلاف و354 ناخباً موزعين على 33 دائرة انتخابية في داخل تونس وخارجها. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الخارج 395 ألفاً و530 ناخباً موزعين على ست دوائر انتخابية.

 

المصدر | السفير | حسان الفطحلي

  كلمات مفتاحية

تونس الانتخابات الرئاسية الدستور ليبيا المجتمع المدني التصويت الانتخابات المنصف المرزوقي السبسي