الإسلام لا يجبر المرأة على «علاقة زوجية فاشلة»

الجمعة 4 أغسطس 2017 10:08 ص

كثيرًا ما تعاني المرأة في العالم العربي، من التعسف من قِبَل أزواجهن بدعوى أن الشرع والإسلام يُجيز ذلك بدعوى القوامة والإلتزام. ولكن هل هذا صحيح؟

يقول الدكتور «عبد الرحمن العدوي» أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن «الإسلام لا يقبل أن تظلم المرأة في بيت زوجها وأن تعيش حياة زوجية خالية من المودة والرحمة اللتين أشار إليهما الحق سبحانه بقوله: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، فبيت الزوجية ليس سجنًا للمرأة، والشريعة الإسلامية العادلة لا تعطي الرجل حق الاحتفاظ بزوجته الكارهة له كيفما يشاء، بل هي تمنح كل امرأة متزوجة وصلت علاقتها بزوجها إلى طريق مسدود حق التخلص من حياتها الزوجية البائسة، فالحياة الزوجية في نظر الإسلام تبنى على الحب والتفاهم والتعاون، وعندما تغيب هذه المعاني بين الزوجين تصبح جافة كئيبة لا تثمر إلا العناد والكراهية والجفاء والقسوة، وهنا يكون أبغض الحلال هو الحل ليذهب كل طرف إلى حال سبيله، وما أكثر ما تعرضت له بيوت من عنف وإجرام بسبب إصرار الزوج على عدم تطليق زوجته بقصد الإضرار بها».

 

متى يكون الطلاق حلاً؟

ويؤكد دكتور «العدوي» أن التفكير في الطلاق كحل لا يأتي إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح والتوفيق بين الزوجين، لأن الإسلام يحرص حرصًا شديدًا على استقرار العلاقة الزوجية.

كما طالب الزوجين بالتغلب على خلافاتهما واستمرار حياتهما على نحو يحقق لهما السعادة والرضا والانسجام النفسي والعاطفي، موضحًا: «هذا يفرض عليهما أن يبذلا ما في وسعهما لمواجهة ما يعترض حياتهما من خلافات ومشاجرات حتى يجدا الراحة، وينعما بالهدوء والسكينة، ليتمكنا من تنشئة أولادهما تنشئة صالحة».

وقال «العدوي»: «فإذا بذلا هذه الجهود ولم يتحقق الوفاق كان الفراق هو الحل والله سبحانه وتعالى يقول: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان». كما يقول سبحانه: فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا».. وهذا يعني أن واجب كل رجل حريص على تعاليم وأحكام دينه أن يبادر بتطليق زوجته إذا ما وصلت علاقته بها إلى طريق مسدود وفشلت كل جهود الإصلاح، فكل الرجال العقلاء يفعلون ذلك. لكن إذا ما رفض الزوج التطليق واستمر على عناده والإبقاء على زوجته معلقة.. لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.. فإن شريعة الإسلام ترسم لها طريق الخلاص من ظلم زوجها المسيء بوسائل عدة أبرزها الطلاق للضرر لو كان هناك ضرر مادي تستطيع الزوجة إثباته للقاضي».

وأوضح أن التطليق لمضارة الزوجة يكون إذا أضر الزوج بزوجته وآذاها وضيق عليها ظلمًا، كأن يمتنع عن الإنفاق عليها، موضحًا أن للمرأة في هذه الحالة يمكن أن تطلب من القاضي تطليقها فيطلقها منه جبرًا، ليرفع الضرر والظلم عنها، ومن مضارتها ضربها بغير حق.

واستطرد قائلًا: «لقد ذهب بعض الأئمة إلى جواز التفريق بين المرأة وزوجها المعسر إذا عجز عن النفقة وطلبت هي ذلك، لأن الشرع لم يكلفها بالصبر على الجوع مع زوج فقير، ما لم تقبل هي ذلك من باب الوفاء ومكارم الأخلاق». ويضيف: «بالإضافة إلى ما سبق أعطت الشريعة الإسلامية للمرأة الكارهة زوجها أن تفدي نفسها منه بأن ترد عليه ما أخذت من صداق ونحوه، إذ ليس من العدل أن تكون هي الراغبة في الفراق وهدم عش الزوجية، ويكون الرجل هو الغارم وحده، قال تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به».

كما لفت إلى أن الخلع لا يستهدف أبدًا حض المرأة على التمرد على حياتها الزوجية والانتقام من زوجها بالتخلي عنه والبحث عن غيره، معتبرًا أن «هذه أوهام عالقة بأذهان البعض»، وأوضح إنها وسيلة في يد المرأة المظلومة مهدرة الحقوق للخلاص من استبداد زوجها، والإسلام كان حكيمًا وعادلًا عندما شرع للمرأة الكارهة لزوجها والرافض لتطليقها أن تتخلص منه بهذه الوسيلة، فالحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر ولا يكتب لها النجاح إلا إذا قامت على الحب والاحترام المتبادل والمودة والرحمة بين الزوجين، على حد تعبيره.

كما قال إن هناك وسائل أخرى في يد الزوجة تستطيع من خلالها أن تتخلص من حياتها الزوجية التي تحولت إلى جحيم منها، كما يوضح دكتور «العدوي»، «أن تطلق نفسها لو كانت قد اشترطت في العقد أن يكون الطلاق بيدها، ومنها أن تلجأ إلى حكمين ولو فشلا في الإصلاح حكما بالطلاق الذي تريده الزوجة، وأيضاً قد يفرق القاضي بينها وبين زوجها إذا كان به عيوب تعوقه عن الوفاء بواجباته الزوجية تجاه زوجته». موضحًا أنه بهذه الوسائل فتح الإسلام للمرأة أبوابًا عدة للتحرر من قسوة بعض الأزواج وتسلطهم بغير حق.

 

مظاهر إكراه كثيرة

الخبيرة الاجتماعية والنفسية، دكتورة «سامية خضر»، الأستاذة بجامعة عين شمس ترفع شعار «لا لظلم المرأة وقهرها» في عش الزوجية، وتطالب بتشريعات عادلة ترفع المعاناة عن الزوجات المقهورات على علاقات زوجية بالإكراه، وترحب بتطبيق أحكام الشريعة التي تحمي النساء من حياة الإكراه والعنف والقهر النفسي التي تعانيها كثير من النساء في بلادنا العربية، وفق قولها.

وتوضح دكتورة «خضر» أن مظاهر الإكراه في العلاقات الزوجية في بلادنا العربية كثيرة ومتنوعة ولابد لها من مواجهة تشريعية وتوعوية، ومن هذه المظاهر إجبار المرأة على الزواج من رجل لا تريده، وتتطور إلى إكراه هذه المرأة على معاشرة رجل عاشت معه ولم تعد قادرة على استمرار هذه العلاقة، وذلك نتيجة عدم احترام مشاعر المرأة وعدم تقدير إنسانيتها وضرب عرض الحائط بإرادتها.

وتنصح الخبيرة الاجتماعية كل امرأة تعاني قهر زوجها ولا تعرف كيف تتخلص منه، بالصبر عليه، وعندما تفشل كل محاولات إصلاحه، فعلى المرأة أن تكافح للتخلص منه بالوسيلة الشرعية التي منحتها إياها شريعة الإسلام، والمتمثلة في الخلع، حيث أباحت لها الشريعة الإسلامية وأعطاها القانون في كثير من الدول العربية هذا الحق.

المصدر | الخليج الجديد + الخليج

  كلمات مفتاحية

المرأة الرجل الزواج العلاقة الزوجية الزواج في الإسلام الطلاق الخلع الطلاق في الإسلام