استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

نتنياهو – يعلون.. قويان في التكتيك ضعيفان في الاستراتيجية

السبت 3 يناير 2015 05:01 ص

في سنوات النشوة بين حرب الايام الستة في 1967 وبين حرب يوم الغفران في 1973 درج زعاء اسرائيل، ولا سيما وزير الدفاع موشيه دايان على التبجح بأنه "لم يكن وضعنا افضل مما هو أبدا". وفي غضون وقت قصير نسبيا صفعهم الواقع، وتبدد الوهم بثمن أليم من 2.700 قتيل. ومنذئذ يحاولون الامتناع عن تلك التعابير.

ومع ذلك، عند فحص وضع اسرائيل العسكري في العام 2014، لا يكون هناك تعريف أفضل من تلك الحماسة. فحسب معظم تقويمات الوضع، موازين وتحليلات الخبراء، وفي واقع الامر دل من ينظر الى الواقع على نحو سليم، دون أي تحيز شخصي، سياسي أو ايديولوجي، يجد أن وضع اسرائيل العسكري تحسن في السنة الاخيرة وتفوقها النوعي على أعدائها وخصومها ازداد.

عمليا، اسرائيل هي اليوم القوة العظمى العسكرية الاقوى، ليس فقط في الشرق الاوسط بل وفي كل المجال من المحيط الهندي وحتى البحر المتوسط. لا توجد اليوم دولة واحدة أو تحالف دول لديها قدرة عسكرية لتهديد مجرد وجود اسرائيل والحاق الهزيمة بها في ميدان المعركة.

الجبهة الشرقية، بجيشيها الكبيرين في الماضي، السوري والعراقي، تلك التي ذات مرة اعتبرت في اسرائيل تهديدا حقيقيا – تبددت تماما. فالعراق هو اليوم دولة توجد في سياقات التفكك الى ثلاثة أو أربعة كيانات. ورغم عشرات المليارات التي استثمرتها الولايات المتحدة في جيش بغداد فانه انهار كبرج من الورق في معارك نصف السنة الاخيرة التي قاتل فيها ضد مقاتلي الدولة الاسلامية –داعش.

في سوريا تستمر الحرب الاهلية، وفي اذار 2015 ستنهي أربع سنوات مضرجة بالدماء دون نهاية تلوح في الافق. سوريا هي دولة متفككة بكل معنى الكلمة. نظام بشار الاسد يسيطر على نحو ربع اراضي الدولة، ولا سيما على دمشق وخلفيتها، على قاطع الشاطيء، وعلى بضعة مدن وعلى الطرق التي تربط بينها. لقد تعرض جيش الاسد لخسائر جسيمة في معارك مع منظمات الثوار المختلفة، فقد في ميدان التقتيل وبفرار الجنود عشرات الالاف من جنوده، بمن فيهم ضباط برتب قيادية عليا.

بقيادة الامريكيين جردت الاسرة الدولية جيش النظام من سلاحه الكيميائي، الذي طور وانتج لاعطاء جواب استراتيجي للقدرة النووية التي يعتقد الجميع أنها لدى اسرائيل. وحتى لو بقي في يد النظام السوري قدرة “هامشية” من غاز السارين، كما تقدر أسرة الاستخبارات الاسرائيلية، فليس في هذا تهديدا حقيقيا عليها. وكدليل، فقد أوقف جهاز الامن انتاج كمامات الغاز وتوزيعها على الجمهور.

في الجبهة الشمالية – ضعفت منظمة حزب الله بشكل واضح في السنة الاخيرة. وهي غارقة حتى الرقبة ونازفة في الحرب الاهلية في سوريا، والتي تعمل فيها كذراع عسكري، رأس حربة لايران، في دفاعها عن النظام في دمشق. ولكن الثمن الذي يدفعه حزب الله عل كونه اكثر فأكثر فرعا ايرانيا وأقل فأقل منظمة شيعية لبنانية هو ثمن باهظ بالنسبة له. فقد فقدَ حزب الله في المعركة في سوريا مئات عديدة، وعلى ما يبدو اكثر من الف من مقاتليه، بينهم ايضا قادة كبار وقدامى لديهم تجربة كبرى.

وهم يدفنون في ظلمة الليل كي يخفى عن جمهور مؤيدي المنظمة الواقع البشرية. ومعنويات رجال المنظمة متردية. الكثيرين في لبنان، ولا سيما في الطائفة الشيعية، التي هي سند المنظمة يتساءلون لماذا يتعين على الشباب اللبناني ان يضحوا بحياتهم من اجل نظام أجنبي؟ من ناحية معينة سوريا هي فيتنام حزب الله.

بالتوازي، فان الحرب في سوريا تنتقل بالتدريج الى لبنان نفسه. فداعش والمنظمات السنية المتطرفة كجبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة تنقل الحرب الى الاراضي اللبنانية – تفجر سيارات مفخخة في قلب التجمعات الشيعية، بما في ذلك في الضاحية، مركز قيادة حزب الله في بيروت، تعد كمائن لمقاتلي المنظمة الشيعية وتجبر حزب الله على الدفاع عن نفسه وعن بيته.

في الجبهة الجنوبية، ولعل هذا هو التطور الاهم والاكثر اثارة للاهتمام في العام 2014، قام تعاون عسكري، استخباري، امني وتنفيذي لم يشهد له مثيل، حتى ولا في فترة الذروة في العلاقات السرية بين اسرائيل ومصر، حين كان الرئيس حسني مبارك في الحكم ووزير مخابراته الجنرال عمر سليمان ابن بيت في مقر الموساد في غليلوت. اسرائيل ومصر قيادة الجنرال الرئيس عبدالفتاح السيسي، تريان بانسجام كل ما يتعلق بغزة، حماس والارهاب في سيناء.

يرى النظام في القاهرة في حماس فرعا للاخوان المسلمين كريهي نفسه ويتعاطى مع المنظمة كعدو ينبغي اذلاله، قمعه وعزله. وتتهم مصر حماس بمساعدة الارهاب المتعاظم في سيناء والذي يقوم به انصار بيت المقدس، الفرع المحلي للقاعدة، والذي اعطى ولاءه مؤخرا لداعش. ويدير الجيش المصري وقوات الامن في مصر، باسناد قوي من اسرائيل، والذي قليل منه فقط ينشر، حرب ابادة لا هوادة فيها ضد منظمة الارهاب في سيناء. وفي السنة الاخيرة كانت لهم انجازات هامة، ولكنهم عانوا ايضا من خسائر فادحة. المعركة ضد الارهاب في سيناء ستستمر في 2015 ايضا.

لقد وجد التعاون والتفاهم بين اسرائيل ومصر تعبيره في الصيف الاخير في الحرب ضد حماس في غزة. فقد اوقع الجيش الاسرائيلي ضربة اليمة بحماس، الامر الذي ساهم ايضا في تحسين حصانة اسرائيل العسكرية. وحماس بداية 2015 ليست منظمة ارهابية اخرى، مثلما تسميها حكومة اسرائيل والجيش الاسرائيلي، بل نظام يسيطر على ارض اقليمية وينظم قوته في شكل جيش شبه نظامي. شيء ما بين منظمة العصابات والجيش الحقيقي. ولكن هذا جيش ضعيف، فقد ثلثي قدرته الصاروخية (نحو 6 الاف صاروخ دمر أو اطلق) وتكاد كل أنفاقه الهجومية التي حفرت نحو الاراضي الاسرائيلية وكان يفترض أن يستخدمها كأداة استراتيجية في المعركة، انكشفت ودمرت من الجو، بالقصف او بالاغراق بالمجاري.

تحاول حماس اعادة بناء قوتها العسكرية والخلاص من الحصار المفروض عليها انطلاقا من الاستعداد لبلع كرامتها والزحف مرة اخرى نحو أذرع ايران التي لا تسارع الى تبنيها في حضنها. وتعيش حماس في عزلة دولية، في حصار بري وبحري من اسرائيل ومصر، اللتين تخنقانها بعناق شديد، وهي تفقد أيضا بالتدريج سندها الاساس – قطر التي تحاول مؤخرا المصالحة مع الحكم في مصر.

من ناحية عسكرية، تتعرض اسرائيل للتحدي، على الاقل من ناحية القدرة الكامنة، من خلال ثلاث جهات: الاسلام الراديكالي، حزب الله وايران.

وتوجد مجموعات الارهاب للاسلام المتطرف على مقربة من حدود اسرائيل. جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، تسيطر منذ الان تقريبا على كل قاطع الحدود من نهر الاردن وحتى جبل الشيخ في هضبة الجولان. ويعمل تنظيم انصار بيت المقدس في سيناء على مسافة غير بعيدة من الحدود مع اسرائيل. ويحاول داعش حاليا بلا نجاح التسلل الى الاردن. كل هذه هي تهديدات كامنة، ولكن حاليا لا توجد مؤشرات على أن منظمات الارهاب هذه تبدي اهتماما باسرائيل، واهتمامها مركز على العمل ضد أنظمة الدول التي تعمل فيها: سوريا ومصر.

رغم ضعف حزب الله بسبب تدخله في سوريا، لا يزال حزب الله يعتبر قوة عسكرية جدية. لديه عشرات الاف الصواريخ التي تغطي تقريبا كل نقطة في اسرائيل، بما في ذلك المطارات، المفاعل النووي في ديمونا ومحطات توليد الطاقة. ويكتسب مقاتلو حزب الله خبرة عسكرية في ميادين القتال في سوريا، مما سيمنحهم قدرة عسكرية محسنة في حالة المواجهة مع اسرائيل. ولكن رغم ذلك فان الردع الاسرائيلي القائم منذ حرب لبنان الثانية لا يزال ساري المفعول. فحزب الله لا يسارع الى الحرب مع اسرائيل.

العنصر الثاني الذي يهدد اسرائيل هو ايران. لديها مئات صواريخ شهاب 3، التي يمكنها أن تصيب كل هدف في اسرائيل. وايران هي سيدة حزب الله. في الاشهر الاخيرة يقوم زعماء حماس بقيادة خالد مشعل ببذل الجهود للمصالحة مع طهران واعادة تلقي المساعدات المالية والسلاح، حتى لو كان الامر ينطوي على اذلالهم والمس بمكانتهم. ولكن ليس لديهم بديل. ومع ذلك، فان ايران التي تجد صعوبة في مغفرة حماس على خيانتها مع اندلاع الحرب الاهلية في سوريا، لم تستجب للطلب بعد.

في نظر حكومة نتنياهو، فان ايران، التي تسعى الى الحصول على سلاح نووي، او سعت على الاقل حتى وقت أخير مضى، هي تهديد وجودي على اسرائيل. ولكن هناك خبراء ومسؤولين كبار في جهاز الامن يعتقدون بان ليس كالصرخة وان ايران اكثر مما هي حقا تهديد وجودي على اسرائيل، يجعلها زعماء اسرائيل، وعلى رأسهم نتنياهو تهديدا كهذا لاعتبارات سياسية داخلية. ايران هي منذ الان دولة حافة نووية، على مسافة اشهر حتى سنة عن القدرة لتركيب قنبلتها الاولى. ولو كانت ترغب في ذلك لكان بوسعها أن تفعل ذلك منذ زمن بعيد. ولكن حاليا، ايران غير معنية بتركيب سلاح نووي، وذلك لاسباب عديدة. الاساسي بينها هو على ما يبدو الضائقة الاقتصادية التي علقت فيها في اعقاب العقوبات التي تفرضها عليها الامم المتحدة والدول الغربية، وكذلك كنتيجة لانهيار اسعار النفط، الذي هو المصدر المركزي لمداخيلها.

الاشهر الاولى من العام 2015 ستكون بمؤشر محادثات النووي بين مجموعة القوى العظمى (5 + 1) وايران في محاولة لتحقيق تسوي شاملة، تنهي الازمة المستمرة منذ تسع سنوات. واذا ما تحقق اتفاق ووافقت ايران على رقابة وثيقة وتقييد لعدة سنوات لقدرتها على تخصيب اليورانيوم، فقد يكون هذا هو التطور الاكثر تشويقا في الساحة الدولية في السنة القريبة القادمة. وعندها ستستأنف واشنطن علاقاتها مع طهران، وسياسة الخارجية والامن لنتنياهو، التي بنيت على تعظيم التهديد الايراني، على تخويف الجمهور في اسرائيل وعلى الاستخدام الساخر لذكرى الكارثة ستتبدد تماما.

ولكن لا يزال لا يوجد يقين بان مثل هذا الاتفاق سيتحقق. والمفتاح هو بيد الزعيم الاعلى علي خامينئي، الذي بوسعه أن يحسم اذا كان سيوافق على الحل الوسط حتى بثمن المس بـ “الكرامة الوطنية” وهكذا ينقذ بلاده من أزمة اقتصادية ومن عزلة دولية.

وينبع التفوق العسكري الذي لا جدال فيه لاسرائيل من تفكك الدول في العالم العربي (ليبيا، اليمن، سوريا، العراق)، من تهديد الاسلام المتطرف على الانظمة العربية وبالاساس من السعي الدائم للحفاظ على تفوقها التكنولوجي والعلمي على خصومها في المنطقة.

لقد نشأ هذا التفوق النوعي بفضل الحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. ولكن في السنة الاخيرة ظهرت فيه شقوق. صحيح، العلاقات والتعاون الاستخباري والامني على مستويات العمل بين الدولتين باقية بل ومتحسنة. ولكن نهج نتنياهو الاستفزازي للرئيس براك اوباما وادارته، وزلات اللسان والاهانات التي يوجهها من حين الى آخر وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون تمس بالذخر الاهم الذي لإسرائيل- ألا وهي العلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة.

وكنتيجة لسياسة نتنياهو – يعلون تجد اسرائيل صعوبة في استخدام مزاياها وتفوقها العسكري لتحقيق انجازات على المستوى الاستراتيجي، والتي تندمج فيها القدرة العسكرية مع السياسة الخارجية ومع المكانة الدولية.

وبالذات من ناحية استراتيجية ضعفت اسرائيل في 2014 بسبب التدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة، وكنتيجة لذلك، وربما بقوة أكبر، مع الدول الاوروبية. وينبع هذا التدهور أولا وقبل كل شيء من عدم استعداد الحكومة للتقدم في المسيرة السلمية مع السلطة الفلسطينية، ومن توسيع مشروع الاستيطان في الضفة الغربية.

وهذا بحيث أن قريبا سيقضى ايضا على الاحتمال حتى وان كان نظريا للوصول الى تسوية تتشكل في جوهرها من اخلاء المستوطنات والانسحاب من الاراضي مقابل ترتيبات امنية وضمان انهاء النزاع. في هذا الشأن، في نهاية العام 2014، شقت السدود وحواجز الخجل. فالدول الاوروبية، بما فيها الاصدقاء التقليديون لاسرائيل مثل فرنسا، مستعدة لان تعترف بدولة فلسطينية ولا تخشى من أن تتهم بمواقف لااسرائيلية أو لاسامية.

لقد كان الرئيس الفلسطيني ولا يزال المشكلة رقم واحد لاسرائيل، وهو ايضا سيكون التحدي الهام، ربما الوجودي لاسرائيل في العام 2015.

دون اختراق لتسوية سياسية، قد ينشأ واحد من سيناريوهين وربما كلاهما معا: انتفاضة فلسطينية شعبية في الضفة، بوادرها رأيناها من الان في السنة الماضية، او استمرار تدهور اسرائيل نحو وضع يذكر بنظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. ومعنى الامر تعميق العزلة الدولية لاسرائيل، ربما لدرجة فرض العقوبات عليها، دون أن تهرع الولايات المتحدة لنجدتها واستخدام الفيتو.

 

المصدر | معاريف الأسبوع العبرية | ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

نتنياهو يعلون الاحتلال اسرائيل فلسطين

ليبرمان في ندوة مغلقة: نهج الوضع الراهن لنتنياهو فشل

ضربة جديدة لسياسات نتنياهو: ثلث الإسرائيليين فقراء!

نتنياهو يهاجم أوروبا: لم تتعلّم من المحرقة!

نتنياهو يطالب كيري بـ«فيتو» ضد إنهاء الاحتلال

موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي: تحالف مصري سعودي إماراتي لدعم انتخاب «نتنياهو»

«يعلون»: سيتم توجيه الاتهام لـ«نتنياهو» في قضية حظر الغواصات