محللون: «بن سلمان» يعزز سلطته بقمع المعارضة واستقطاب الشباب

الاثنين 18 سبتمبر 2017 06:09 ص

رأى محللون أن ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» يعمل على تعزيز سلطته في السياسة والاقتصاد، عبر استراتيجية مزدوجة تقوم على التصدي لأي معارضة، واستقطاب الجيل الشاب إلى حلقة طموحاته.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، «اتخذ الأمير الثلاثيني منذ تعيينه في منصبه في يونيو/حزيران الماضي، إجراءات سياسية وأمنية عديدة بهدف توسيع نفوذه في المملكة قبل أن يتوج في المستقبل ملكا خلفا لوالده الملك سلمان بن عبد العزيز (81 عاما)».

وفي مملكة نصف سكانها دون سن الخامسة والعشرين، وفق الوكالة، بات ينظر إلى «بن سلمان» (32 عاما) على أنه الحاكم الفعلي، ولو من خلف الستار، للدولة الغنية التي تحتفل هذا الأسبوع بعيد تأسيسها الخامس والثمانين على يد جد ولي العهد الملك الراحل «عبد العزيز آل سعود».

وشهدت السعودية في الأسبوعين الأخيرين حملة اعتقالات شملت أكثر من 20 شخصا بينهم رجال دين بارزون وشخصيات معروفة، في إطار ما اعتبرته منظمات حقوقية حملة منسقة «ضد حرية التعبير».

وأشار محللون إلى أن بعض الموقوفين معارضون للسياسة الخارجية المتشددة التي تتبعها السعودية حاليا، خصوصا في ما يتعلق بالأزمة مع الجارة قطر.

وتضع السلطات من جهتها التوقيفات في خانة التصدي لأنشطة استخباراتية قام بها هؤلاء «لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة».

وقالت «منظمة العفو الدولية»، إن حملة الاعتقالات هذه هي الأكبر خلال أسبوع واحد منذ سنوات.

وأوضحت: «على مر السنوات الماضية، لم نشهد أسبوعا جرى خلاله اعتقال هذا العدد الكبير من الشخصيات المعروفة في وقت قصير».

صعود سريع

ووفق المحللين، فإن الصعود السريع لسلم السلطة،  بحساباته وتعقيداته وحتى بجرأته، يحمل في طياته أبعادا مثيرة، مثل لحظة تعيينه في منصبه خلفا لابن عمه الأمير «محمد بن نايف» (58 عاما) الذي خرج بشكل مفاجئ من الحكم.

ورأى دبلوماسيون غربيون أن «بن سلمان» يحاول أن يبرهن أنه قادر على حكم السعودية لنحو نصف قرن على الأقل.

وقال الباحث في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، «بيري كاماك»: «لا استطيع أن أحدد متى سيعين محمد بن سلمان رسميا (في منصب الملك)، لكن انتقال السلطة الفعلي يبدو أنه يتم».

وأضاف أنه مع «خروج الجيل الأكبر سنا من الصورة (...) يستعد الأمير محمد لأن ينعم بحكم لم تشهده المملكة السعودية منذ حكم الملك عبد العزيز مؤسس المملكة في الثلاثينات».

وبهدف استقطاب الشريحة الأكبر من المجتمع الشاب الذي تعود على سلطة حكام أكبر سنا، وضع الأمير «محمد» الرياضة والترفيه في صلب جهوده الإصلاحية ضمن «رؤية 2030»، وهي خطة التنويع الاقتصادي التي أطلقها بنفسه في العام 2016.

ورسّخ الأمير الشاب هذه الصورة حين حضر مباراة لكرة القدم بين منتخبي المملكة السعودية واليابان هذا الشهر وأدت نتيجة فوز منتخب بلاده فيها إلى تأهل المملكة إلى بطولة كأس العالم المقبلة في روسيا عام 2018، للمرة الأولى من مونديال العام 2006.

وحيدا في المقصورة الرئيسية، صفق الأمير الشاب طويلا من خلف الزجاج المضاد للرصاص ما أن أعلن الحكم نهاية المباراة بفوز السعودية بنتيجة واحد لصفر، في ملعب الجوهرة المشعة في جدة.

وأمام عشرات آلاف محبي كرة القدم الذين حمل بعضهم صورة الأمير ووالده الملك «سلمان»، رفع ولي العهد شارة النصر، مبتسما للاعبين والجمهور.

«كريتسين ديوان» الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، تقول إن هذه الصورة «تعكس وجهين رئيسيين من أوجه حكمه: استقطابه للجيل الشاب، ودعوته إلى تعزيز الشعور الوطني».

قاعدة شابة

وذهب بعض المحللين إلى أن سعي الأمير «محمد» لاستقطاب الجيل الشاب في وقت تمر فيه المملكة بفترة انتقالية في مرحلة ما بعد النفط، يمثل فراقا مع الماضي، حين لجأ الحكام السابقون للاعتماد على الأجيال الأكبر سنا.

لكن النمو الاقتصادي البطيء والبطالة قد تقوض محاولات الأمير الذي يسعى إلى وقف الارتهان للنفط وتطوير القدرات الصناعية للمملكة، وتعزيز الاستثمارات الخارجية فيها، بهدف خلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص للجيل الشاب.

وفي هذا الصدد قالت الباحثة في معهد «تشاتم هاوس» البريطاني، «جين كينيمونت»، إن «سنه الشاب، ونزعته إلى اعتماد سلطة مركزية، وتغييراته السريعة في السياسة الخارجية، أزعجت بعض أفراد العائلة الحاكمة الأكبر سنا، بينما إجراءاته الاقتصادية أغضبت بعض التجار».

لكنها ترى أن بناء قاعدة تأييد شابة «قد يعوض» الأمير «محمد» عن غياب مؤيدين مؤثرين آخرين لطالما اعتمد عليهم الحكام السابقون.

ويبدو أن «بن سلمان» يسعى أيضا إلى تعزيز نفوذ الأمراء الشبان في دائرة الحكم الضيقة، مع تعيين نواب وزراء في العديد من الوزارات المهمة، وسفراء شبان أيضا.

ومن بين هؤلاء السفير في الولايات المتحدة الأمير العشريني «خالد بن سلمان»، شقيق الأمير «محمد»، الذي يقود البعثة الدبلوماسية في أهم سفارات المملكة في العالم.

وقبل أيام، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن السلطات السعودية بررت حملة القمع التي تقوم بها ضد المعارضة بمواجهتها المصالح الخارجية التي تهدد الأمن الداخلي. (طالع المزيد)

فيما قالت الغارديان البريطانية، إن بن سلمان يعزز سلطته بأكبر حملة اعتقالات لرموز المملكة. (طالع المزيد)

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان الملك سلمان بن عبد العزيز اعتقال الشباب